الفرق بين علاج نشوز الرجل ونشوز المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

الفرق بين نشوز الرجل ونشوز المراة

مقدمة

    يعتبر النشوز أحد تصرفات الأزواج المذمومة لأنها هدم لبناء نواة المجتمع وتفكيكها.  ولهذا أنزل الله الآيات التي توضح طريقة علاج نشوز كل من الزوج والزوجه. وأحسب أن الطريقة واحدة مع الاختلاف اليسير نتيجة للقوامة التي أعطاها الله للرجل.  ومن أجل توضيح الفرق بين طريقة اصلاح نشوز الرجل وطريقة اصلاح نشوز المرأة كان لابد أن يتم توضيح معنى النشوز وتوضيح أسبابه أولاً ثم توضيح طريقة علاج نشوز كل منهما ومن ثم توضيح الفرق. إن معنى النشوز هو الميل والإعوجاج عن الوضع الأصل وهو الميل عن أي وضع كان مستقيماً ومعتدلاً. وبناءً على ما أوضحه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رسم للصحابة خطين مستقيمين أمامه ورسم خطين مستقيمين عن يمينه وآخرين عن يساره وقال لهم إن الصراط الوسط هو الصراط المستقيم والخطان اللذان عن يمينه وعن يساره هما طريقا الشيطان. وإن الميل يميناً أو يساراً عن الصراط المستقيم هو ميل مع الشيطان. إذاً يكون معنى النشوز في حالة الزوجين هو ميل أحدهما عن إستقامته التي كان فيها مع الآخر أي عدم وفائه للعقد الذي بينهما والذي تم بلا إله إلا الله. وميله هذا هو المقصود بعدم العدل أي عدم الإعتدال الذي كان أساسه المودة والرحمة التي جعلها الله بينهما. فعندما ينشز أحدهما عن الآخر يكون قد استبدل المودة والرحمة بالكره وعدم الرحمة. وهذا المعنى يعضده تعريف البخاري للنشوز بالكره. وقبل أن نوضح علاج النشوز في القرآن يطرأ على الذهن السؤال التالي: لماذا جعل الله للنشوز علاجاً وكثير من الناس يعتقد أن القلب يقلبه الله والمحبة والكره من الله؟ والإجابة هي: إن الله يريد من المؤمن الصبر على قسمته إيماناً بوحدانيته وشكراً وحمداً له على نعمته التي لم ينلها  غيره لقوله تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}21 الروم.كما إن الله يريد من المؤمن أن ينشغل بعبادته ويترك الجري وراء متاع الحياة الدنيا. فالله الذي جعل المودة والرحمة بين الأزواج لينعم الناس بالاستقرار وينقطعون لعبادته. إذاً لا يمكن أن يجعل الله الكره بين الناس. فالذي يبعث الكره بين الناس هو إبليس الذي توعد ربه بأن لا يجد أكثر عباده شاكرين. فهو الذي يغوي العباد ليعصوا الله ما أمرهم وهو الذي يغري بينهم العداوة والبغضاء. فيستبدل إبليس المحبة والرحمة بينهم (التي هي صنع الله) بالعداوة والبغضاء (صنعه). وعندما ينقطع حبل الود الذي يربطهم وينعدم الأمن والاستقرار بين الناس ينشغلوا عن ذكر الله وعبادته. ولهذا أنزل الله علاجاً لنشوز الزوج وعلاجاً لنشوز الزوجة. لقد ورد الحكم في نشوز المرأة عن زوجها في الآية التالية:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}(34) النساء وجاء حكم نشوز الزوج عن زوجته في الآية:{ وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} 128 النساء. فكانت أحكام إصلاح نشوز الرجل واصلاح نشوز المرأة كالآتي:

حكم نشوز الرجل من زوجته                                      حكم نشوز المرأة من زوجه

 أن يحسن ويتقي كما وعظه الله                                   أن تحسن وتتقي كما يوعظها زوجها

 أن يصلحا بينهما بأن تهب المرأة                                 أن يهجرها الزوج في المضاجع

يومها ونفقتها لزوجها بأي صورة ترضاها الزوجة

 إصلاح النشوز والرجوع للاعتدال                               ضربها ضرباً غير مبرح

 إن أصلح فالحمد لله وإلا الفراق                                  إن أصلحت فالحمد لله وإلا الفراق

    لقد جاء حكم إصلاح الوضع تدريجياً في الحالتين وإن لم يحدث الإصلاح يجب عليهما أي الزوج والزوجة الأولى أن يتفرقا ليستقر مع واحدة وهي التي مال إليها فيفقد بذلك مغفرة الله.  وإن ما يثير المرء هو أن حكم الشريعة واضحاً ومع ذلك نسمع فتاوى العلماء مؤكدةً أن من تطلب الفراق عند نشوز زوجها هي آثمة!!! والآن نبحث الفرق بين حكم النشوزين وأسبابه: أولاً أن يتم وعظ الناشز إن كانت المرأة أو الرجل. ثانياً: المرأة الناشز يعظها زوجها لقوامته عليها. ثالثاً: الرجل الناشز يعظه الله لقوامته عليه. رابعاً:الوعظ للإثنين بالتذكير بتقوى الله وبالعدل والإحسان حتى يرجعا إلى صوابهما لقوله تعالى:”وإن تحسنوا وتتقوا “،”وإن تصلحوا وتتقوا”. فالرجل يعظه ربه والمرأة يعظها زوجها

ثانياً: حكم هجر المرأة في المضاجع يكسر من كبريائها ويكون وسيلة لتسهيل الإصلاح من الميل والنشوز. وكذلك حكم الصلح الذي تختاره الزوجه هو تنازلها من يومها ومن نفقتها للزوج  لأن قوامة الرجل عليها لا تسمح لها بهجره في المضاجع). ولهذا نجد أن هبة قسمتها من المبيت والنفقة للرجل لها نفس تأثير الهجر في المضاجع. لأن الزوج يشعر يشعر بنوع من الهزة في كبريائه لشعوره بأن التي رأى أنها لا تناسبه هي أيضاً غير مستكثرة منه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير!) فيسهل عليه إصلاح وضعه المائل. أما حكم الضرب المبرح هو الفرق الوحيد، الذي أحسبه قد ورد لأن المرأة قد خلقت من الضلع الأيسر للرجل. ونحن نعلم أن المياسر هي التي يدخل منها الشيطان ليؤجج نار الفتن.  إذن عندما تنشز يكون الشيطان قد تملكها وزين لها كره زوجها فيصير الضرب المبرح هو الوسيلة لطرده كما حدث في قصة سيدنا أيوب عليه السلام مع زوجته عندما شعر أن الشيطان قد بدأ يتملكها فقرر ضربها مائة جلدة. فأمره الله أن بحزم 100 قشه يضربها بها ضربة واحدة ليبر يمينه ويتخلص من شرور الشيطان. مما يدل على أن ضعف كيد الشيطان يظهر بأن ضربة واحدة بقشة تبعده.وأن الضربليس لأديب المرأة لأن ضربة واحدة كهذه لا تؤدب مخلوقاً ولكنه ضرب للشيطان. ومثال آخرلطرد الشيطان بالضرب هو ضرب سيدنا سليمان لخيله عندما علم بأن الشيطان قد شغله بحبهم. أما الرجل الناشز فيدخل له الشيطان عن طريق المرأة الأخرى التي يزينها له فتسحره ليجري ورائها وفي هذه الحالة لا ينفع ضربه هو. وذلك بناءً على الحديث التالي: (تقبل المرأة في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإن رأيت ما يعدبك فاذهب إلى أهلك فإنه يذهب ما في قلبك).إذاً هذا الحديث وقاية للرجل من النشوز أي كره زوجته والجري وراء أخرى مما يؤكد النهي عن التعددية والله أعلم.وأخيراً نجد أن عدم العدل أي الإعتدال مع الزوجة الأولى حباً ووفاءً لعقدها الذي أبرم بلا إله إلا الله يؤدي لعدم القسمة بالتساوي أي الصلح من أجل إعطاءالفرصة للزوج لاصلاح ميله. وإن لم يحدث الإصلاح والرجوع للاستقامة فعلى الزوجين الفراقوالله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »