رُؤْيَةٌ تَحْلِيْلِيَّةٌ لِلنِّسْوَةُ اللَّائِيْ قَطَّعْنَ أيْدِيَهُنَّ

رؤية تحليلية للنسوة اللائي قطعن أيديهن
قال تعالى في سورة يوسف:
وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35)
 
استدعت الآيات المباركات الكثير من العلماء وطلبة العلم والمسلمين عموما لأن ينظروا في هذه الآيات وبالأخص مشهد تقطيع الأيدي فكثر الجدل وتعددت الآراء ، فقائل أن (أعدت لهن متكأ) أي أوكأت أيديهن والتقطيع حدث للحبال التي اوثقتهن وهذا رأي فاسد عقلا ويتعارض مع مواضع في القرآن الكريم (على الأرائك متكئون) ، وهناك من قال انه قد يكون تقليد شعبي شائع لأن حكام مصر آنذاك هم الهكسوس الذين يعدون بدوا من العرب في الأساس ، والشائع لدى المفسرين أن امرأة العزيز أعطتهم فاكهة وسكينا لتقطيعها فأخذن بجمال يوسف عليه السلام فقطعن أيديهن بدل تقطيع الفاكهة ، وهنا يشكل على ذلك أمور عدة منها :
كيف علمت امرأة العزيز بأنهن سيقطعن أيديهن ؟ ولماذا قطعن أيديهن كلهن ولم يبق منهن من لم تفعل ذلك؟ ثم أن الفاكهة لم تذكر في الآيات الكريمة فما ذكر هو المتكأ (وهو موضع الجلوس الوثير ) والسكاكين التي وزعت عليهم ، وسأجمل بضع نقاط تؤخذ في الاعتبار ثم ابدا في سرد تحليلي لما تختزنه الآيات من معان ودلالات:
1- نتفق على أن الفاكهة ليست مذكورة ولم يرد نص صحيح يثبت ذلك.
2- مجتمع يوسف في مصر لم يكن مجتمعاً بدويا بل مجتمعاً متحضراً متطوراً بصورة ملحوظة واقتصرت البداوة في السورة على قوم يوسف وأهله في موطنهم والدليل قوله تعالى “وقد أحسنَ بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو” فمجيئهم من البدو أي أنهم أتوا لمكان غير مكان البدو وهذا يدل على أنهم أتوا إلى حاضرة وليس إلى بادية ، كما أن اشتغالهم بالزراعة والحصاد يدل على عدم انتمائهم لمجتمع البادية الذي يشتغل بالرعي وتربية الإبل والغنم وما يحيط بحياة البادية من مخاطر الوحوش المفترسة كالذئاب ومواطن سكناهم المتنقلة.
3- كما اعتدنا عليه في السياق القرآني فإن النص يتجاوز تفاصيل كثيرة ويركز على جزئيات معينة توضح الصورة ، والتي يتجاوزها كتاب الله ليست بذات أهمية مقارنة مع ما ذكر في الآيات ولكن من باب التدبر والتمعن والإبحار في القصص القرآني ونستغفر الله ان نجزم بأمر ليس على وجهه الصحيح، وعلى سبيل المثال فلم يرد موضع مراودة النسوة ليوسف واقتصرت السورة على تفاصيل مراودة امرأة العزيز وكيف حدثت.
 
سرد تحليلي للقصة على ضوء السياق القرآني
 
في هذه القصة نجد دلالات عظيمة فالله يقول (فلما سمعت بمكرهن) فحديثهن في عرض امرأة العزيز كان مكراً يهدف لإيقاع السوء والمكروه بها فيصل الحديث لمسامع العزيز فينكل بها وهذا من مكر النساء إن أردن السوء بمن هنّ فوقهن سلطة وجمالا وثروة بالوقوع فيه ونشر أسراره وإثارة الناس والمجتمع عليه حتى يصبح عرضه تلوكه الألسن فيؤدي ذلك لما يراد من سوء ، ما يبدو من خلال الآيات الكريمة أن ما حدث كان أن أدركت امرأة العزيز هذا المكر فأرادت أن تمكر بهن بأشد مما أردن هن بها فعقدت تحدٍّ بينها وبين النسوة بأنهن إن رأين أن امرأة العزيز معذورة في مراودتها لفتاها فينبغي أن يقطعن أيديهن بالسكين ، وهي ترمي من فعلها أن تقيم عليهن الدليل المادي لإدانتهن وبالتالي وضعهن في ما هو أسوأ مما كانت هي فيه فتصمت ألسنتهن عن الخوض في قصتها مع يوسف ، فلما دخل يوسف صار بيِّناً لهنَّ أن امرأة العزيز معذورة فيما فعلت فأنفذن ما عاهدنها عليه وقطعن أيديهن بإحداث جروح وقطوع بالسكاكين التي قدمتها لهن وقام عليهن الدليل كما شاءت وعبر القرآن الكريم عن تلك الدهشة بوصف موقفهن حين الرؤية فقال تعالى (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) والتعبير بقوله تعالى (أكبرنه) أي رأين أنه يفوق ويكبر عما كنَّ يعتقدن ويتصورن، والقول بقطع اليد بتراً قول فاسد ولا يستقيم فلا يقدر احد على بتر عضو من أعضاءه ولا يستقيم ذك عقلا ولا عرفاً ولا يوجد سابق حدث ان تتمكن امرأة او حتى رجل من بتر كامل اليد بشرايينها وأوردتها وأعصابها وعظامها وبماذا ؟ بسكين!.
ولكن ماذا يثبت هذا العقد بين النسوة وامرأة العزيز ؟ ، قول امرأة العزيز هو ما يثبت ذلك حيث قالت (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)
وهنا يتبين لنا تشفيها في النسوة بل وأنها عندما حققت ما أرادت وحدث تقطيع الأيدي أصبحن في محل الإدانة فأشركتهن في المؤامرة بأن صرحت بما كانت تخفيه لأنها لم تعد تخاف من الفضيحة فقد استجلبتهن للوقوع في الخطيئة بالدليل فاعترفت بمحاولتها ومراودتها ليوسف وصرحت أنها لن تتوقف عن هذا وستواصل المراودة واستعانت بهن لعل إحداهن تستطيع ان تغويه ولعله يهيم حباً بإحداهن فيفعل معها الفاحشة وعندها تستطيع إجباره أن يرتكب معها الفاحشة ، ولكن ما دليل ذلك ؟ دليل تعدي فعل النسوة من تقطيع الأيدي لممارسة المراودة هو قوله تعالى (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (33)
فلما تكاثر الكيد على يوسف وأصبح لا يطيق هذا الفجور جأر إلى الله أن يصرف عنه كيدهن الذي افتتحته امرأة العزيز بمجلس السكاكين فأجابه الله لما استحبه لنفسه فصرف عنه الكيد وجعله في السجن وسلمه من الوقوع في المعصية وهنا يجدر بنا أن نعرف الكيد الذي هو :
كل تَدْبِيرٍ لِفِعْلٍ خَفِيِّ أو ظَاهر يريدُ مِنهُ الكاَئِد دَفعُ المكيدِ أنْ يرتكبَ عملا ًسيئا ًأو جرماً وذنباً بإرادتهِ بدونِ جَبرٍ او إرغام.
فكان تدبير ظاهر وخفي لإيقاع يوسف في الفاحشة فلما استعصم من ذلك كله تحول الكيد إلى الفعل المباشر بسجنه ليستجيب لامرأة العزيز وللنسوة في ان يمارس معهن الفاحشة.
وعندما عبر رؤيا الملك طلب من ساقيه ان يسأل الملك عن سبب تآمر النسوة – وحددهن باللائي قطعن أيديهن دون غيرهن – ثم قال ( إن ربي بكيدهن عليم) أي إن كان فعلهن ومراودتهن خفيت وغابت عن الملك فإن الله جلت قدرته عليم بما فعلن وبمراودتهن فيقول تعالى :
(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)
وهنا لفت يوسف أنظار الملك إلى قضيته عندما أعرب عن احتجاجه على ما أصابه من كرب وسجن برفض المثول أمام الملك حتى يستعلم عن وقوع الكيد عليه من جماعة من النساء فأحضرهن بسمتهن التي وسمن بها أنفسهن وهو قطع الأيدي الذي دبرته امرأة العزيز ولو لم تعترف بإرادتها لما قام عليها دليل على فعلها ولكن النسوة أقمن على أنفسهن الدليل بتقطيع أيديهن فسهل على الملك إحضارهن ولكن امرأة العزيز اعترفت عندما استيقظ الضمير في داخلها فأنصفت يوسف
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)
وتبين للملك مدى استقامته وأمانته وتقواه وحفظه لنفسه من الوقوع في الفاحشة ولو ادى ذلك لسجنه والتنكيل به فكان ذلك سبباً وجيهاً أن يتسنم هرم الوزارة ويمضي أمر الله.
إن من أظهر الأدلة على خضوع نسوة المدينة لابتزاز وتهديد امرأة العزيز هو التحول المفاجئ في موقفهن فقد كن يلمن امرأة العزيز على تصابيها وخيانتها وضلالها المبين وينتقدن فعلها المشين ، يقول تعالى :
{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [يوسف:30]
فمالذي أدى لهذا التحول حتى أصبحن يفعلن فعل امرأة العزيز ويراودن يوسف وهن اللائي كن يسخرن من فعلها ؟؟ إنها القطوع التي في أيديهن والتي ابتزهتن بها ليرتكبن الفاحشة ويراودن يوسف لأجلها.
ملخص رؤية الموقف
سالخص فيما يلي تسلسل القصة حسب ما يظهر من النص القرآني الكريم:
1- أراد نسوة المدينة إيقاع الضرر بامرأة العزيز فوقعن فيها وفي ما حدث بينها وبين يوسف عليه السلام ليسري الخبر بين الناس ويعود عليها بالأذى.
2- سَمِعت امرأة العزيز بما كان منهن فأرادت أن توقعهن في السوء والفضيحة من جهة وتستعين بهنَّ في الإيقاع بيوسف من جهة أخری.
3- أعدت لهن مجلساً لامتهن فيه مما بدر منهن من حديث سوء بحقها وسألتهن أن يكفرن عما ارتكبن بحقها من إساءة.
4- آتت كل امرأة سكيناً وطلبت منهن إن كنَّ يلتمسنَ لها العذر بعد أن يشاهدن يوسف أن تحدث كل امرأة قطوعاً في يديها لقاء ما كان من حديث سوء ، وإن كن يرينَ عدم وجود ما يدعو للمغامرة بمراودته فلا يحدثن تلك القطوع .
5- عندما دخل يوسف بهرهن جماله وحسنه ورأين أنهن يستحقين العقاب رداً لاعتبار امرأة العزيز وأنها معذورة فيما فعلت فطفقن يقطعن في أيديهن.
6- كان فعل امرأة العزيز كيداً عظيماً ومكراً كبيراً بأولئك النسوة فلقد أقمنَ على أنفسهن الدليل المادي والبينة على أنهن اجتمعن على مراودة يوسف بوجود آثار للندوب لا يمكن مسحها بينما لم تكن تلك القطوع في يدها فتورطهن وتخرج هي نفسها من موضع اللوم وتضمن ان يتوقفن عن الحديث في عرضها.
7- استخدمت امرأة العزيز ذلك الدليل القائم البيِّن لابتزازهنَّ ودفعهنَّ لمراودةِ يوسف عليه السلام سعياً منها لإيقاعه في الفاحشة مع إحداهن وتجد بذلك المسوغ لفعل ذلك معها بنفس أسلوب الابتزاز الذي مارسته مع النسوة سيما وأنها مصرة على أن تستزل قدم يوسف عليه السلام ليرتكب معها الفحشاء.
8- برغم عدم ذكر موقف مراودة النسوة في السورة الكريمة إلا عندما جأر يوسف عليه السلام لربه تعالى ليصرف عنه كيدهنَّ فقد تبين أن امرأة العزيز نجحت بفعلها ذلك في حشد الغواية من خلال نسوة المدينة وبالتالي فقراءة النص القرآني يُنبئ عن شخصيةِ تلك المرأة وما كان من خبثها وإصرارها على هدفها المشين.
 ما أردت هنا إضافته هو ما يؤكد سنة الله في جزاء الخلق من جنس أعمالهم فعند استدعاء الملك ليوسف عليه السلام لم يرد الرسول متظلما من سجنه أو من مراودة النساء له بل استعمل الدليل المادي ذاته الذي أرادت امرأة العزيز استعماله لتهديد النسوة فأشار لتقطيع النسوة لأيديهن لأنها ندوب لا يمكن إخفاؤها وأدلة لا يستطعن طمسها فكان الدليل الذي أريد له أن يجرَّ يوسف عليه السلام إلى الفاحشة صار دليلاً على براءتهِ وعلى وقوع الكيد والسجن عليه ووصول الظلم والسوء إليه.
ومما يستفاد منه أن يوسف لم يطلق اتهامه على امرأة العزيز برغم علمه بوقوفها خلف تلك المؤامرة إما حفظاً للود مع الذي اشتراه وأحسن مثواه وحفاظا على سمعته وعرضه أو لعدم وجود الدليل على ضلوعها في المؤامرة بينما توفر الدليل على النسوة فكانت القطوع دليلا على فعلهن.
هذه رؤية  لموضع تقطيع النسوة لأيديهن ودلالات ذلك ودوره في القصة وكيف يمكننا أن نستجلي من سياق الآيات ما يحيط بهذا الحدث من وقائع في قصة يوسف وكيف استخدم وصفهن باللائي قطعن أيديهن في تحديد هويتهن وتعريف الملك بهن فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

18 تعليق

  1. تحليل رائع ودقيق استاذ عدنان ..
    بمعنى ان مسالة التقطيع ليس لانهم فقدوا الوعي من قوة جمال النبي يوسف ع عندما رأينه ولكن كان متفق عليها قبل رؤيتهن له اذا ما كان جميلا جدا كما وصفته لهم امرأة العزيز سيفعلون ذلك ..

    وبقي سؤال آخر ضمن سياق الاية وهو :
    وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ .
    هل كانوا يعرفن الله ويؤمنن به وبجمال بالملائكة وهم لم يروهم ؟ وما هو دينهن وعقيدتهن في ذلك العصر ؟
    ام هذا التعبير وصف للموقف من الله اورده للتعبير عما حدث ولم يقلن ذلك بالتحديد ؟

    وشكرا لك ومتمنيا لك المزيد من التدبر والتوفيق ؟

    1. قول النسوة ” إن هذا إلا ملك كريم ” ليس دليل على الجمال .. لأن لا أحد رأى الملائكة .. و لكنه دليل على العفة .. لأن الملائكة ليست لهم شهوة .. و يوسف عندما أعرض عن النسوة فكان تشبيهه بالملائكة .. حتى في كلامنا نقول للطفل الصغير بأنه ملاك دلالة على البراءة و ليس الجمال

      1. أخي الكريم
        أولاً : حياك الله وشكر لك .
        ثانياً : اسمح لأخيك إن قلت لك بأن كلامك غير سديد ابداً ، فلو كان يوسف عليه السلام ليس لديه شهوة فهذا له دلالتين :
        الاولى : أنه مريض وغير سوي لأن اختلال الشهوة واختفائها عند الرجال مرض يستدعي الطب والعلاج.
        الثانية : أن يوسف عليه السلام عندما رفض اغراء امرأة العزيز لم يكن في ذلك اي فضيلة فهو ترك الشهوة ليس مغالبة للنفس مخافة الله بل لأنه لا يشعر برغبة ولا شهوة وكل ذلك محال في حق الأنبياء وفي حق سيدنا يوسف عليه السلام.

        أما وصف النساء بأنه ملك كريم فالمقصود أنه جمع صفات الكمال البشري من كمال الخلقة والخلق فكان في كماله كأنه ملك لأن الملائكة لا يتصفون بصفات السوء ابداً فلا يكذبون ولا يفحشون ولا يعصون ولا يمدون أعينهم في الحرام ولا يعصون الله ابداً ، فكان ذلك بجانب صفاته الجسمية المميزة مؤشراً لكمال نادر لذلك وصفنه بالملاك الكريم.
        ارجو أن يكون في ذلك توضيح لمقصدي وفقك الله

      2. لا . ان سيدنا يوسف عليه السلام انسان ذو شهوة ، وإلا لما قال ” وان لم تصرف عني كيدهن اصب اليهن ” بمعنى امل الى رغباتهن بحكم بشريتي . فقول النسوة ان هذا الا ملك كريم لكثرة النور في وجهه والنور دليل الوسامة والجمال

  2. حياك الله اخي المبارك
    نعم ، هذا ما يتبين من السياق فالمسألة مكر من امرأة العزيز بالنسوة اللائي خضن في عرضها ، وإقامة للحجة المثبتة عليهن فلا يملكن امام هذا المستمسك والقطوع التي في أيديهن الا الاذعان لامرأة العزيز ومساعدتها ارغاماً لتنفيذ خطتها ومحاولاتها لإغواء يوسف عليه السلام حتى قلب مكرها عليها فكانت تلك القطوع دليل ادانة لامرأة العزيز والنسوة ودليل براءة ليوسف وتحقق قوله تعالى “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” وهذا هو أصلا محور السورة التي استعرضت أصنافا من الكيد والمكر وكيف ان الله تعالى رده بالسوء على أصحابه.

    بالنسبة لإيمان بعض أهل ذلك الزمان استدلالا بقول النسوة فنقول نعم ، فهذا مقتضى الآيات الكريمة ويتبين بالقرينة من هذا الموضع ومن قصة يوسف مع صاحبي السجن يتبين تنوع المجتمع المصري آنذاك من موحدين ووثنيين ونحو ذلك من الديانات ، وطالما قاله الله تعالى فقد صدق الله وقالها على وجه الحقيقة كما قيلت.
    بارك الله فيكم وتقبل منا ومنكم

    1. سيدنا يوسف قال للسجينين(اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار)دليل على وثنيتهم
      وقوله تعالى (في دين الملك )اي شريعته
      موضوعك في فكرة التقطيع جد رائع وتفسير اقرب للعقل مما كنا نقرأ
      جزاك الله خيرا

  3. كل الاحترام لهذا الطرح وهو فعلا الطرح المنطقي المقبول عقلا
    وليس في القصة فاكهة ولا اكرام ولا ما يحزنون
    وقوله تعالى قطعن بتشديد الطاء دليل على تعمد التقطيع
    احترام لشخصك الكريم وعقليتك وبصيرتك
    زادك الله علما وانار بصيرتك

  4. استفسار من حضرتك لو تكرمت
    حضرتك ذكرت
    الكيد الذي هو :
    كل تَدْبِيرٍ لِفِعْلٍ خَفِيِّ أو ظَاهر يريدُ مِنهُ الكاَئِد دَفعُ المكيدِ أنْ يرتكبَ عملا ًسيئا ًأو جرماً وذنباً بإرادتهِ بدونِ جَبرٍ او إرغام.

    وقد ورد ان الله يكيد
    والمسلمون فى حروبهم كانوا يكيدون
    وفى قصة هند مع عبد الملك بن مروان مايدل على كيدها له ليعاملها كزوجة ( فى الفراش )

    فحسب فهمى القصير للكيد انه لفظ لا يتصف لا بخير ولا بشر ولكن الغاية والهدف منه هو ما يجعلنا نحكم عليه .
    اعتذر ان كنت اقول برأيي فى وجودكم
    لكم خالص التحية

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      حياك الله اخي ادريس وأنار الله بصيرتك وفتح عليك من علم كتابه إنه هو الفتاح العليم
      الكيد في عمومه كما تفضلت اتيان عمل يستفز او يدفع الشخص المعين للقيام بعمل لم يكن يفعله لولا تَقْدِمَةٌ جعلت يفضي الى ما أفضى اليه ، وأتفق معك بأن الكيد فعل مجرد من الوصف بالخير او بالشر ، فليس الكيد شر مطلق ،لا خير مطلق فالمسألة نسبية وقد قلت في تعريف المكر والكيد والخداع في غير هذا الموضع ما نصه :
      “ولا يمكن أن نقول أن المكر والكيد والخداع شر أو خير ، بل كلها حالات لها أركان إذا تحققت سميت مكراً أو كيداً أو خداعاً ، أما الخير والشر فما يكون شراً على أحد قد يكون خيرا على ضده ، فخديعة العدو في الحرب خير للمؤمنين شر على الكافرين والعكس صحيح وقس عليها بقية الأفعال ، فعند التأصيل للمسألة ينبغي علينا أولا أن نعلم أن كل حالة من تلك الحالات لها أركان كما أسلفت إذا تحققت سمّي كل أمرٍ باسمه ، ولكن البشر ربطوها في أذهانهم بالشر لأن كل ما يدبر في الخفاء من البشرِ شرّ في معظمهِ فاصطبغت بتلك الصبغة وصارت ذميمة في نظر الناس.”
      وفقنا الله واياكم لفهم القرآن على الوجه الذي اراده ربنا جل وعلا والله يرعاكم

  5. بصراحة يا استاذى الفاضل
    كلمات حضرتك اكبر من انها فقط على صفحات الانترنت
    بل اننى اتمنى أن يكون فى حسبانك أن تجعل ذلك فى كتاب يتداوله الناس فرغم صيت الانترنت الا ان الكتب ايضا ما زالت لها صيتها .
    وان كنت قد فعلت فدلنى

    1. اخي المبارك
      شكر الله لك حسن ظنك بأخيك ، انا أقل مما تفضلت و إنما نشرت هذه الابحاث بحثا عن النقد والتصويب ، وقد جهزت كتابا يجمع مقالات المدونة وكلما هممت بطباعته استجدت مقالات وأبحاث أخرى ولكن نسأل الرحمن التيسير والتوفيق لإخراجه.

  6. بارك الله تعالى فيك أخي الكريم .. وجزاك الله خيرا .. ولكن لي تعقيب على كلامك ..
    أولا كيف للنسوة من أن يعرفن بخبر مراودة امرأة العزيز ليوسف عن نفسه .. إذا ما كنت هن من الأساس ممن لا يعرفن يوسف ولم يروه من قبل هذا .. وكيف لامرأة العزيز من أن تعرف خبر هؤلاء النسوة من الأساس ومن ثم تأمر بحضورهن إلى مجلسها .. ولما أراد النسوة كيدا بامرأة العزيز ..
    ثانيا هل كانت هي من أرسلت هؤلاء النسوة إلى المدينة لينقلن خبر مراودتها ليوسف عليه السلام عن نفسه ..
    ثالثا تفسيرك لتقطيع أيديهن فيه الكثير من المنطقية والعقل ولكنه إن كان كما قلت أنه كان فيه من التوعد من امرأة العزيز لهن بأن تجعلهن يقطعن هن أيديهن يملك إرادتهن لكان جعلهن هذا يتصنعن عدم الاكتراث في حال رؤيتهن ليوسف عليه السلام .. ولكن هناك تفسير أكثر منطقية وعقلا منه .. وهو أن الإنسان المتكئ هو في وضع راحة وسكون حيث ينعدم فيه وضع الحركة من الإنسان إلى الوضع الآمن .. وحينما ينتقل الإنسان من وضع السكون الآمن لوضع الحركة النشط لابد وأن يحدث من ثم خللا بين في حركة الإنسان مما يستوجب ذلك اصطدامه لما حوله من الأشياء .. مثالا على ذلك .. فأنا حينما أذهب إلى بيتي من بعد انتهائي من دوام العمل وبعد الأكل والشرب والاغتسال .. اتكئ على أريكتي لكي أفرد جسمي وظهري فأكون في وضع سكون آمن لا حركة فيه .. وإذا لا قدر الله سمعت صراخا أو استغاثة من جار لي يسكن أمامي استفزني ذلك الصوت وجعلني أذهب إليه ولكن بانتقالي من وضع السكون الآمن إلى وضع الحركة النشط المضطرب يجعلني ذلك اصطدم بالأشياء من حولي سواء كانت منضدة أو مقعد أو بكلاهما معا إذا ما كانا بجواري ومن ثم من واقع هذا الاصطدام .. يجعل كل ما عليهما من أكواب وأشياء كانت ذات قيمة أو لم تكن ذات قيمة تقع جميعها على الأرض نتيجة لاصطدامي بما كانت عليه هذه الأشياء .. ولربما جرحت يدي وخبطت قدمي بهذه الأشياء .. وكذلك فعلت امرأة العزيز مع النسوة حيث آثرت دون وأن تخبرهن بحقيقة مرادها منهن من أن تعد لهن متكأ آمنا بوضع سكون آمن مائة بالمائة .. ومن ثم وضعت بجوار أيديهن التي كانت متكأتين عليهن سكينا .. فبانتقالهن من وضع السكون الآمن إلى وضع الحركة النشط المتخبط جعلهن يقطعن أيديهن .. وواضح الأمر ذلك من قولها ليوسف عليه السلام اخرج عليهن ولم تقل أدخل عليهن .. فكان الخروج بمثابة الدخول عليهن .. ولكن فيه إشكالين :- أولا : أن خروج الشئ فيه نوع من أنواع المفاجأة .. وإنما الدخول يستلزم إذنا منه بالدخول .. فإن كان يوسف عليه السلام استأذن ليدخل إليهن لاعتدلن جميعهن في جلستهن وانتقلن من الوضع الآمن من السكون إلى الوضع الأكثر آمانا من الحركة ولما كن قطعن أيديهن .. ثانيا : أن جعلت امرأة العزيز في دخول يوسف عليه السلام عليهن بمثابة الخروج من دون وأن تخدش حيائهن فكان مروره مرور عابر لا يلتفت إلى شئ فدخل من باب وخرج من آخر في لمح البصر وكأنه كان مارا في طريق دون وأن يلتفت يمينا ولا يسارا .. مما دعاهن هذا لأن يخطف أبصارهن فجعلهم من دون قصد ينتقلون من الوضع الآمن من السكون إلى الوضع الأكثر اضطرابا من الحركة والنشاط .. مما جعلهن هذا لأن يقطعن أيديهن بأن ضغطن على ما جانب أيديهن مما وضعته بجوارهن من السكين ..
    وهناك كثير من الأخطاء قد وجدتها ولم أستطيع الجواب عليها لكونها سوف تستلزم مني شرحا وافيا لسورة يوسف كاملة .. وهذا ليس في وسعي الآن .. ولكن إذا ما أردت وأن تعرف بإذن الله تعالى سيرة وقصة يوسف عليه السلام .. فهلا ساعدتني على نشر تفسيري لها .. في كتاب كي يعم النفع والخير المسلمين ..

  7. مشكور على هذا التحليل السليم.
    لقد كنت دائما أتوقف عند “قطٌعن” وأتساءل عن التشديد . لماذا ذكر قطٌعن بدأ قطعن ، وكيف يستقيم تفسبرها مع من ذكر أنهن قطعن أيديهين خطأ عوض الفاكهة. فيمكن للانسان ان يقطع أو يجرح نفسه عن طريق السهو والخطأ ، وحتى إن كان هذا صحيحا، فلن يكون متزامنا بين كل النسوة . وستمتنع وتنتبه ولو واحدة منهن للالم وتتوقف. ولكن تفسير تقطيع الايادي وإعادة التشويه مرات يمكن ان يستقيم مع ما تفضلتم بذكره . يعني باتفاق مسبق وتحدي بينهن . فكيد امراة العزيز بالنسوة كان سببه درأ الفضيحة وهي سيدة القوم. مع أنه يوجد شاهد من أهلها قد شهد بالادلة على براءة يوسف وأنه لم يحصل أي شيء بينهما عندما إختلت به وغلقت الابواب ولكن لا يمكنها ضمان صمتهن وعدم الحديث في سيرتها وتشويه سمعتها ، فكان إشراكهن في الأمر أفضل الحلول ساعتها وقد تكون وعدتهن بأنها ستدعوا “فتاها، أي عبدها” ان يشبع رغبتهن إن قطًعن أيديهن كما إتفقن مسبقا وقد تكون مقتنعة بأن يوسف قد يمتنع عن الفاحشة لما رأته من عفة فيه عندما خلت به عندما راودته عن نفسه فامتنع لذلك رأت أن يكون السجن جزاءا له ومخرجا لها من التحدي كونها لن تتمكن من الايفاء بعهدها وإجباره على الفاحشة معهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »