مَرَاتِبُ الدِّيْن ، مَفَاهِيْمُهَا فِيْ ضَوْءِ القُرْآنِ الكَريْم وَ السُّنّة المُطهَّرة (1)

مَرَاتِبُ الدِّيْن ، مَفَاهِيْمُهَا فِيْ ضَوْءِ القُرْآنِ الكَريْم وَ السُّنّة المُطهَّرة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده                                أما بعد

لا يخفى على كل مسلم بأن أول ما تلقاه في دراسته المبكرة أو في حِلَقِ الذكر وتعليم القرآن هو مراتب الدين ، وما سمي بأصول الدين وهي مفاهيم أساسية لها نصوص مرجعية في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قرأها علماؤنا الأجلاء و استنتجوا منها قواعد كلية تشرح معاني الإيمان والإسلام والإحسان والفرق بين كل مفهوم منها ويردون شروحهم لفهمهم للنص القرآني ، وألفوا المؤلفات وصنفوا المصنفات وحبّروا الصفحات تأسيساً على هذا الفهم البشري للإيمان والإسلام والإحسان حتى بات ذلك المفهوم هو الأصل والأساس في تعليم النشء وتأسيسهم في سنيّ تعليمهم الأولى .

وينقسم بحثي إلى ثلاثة مطالب:

المطلب الأول : معالم الدين ومراتبه وأصوله لدى أهل السنة والجماعة وعرض لأقوال العلماء رحمهم الله في مفاهيم الإسلام والإيمان والإحسان عرضا مجردا وهو المفهوم السائد الأوسع الذي يشمل معظم طوائف المسلمين ويتكون هذا المطلب من ثلاثة فروع ، الأول عرض مراتب الدين الثلاث وأصلها الشرعي المستند عليه وهو حديث جبريل عليه السلام وكذلك منزلة هذا الحديث عند أهل العقيدة ، والفرع الثاني ويعرض أقوال السلف في تأصيل مفهوم التراتب على الوجه الذي نقوله من خلال مصنفاتهم وشروحاتها ، ومن ثم تفصيل كامل لهذا التأصيل في الفرع الثالث من خلال نقل كامل لما احتوته موسوعة الدرر السنية لمراتب الدين.

المطلب الثاني : أوجه الخلل في المفاهيم التقليدية للإيمان والإسلام والإحسان ونقاط التلاقي والافتراق عن حقيقة الإسلام وفق التنزيل الحكيم ، وهنا تطرح أسئلة كبيرة تعكس حجم التناقض بين  تلك المفاهيم وبين الحقائق القرآنية ، ويشمل هذا المطلب بيان قدسية هذا المفهوم لدى طوائف الصوفية وكيف ان هذا التراتب هو أصل هام عندهم لتبرير رفع الأولياء لمقامات تفوق من هم سواهم ، وكيف أن الناس مصنفين عندهم الى عوام وخواص واولياء بناء على هذا التراتب.

المطلب الثالث : حقيقة الدين وأصوله ، وهو تصور آخر لتلك المفاهيم يمكن من خلاله تحقيق التوافق مع التعاريف القرآنية للإسلام والإيمان والتصور الذي يخلو من الخلل الذي يشكل على المفاهيم التقليدية ، وإجمالا يتحقق من خلال هذا المفهوم و التأصيل العقدي للاسلام والإيمان يحقق الأوامر الربانية ويتفق مع العقل الباطن والضمير الذي لا يواجه مع هذا التأصيل اي صورة من صور التناقض الضارة.

وعندما راجعت تلك المفاهيم والتعريفات التقليدية ، وتلك النصوص والصفحات عجبت كيف أننا على مدى مئات السنين نتلقى هذا التقعيد جيلاً يتلوه جيل لم نلتفت إليه ولم نراجع هذا الفهم ولم ندرك جوانب الخطأ فيه ؟ ، كيف استقبل المسلمين هذا الفهم بالتسليم التام، والعلماء بالاستيعاب والقبول بلا مراجعة ولا فحص ولا تدقيق لما يُكْتَب ويُلَقّن لأجدادنا وآبائنا و لنا ولأبنائنا وأحفادنا ؟ ، فأردت أن اقتحم هذا الباب وأتناوله بالمراجعة على ضوء النص القرآني فوجدت الأعجب والأغرب ، وجدت أن أحد اهم أسباب تأخر الأمة وتخلفها و تشرذمها هي هذه الصفحات وهذه المفاهيم وسوف ينزعج القارئ الكريم من قولي هذا ولكني واثق تمام الثقة انه لو تجرد من العاطفة تماماً وتابع قراءة ما سأطرح بهدوء وبمنهج علمي فسوف يتفق مع ما سيقرأ والحقيقة أن الأمر جدُّ خطير لا يمكن تلمس آثاره وزواياه المختلفة من خلال مقال كهذا بل يحتاج للعديد من الدراسات والرسائل

العلمية التي تركز على جوانب مختلفة وتستعين بعد الله بمعطيات علمية واستنتاجات يستقيها الباحث من دراسات مسحية على عينات مختلفة من المسلمين وغير المسلمين وطلبة العلم فأرجو من الله تعالى أن يعينني حتى أتمكن من خلال هذا البحث أن اكسر القفل الذي أحكم هذا الباب ولعل سواي يتمكن من استجلاء المزيد النتائج والحقائق واستحضر قبل أن ابدأ أنني بشر يجوز علي الخطأ والسهو والنسيان والنقص والخلل كغيري من الخلق ولا عصمة لقولي ولا لقول غيري بل العصمة لمن عصمهم الله والله أعلى وأعلم يهدينا جميعاً لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه هو الهادي الوكيل.

يتبع

 

تعليقان

  1. ماشاء الله لا قوة الا بالله ، جاء الامر فى وقته .. و انتظر تتابع مقالاتك فى هذا الامر أخي الطيب على أحر من الجمر : )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »