مَرَاتِبُ الدِّيْن ، مَفَاهِيْمُهَا فِيْ ضَوْءِ القُرْآنِ الكَريْم وَ السُّنّة المُطهَّرة (13)

الشعبة الثامنة

أن يكون رسول الله أحب إليه من أهله وولده والناس أجمعين باتباعه وإطاعته.

إن محبة النبي ﷺ تنشأ من الإيمان بالله فيحب المؤمن ما أتى من الله ومن أتى بأوامر الله وبذلك فإن حب النبي ﷺ برهان تحقق الإيمان ، فاتباعه ﷺ والاستنان بسنته تطبيق عملي على تحقق الإيمان ، يقول تعالى :

{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران:31]

والإيمان ينتفي عن العبد ما لم يكن النبي ﷺ أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ، وهنا فإن هذا الحديث فاصل حاسم بين الإيمان وبين النفاق  ، ودليله في الحديث التالي :

عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)).

فمعيار الإيمان والنفاق هو مستوى محبة الله ورسوله مقابل محبة الدنيا بكل أثمانها وأموالها وشخاصها من أهل وولد فإن وجد الإنسان نفسه يفضل الركون لملكه وماله عن الجهاد في سبيل الله ، سواء قتالاً أو مقاومة للنفس لردعها عن الشهوات ، فمن لم يرجح حبه لله والرسول فأنت على شعبة من النفاق وتعد من ضمن الفاسقين.

{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (24) التوبة

ناقضها:

إن رجحان حب الدنيا على حب الله ورسوله كافية لتصنيف المرء من أهل النفاق ، ولكن من أشد النفاق إيذاء النبي ﷺ بالانتقاص والإساءة ويدعي أنه من المسلمين.

{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة التوبة، الآية: 61]

إيذاء الله والرسول بالسب والانتقاص يورث اللعن والطرد والابعاد من رحمة الله ، فكان كل ذلك مما يصنف المرء من أهل النفاق.

{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } [الأحزاب:57]

الشعبة التاسعة

طاعة أولي الأمر

لقد جعل الله ولاية الأمر في المجتمع الإسلامي صمام أمان للناس من نمو الفوضى وظهور الإجرام وتحقيق العدل وفرض حكم الله في الأرض ، فكانت طاعة ولي الأمر دليل من دلائل الإيمان والعصيان والفتنة من دلائل النفاق لما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة تنهار بسببها الأمم وتضيع الضروريات الخمس ويفتقد الأمن ، فكان ذلك من أشد شعب النفاق ضررا على الأمة والدولة ، وطاعة ولي الأمر هو وسيلة تحقيق استقرار المجتمع المؤمن وسلامة أعضاءه وأمنه ورفاهيته.

لقد أمر ربنا سبحانه وتعالى بنداء المؤمنين ودعوتهم إلى طاعة الله وطاعة الرسول وولاة الأمر ، فكان النداء الإيماني دليل انتماء هذا الأمر ومن يأتيه إلى شعب الإيمان ، وانتماء نقيضه بالضرورة لشعب النفاق وأهله ، يقول تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء:59]

ناقضها :

إن نشر الفتنة وتحريض العامة على العصيان والعدوان على الأبرياء ومنازعة الأمر أهم أسباب الفشل وذهاب القوة وحلول الفساد والخراب ، وإن كانت طاعة ولاة الأمر والمناجاة بالمعروف والإصلاح من شعب الإيمان وأسبابه فإن نقيضها هو من شعب النفاق وأسباب نشوئه في المجتمعات ، يقول تعالى :

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [المجادلة:8]

{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران:132]

وقد وصف الله تعالى أولئك المفتنين من المنافقين المفرقين بين المؤمنين فقال تعالى:

{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [التوبة:107]

فحملت هذه الآية الكريمة أظهر الأدلة على انتماء العصيان والفتنة لشعب النفاق.

الشعبة العاشرة

الصدق واجتناب الكذب

يقول تعالى :

{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ } [يونس:2]

إن للمؤمنين قدم صدق عند ربهم ، والصدق شعبة من شعب الإيمان وناتج من نواتج اليقين بوجود الله ، فالمؤمن ينفر من الكذب ويفرق منه لعلمه وإيمانه بإن الكذب ولو خفي عن الناس فهو لا يخفى عن الله فالصدق قرين الإيمان.

يقول تعالى :

{ لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا } [الأحزاب:8]

وهنا صورة من صور المقابلة بين الكافرين والصادقين ، فالصدق صنو الإيمان ورديفه والكذب صنو الكفر والنفاق.

{ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [الزمر:33]

فأثبت الله الصدق للمتقين ، وهم من يأتي الطاعات ويتجنب المحرمات اتقاء عذاب الله وغضبه واشفاقا من سخط الرحمن ، فوجب أن يتلازم الإيمان بالصدق بالتقوى وذلك هو الإحسان وكمال الإسلام.

{ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}  (17) آل عمران

إن المقرين بالإيمان يتوسلون بإيمانهم لنيل المغفرة ويسألون ربهم الوقاية من العذاب فوصفهم الله تعالى بالصبر والصدق والقنوت والبذل وكثرة التوبة والاستغفار ولكن طلب المغفرة يكون في خلوة بينهم وبين خالقهم في وقت السحر فلا رياء ولا نفاق بل انقطاع عن الدنيا واتصال بالله بإيمان ويقين.

{ قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [المائدة:119]

وهذه الآية الكريمة من مثاني قوله تعالى (ليسأل الصادقين عن صدقهم الآية) فهو جل وعلا يسأل أهل الصدق و الإيمان عما يقال فيهم في الدنيا وما ينسب إليهم – وهو تعالى أعلم- ولكنه يستنطقهم أمام الأشهاد ليثبت افتراء المفترين عليهم ، كما هو الحال مع نبي الله عيسى إذ يقوم أمام الأشهاد مكذبا من يدعي أنه قال بألوهيته أو بنوته لله تعالى عن ذلك ، فتقوم الحجة بذلك على المفترين.

ناقضها:

الكذب نقيض الصدق ، وبالتالي هو نقيض الإيمان ، وأشد الناس كذبا هم أهل النفاق وحياتهم مغلفة بالدين يظهرون الطاعة ويتلبسون بلبوس العمل لإيهام الناس بأنهم من أهل الإيمان ، وهم في حقيقتهم لا يؤمنون ، يقول تعالى :

{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [النحل:105]

ويشترك الكفار والمشركين مع أهل النفاق في تمكن الكذب من قلوبهم وانتفاء الإيمان عنهم ، فيدعون لله شركاء ويعيدون معه ما لا يكافئه ولا يستحق العبادة فكان أسوأ الكذب وأشده ضررا بصاحبه.

والكذب شعبة من شعب النفاق ، لذلك كان من علامات النفاق ، قال رسول الله ﷺ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) فكان الكذب أس البلاء عند المنافقين لأن النفاق يقوم أصله على الكذب ، ثم يجر بقية الخصال الخبيثة  ، فيصفهم الله بكذبهم فيقول تعالى: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } [البقرة:10]

والنفاق نقيض الصدق بلا ريب فالله تعالى يقول :

{لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) [الأحزاب]

وفي الأثر الموقوف عن ابن مسعود رضي الله عنه : (الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ ) وما ذلك إلا لأن حديث الغناء والشعر جله كذب ، واليوم لمّا اختلطت المفاهيم وغابت حقائق الإيمان وحقائق النفاق تحت مفهوم مراتب الدين المبتدعة استمرأ الناس الكذب واستمرأوا الشعر والغناء ولم يعودوا ينكرون كذبه وهزله فاستوى الإيمان والنفاق في أذهانهم .

إننا في العصر الحاضر نرى الكذب في كل مكان حتى أصبح مستساغاً لا يتنزه منه أحد ، وأصبح يدخل في كل حديث ، بل تجد أن هناك من الدعاة من يتناقل القصص المكذوبة بلا تحري لمصدرها ولا تأكد من صدقها، وأعتقد أن تربية المجتمعات بأسرها على مراتب الدين بصورتها التي ندعو لنقضها اليوم كانت هي التي مررت هذا التمييع لمسالة النفاق وما يتبع لها من شعب وخصال ذميمة وعلى رأسها الكذب ، والله المستعان.

ولن ينحسر مدّ الكذب والتزييف الجارف والنفاق الذي يجتاح حياتنا ومجتمعاتنا ، صغارنا وكبارنا ، صالحينا و مصلحينا إلا بوقفة حقيقية لنقض مراتب الدين وتصحيح هذا المفهوم و سنحتاج لأجيال وجهود إصلاحية حثيثة للقضاء على هذه الآفات القاتلة لجسد الأمة.

الشعبة الحادية عشرة

الهجرة والقتال

القتال في سبيل الله من أعظم دلائل الإيمان ، فالنفس من أنفس ما يملك المرء ، فإن بذلها في سبيل الله تعالى وإيمانا وتصديقاً بوعده وخشية من وعيده فقد أتى أعظم الأعمال وأجلها ، ذلك إن كان هذا القتال على ما تقتضيه ضوابط الشريعة المطهرة.

إن الجهاد جهادين ، والهجرة هجرتين ، فالجهاد الأول مقاومة نزوات النفس وشهواتها ، والجهاد الثاني هو مقاومة أعداء الدين بالسيف واللسان وبكل وسيلة مشروعة لمنعهم من الإضرار بالدين وإيقاف مسير الدعوة ، والهجرة الأولى نبذ أهل الباطل واعتزالهم ، وترك الشهوات والعقائد الفاسدة وهجرها ، والهجرة الثانية بالانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان ، يقول تعالى :

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [الأنفال:74]

ومن واقع الآية السابقة فإن الجهاد والهجرة والإيواء والنصر تتطلب تحقق الإيمان ، فإن تحقق الإيمان كان فعلهم تحقيقاً لهذا الإيمان وإثباتاً لصدقه وصفاءه.

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الأنفال:72]

ناقضها:

القعود والتولي يوم الزحف نقيض الهجرة والقتال، فخشيتهم على أنفسهم مرده غياب الإيمان عن قلوبهم وتمسكهم بالحياة الدنيا والمال والولد وكراهة لقاء العدو والخوف الشديد من القتال لتمكن النفاق في قلوبهم ، ففي كان القتال والهجرة من علامات الإيمان وشعبه فإن القعود من علامات النفاق وشعبه ، يقول تعالى :

{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } [آل عمران:167]

ويقول جل شأنه في بيان فرارهم وتوليهم يوم الزحف :

{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}    (13) الأحزاب

وبذلك كان القعود عن القتال والهجرة من شعب النفاق وعلاماته لمناقضتها شعبة من شعب الإيمان .

الشعبة الثانية عشرة

الدعوة

إن المؤمن يسعى لإنقاذ الناس من مصير السوء والموت على الضلال والكفر ، فتراه يدعو إلى الله سعياً في رضاه وتنفيذاً لأمره جل جلاله وأمر نبيه وامتثالاً لواجب المسلم وإشفاقاً على الناس  ، وهذا من ثمرات إيمانه بالله بلا شك ، يقول تعالى :

{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ   صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت:33]

والمجتمع المسلم يجب أن يقوم منه من يسعى للدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإذا قام كل فرد مؤمن بواجبه بالدعوة والموعظة الحسنة مستهدفاً من هم خارج دائرة الإيمان والإسلام من ونشر الإيمان بالله وفي ذلك الفلاح يوم القيامة.

{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران:104]

ناقضها:

الصد عن سبيل الله ، فطالما غاب الإيمان عن النفس واستوطن النفاق فلن يسعى المنافق لهداية الناس لأن الهداية غائبة عن قلبه ، والمنافق تراه دوما يحمل من القيم والمبادئ ما يناقض بها قيم المؤمنين ومبادئها وأهم مبادئ الدين هي الدعوة فكيف يدعو لما لا يؤمن به أصلا .

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } [النساء:61]

{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [المنافقون:2]

أي جعلوا يمينهم الكاذب بقولهم (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) جُنَّة يتقون منكم بها ، ثم بدأوا يصدون عن سبيل الله يحرفون الناس عن الحق والإيمان.

 

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »