لَفْظةٌ قُرآنيَّة ؟ أمْ مُفْرَدَةُ قُرْآنيَّة ؟

ينتشر في المجتمع العلمي الإسلامي عامة والقرآني خاصة تسمية مفردات القرآن بألفاظ القرآن وعند بحثي في قاعدة بيانات أوعية المعلومات القرآنية الذي يهتم بتصنيف وحصر البحوث والرسائل والمصنفات القرآنية وجدت مئات النتائج التي تسمي المفردات القرآنية “ألفاظ”.
ومن منطلق تنزيه القرآن الكريم فإني أعتقد أن تسمية “ألفاظ القرآن” تسمية غير لائقة بكتاب الله العزيز ، فاللفظ هو أسوأ ما ينطق ابن آدم من كلام تنطقه شفتاه من كلامه أو كلام نظرائه، ففي المعاجم (لفظ) قذف ورمى ما في فمه، ورمى ما في فمه من غير ريق ، وكل كلام البشر المنطوق ألفاظاً ، ففيه الغث والسمين ، وفي كتاب الله أتت مرة واحدة في سورة ق إذ يقول تعالى { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق:18] وكانت في سياق تدوين ما يتلفظ به الإنسان من عنده فيحسب له أو عليه ، يلفظه فيرميه غير آبه به ، والأظهر أن السياق يوحي بالسيئ من الألفاظ مما سيحاسبه الله عليه.
ومن ذلك فلا ينبغي أن تسمى مفردات القرآن الكريم (ألفاظا) لعدة أسباب:
أولا: فكلام الله المنزل لم يلفظه بشر ولم يبتكره إنسان بل هو موجود من الأزل أنزله الله على عبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتكلم به ونطق بآياته وتكلم بمفرداته.
ثانياً : أن من يتلو كتاب الله يقرأه بعد أن قريء وتُلِي و هناك فرق بين لفظة يرميها قائلها من بنات أفكاره فينساها ويدونها الرقيب عليه وبين كلام الله المنزل المنطوق على لسان نبيه ووصفه باللفظ فيه مساواة بينه وبين كلام البشر ، ولم يأت في القرآن ولا السنة تعبير اللفظ فيما يخص مفردات القرآن الكريم وآياته فمن أوجه التكريم أن القرآن يقرأ ويتلى ولا يقال (يلفظ).
ثالثاً : أن تسمية وحدات النص القرآني الشريف (بالحرف ، المفردة أو الكلمة ، السورة) ينبغي أن تكون تسميات ثابتة وطالماً كانت اللغة والبيان هما الصورة المعجزة لهذا التنزيل الحكيم فقد وجب علينا العناية بتسمية مكوناته بأفضل وأنسب ما تجود به لغتنا العربية الثرية ، بل وحتى عند ترجمة تلك العلوم مصطلحاتها فإنها يجب أن تنتقى بعناية وحذر.
وبناءً على ذلك فإني لا أرى صحة استعمال كلمة “لفظ ، ألفاظ ، لفظة” عند الحديث عن كلمات القرآن الكريم ومفرداته وانفر من رؤيتها في مصنفات القرآن والتفسير خاصة ، وأرى أن يجتهد الباحثين وطلبة العلم وأساتذتهم بضرورة العناية بمراجعة تلك التسميات والاصطلاح على الأنسب والأفضل والأجمل منها .
والله أعلى وأعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

تعليقان

  1. السلام عليكم بخصوص كلمة لفظ أوافقك في الحديث يبقى شرار الناس تلفظم أرضوهم
    اما مفردة لم نسمع الله يقول مفرداتي بل قال كلماتي قل كلمات الله
    ورد المفرد بمعنى الواحد الضعيف … ربي لا تذرني فردا . ولقد جئتمونا فرادى .و.. اتيه يوم القيمة فردا

    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      حياك الله أخي معوض
      صحيح ، ولو استعملت المفردة طالما لم تكن لها دلالة سلبية ، فأهل اللغة يستعملون “مفردة” للكلمة المجردة كوحدة لغوية ولكن الأفضل كما تفضلت أن تستعمل كلمة بدلا منها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »