أضْوَاءٌ عَلَى مَفَاهِيْمِ القَدَرِ وَالقَضَاءْ

أضْوَاءٌ عَلَى مَفَاهِيْمِ القَدَرِ وَالقَضَاءْ
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين   وبعد
لطالما برز جدل واسع بين علماء الشريعة حول مفاهيم القضاء والقدر وعلاقتهما بالدعاء وتلازم الأمرين وافتراقهما ، ولم يتفقوا اتفاقاً قطعيَّاً إلا على وجوب الإيمان بهما كركن  لا يتمُّ إيمان المسلم إلا به.
وبعد أن تقلبت في ما ذهب إليه السلف الصالح من آراء وتفصيلات في هذه المسألة كان أبرز نتيجة وصلت إليها وجود تناقض لدى كثير ممن طرق هذه المسألة ، وإن أقررنا -بلا نقاش ولا رد- وجوب الإيمان المطلق بالقضاء والقدر إلا أننا نختلف في مفاهيمهما ، فكيف لقائل مثلاً أن يقول أن الدعاء لا يقع إلا إذا وافق القدر ؟؟! ،فهذا يعني أن من قُدِّر عليه الموت قتلاً فلن ينفعه استيداع نفسه ودعاء الله بأن يحفظه حتى ولو عرف اسم الله الأعظم ، وفي ذلك تعطيل لصفات من صفاته تعالى.
ومن هنا ففي الوقت الذي يراد منه رسم صورة صارمة للقدر فإنه ينتقص من عبادة عظيمة وهي الدعاء فما نفع الدعاء إن كان كل الأقدار واقعة لا ترد ؟؟ ، ويحضرني أيضاً مسألة ملفتة أشار إليها الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله وهي أن القائلون بالجبر في القدر من حيث يشددون على إثبات صفة من صفات الله فهم في ذات الوقت يعطلون صفة العدل التي يحاسب الله عباده بها بناءً على أفعالهم الحرة المختارة.
لماذا أصبح لدينا قضاء وقدر طالما أنهما شيء واحد ؟؟ وهل أثر هذا الدمج على مفهوم القضاء والقدر ؟؟.
هل يؤثر فهم القضاء والقدر على حياتنا العامة وكيف سيكون التأثير سلبيا أو إيجابياً ؟ ، وكيف يستفيد المسلم من معرفته لقضية كهذه في عباداته وإيمانه؟
كيف نوفق بينما منحنا الله من ميزة الاختيار والإدراك والتمييز والإرادة الحرة وبين حتمية المكتوب ووقوع الشر بدون القدرة على تجاوزه أو تفاديه ؟؟.
كيف نُحاسب إذن على أعمال جُبرنا عليها جبراً ليس لنا فيها خيرة ولا مناص من ارتكابها ؟ وهل الأقدار من أعمال العباد أم من أعمال الله جل وعلا ؟؟
ما هو المفهوم الصحيح لقوله تعالى:
لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ  [الحديد:23]
منهج البحث:
كما المقالات والأبحاث السابقة سنبدأ من النهاية فنعرض ما توصلنا إليه من تعريف للقضاء والقدر والفرق بينهما ومن ثمَّ ننطلق لأدلة هذا القول وكيف يتسق ويتفق مع مفهوم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ومطلق عدل الله وعظيم قدرته وإحاطته في نفس الوقت ، وكل ما ارجوه من القارئ الكريم هو التريث والتمهل والقراءة بعناية حتى النهاية.
القضاء والقدر:
إن هاتين المفردتين تعرضتا لأنواع من إساءة الفهم والخلط بينهما ودمجهما في مفهوم واحد تارة وفصلهما عن بعضهما بالكلية ، وحصل في مفهوم (القَدَر) بفتح القاف والدال ، خلط بينه وبين (القَدْر) بفتح القاف وسكون الراء وبين فعلي (قَدَرَ) و (قَدَّرَ) وهذا الخلط بُنيَ عليهِ خللٌ في مفهوم القضاء والقدر ، ويستدلّ على الخلل في الفهم بأنه يُنْتِج تناقضاً بيّناً وتعارضاً مع مفاهيم أساسية وآيات قرآنية تترك الناس في حيرة من أمرهم لا يهتدون إلى فهم هذه المصطلحات.
وقد نتج عن هذا الخلل تغليظ النهي عن مناقشة القضاء والقدر والحديث فيها لما يقود ذلك من إيقاع الشك عند البعض والانحراف العقديّ عند البعض الآخر ، سيما إذا علمنا أن هذا الأمر أنتج فرقاً ومذاهب تتمايز وتتضاد في موقفها من القضاء والقدر كالجبرية والمعتزلة.
ومع تقدم العلوم الشرعية وتنوع أقوال المتقدمين والمتأخرين وتوسع مدارك الإنسان عما كان عليه الأمر في الماضي فقد أصبحت الرؤية المتزنة المحدودة بحدود العقيدة السليمة أصبحت ممكنة فيقود البحث حينذاك إلى مفاهيم مضيئة لا تتعارض مع أصول العقيدة السليمة ولا تترك الباحث والسائل حائراً لا يفهم ما يحيط بتلك المصطلحات من معاني.
القَدَرْ: هُوَ كُلُّ أعْمَالُ المًخْلوْقاتِ الَّتيْ لَمْ يُفْضُونَ إليْهَا بَعْدْ.
(سبع إضاءات على القدر)
الإضاءة الأولى: القَدَر هُوَ أعمال العباد التي سيفعلونها ويفضون إليها في المستقبل ولها أحوال واحتمالات يتنقل العبد بين احتمالاتها واختياراتها المختلفة بإرادته هو ولكن بعلم الله السابق الأزلي عما سيختار هذا العبد وقدرته جل وعلا على تغيير اختيار العبد أو إثباته.
الإضاءة الثانية: لا تكون الأقدار إلا في المستقبل والوقت القادم قبل إتيانه وحلوله فإن قَدِم وأصبح ماضياً مقضياً لم يعد يسمى قدراً ، وكل قدر يوقع بالعبد شراً أو خيراً إنما هو عمله أو عمل عبدٍ آخر أصابه فيحدث التدافع والتفاعل بين المخلوقات.
الإضاءة الثالثة : من تمام عدل الله أن يجعل الأقدار هي أعمال العباد قبل وقوعها فيكون هذا هو الكسب الذي تصيبهم به البأساء والضراء والسراء بما كسبت أيديهم ولكن نؤكد بأن ذلك بعلم الله السابق الأزلي وبقدرته النافذة على إيقاف العمل وتغييره وفق إرادته جلت قدرته.
الإضاءة الرابعة: الأقدار تتغير وتتبدل وتتأخر وتتقدم ولأفعال المخلوق تأثير على القدر فيمنع الله حدوث مكروه بعمل أو قول ، والجنة والنار من الأقدار المدونة لكل مكلف ، فإن سار في أقدار معينة باختياره وإرادته تقوده للجنة وإن اختار سواها قد تقوده إلى النار والعياذ بالله.
الإضاءة الخامسة: الأقدار دروب عملية متوازية يسلك العبد أحدها لا يمكن له أن يفضي إلى فعلين متوازيين فلا يمكن مثلا للعبد أن يكفر ويؤمن في وقت واحد كما أن ابن آدم لا يستطيع أن يؤدي نسك أو عبادة ويلهو في نفس الوقت .
الإضاءة السادسة: لا يعني تدوين أفعال العبد في كتاب وعلم الله الأزلي بأن جل جلاله مسبب الفعل ، فالفاعل هو العبد وهذا المتفق مع عدل الله وإن تجاوزنا وقلنا غير ذلك فهذا يعني أن الكافر لم يرتكب الكفر بإرادته واختياره بل هو مجبور على فعله كافر من الأزل وهذا منافٍ لقواعد العدل الإلهي وهو قول متبعي عقيدة الجبرية الذين ضلوا في فهم القضاء والقدر فجعلوا أعمال الخلق حتمية من أفعال الله لا دخل للعبد بها وهذا أحد صور ونتائج غياب الفهم الصحيح للقضاء والقدر.
الإضاءة السابعة: أن كل الأقدار لا تقع إلا وفق مشيئة الله وقدرته وعلمه فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأن قدرته عليها مطلقة .
القَضَاءْ: هُوَ مآلات الأقْدَارُ مِنْ الحَواَدِث الَوَاقِعَةُ والوقائع المُنْقَضِيَةْ ، وَالأَحْكَاَمُ الإِلَهِيَّةُ النَّاَفِذَةْ.
(سبع إضاءات على القضاء)
الإضاءة الأولى: مآلات أفعال العباد واختياراتهم من الأقدار وسبلها المختلفة يسمى قضاءً ، فإن سلك الإنسان سبيل الإيمان وقاده هذا السبيل للجنة فهذا المآل يسمى قضاءً ، وإن أفضى العبد لعمل ينسأ له به في أثره فتغير قدره وتأجلت ساعته كانت ساعته الجديدة هي قضاءه ، ولكن القضاء كله بعلم الله فهو جلت قدرته يعلم كل ما سينقضي ويقع وكل المآلات التي ستحدث للعبد.
الإضاءة الثانية: إن أحكام الله وأوامره هي “قضاء” فالله يقضي بأمر عندما ينزل أمراً أو نهياً لعباده ويوجب عليهم إتباعه .
الإضاءة الثالثة: قدرة الله في تغيير أقضية الأقدار مطلقة ، فمن كان قدره المؤاخذة ودخول جهنم يغير الله قضاءه المفترض ترتبه على فعله فيغفر له ، والعبد يُكْتَب على ولده الموت قتلا فيستودع الرجل ابنه فيغير الله قدره فيقضي بحفظه وهكذا ، فالله جل وعلا له مطلق القدرة والتصرف بالقضاء والقدر.
الإضاءة الرابعة: إن علم الله السابق الأزلي بما وقع ما سيقع من الأزل إلى الأبد أمر رباني لا تتسع أفهام العباد له وليس في نطاق ما يطلب منهم ، فعلمهم به يدخل فقط في العلم بمدى اتساع إحاطة الله بكل شيء ولا يترتب عليه علم ابعد من ذلك أو فعل يبنى عليه سوى الإيمان والتسليم .
الإضاءة الخامسة: أن ما يخبرنا الله به عن قضاءه جل وعلا هو إنباءٌ لعباده عن المستقبل فهو واقع حتماً ولكن البشر ليسوا مجبورين على سلوك الأقدار التي تقود لذلك القضاء ، ولكن إخبار الله لنا في سابق علمه لتثبيت قلوب المؤمنين والاستدلال على ضلال الضالين وإيمان المؤمنين .
الإضاءة السادسة: أن القضاء علمٌ أعلى من القدر لأنه المآل والنتيجة أما القدر فهو الكيفية التي نصل بها إلى النتيجة ، فالقدر علم مكتوب اختص به الله جل وعلا نفسه، والقضاء علم يفوق القدر علوا وخصوصية.
الإضاءة السابعة: إذا كان القدر يغيره العبد بتغيير أفعاله فإن القضاء لا يملك العبد له تغييراً ولا تبديلاً وكل قضاء في الكون غير خافٍ على الله وغير ممتنع التغيير والتبديل عليه سبحانه.
مصاديق قرآنية ونبوية:
في هذا المطلب سنستعرض بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لنرى مدى موائمتها مع التعريفات والإضاءات لكل من القدر والقضاء:
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) سورة الليل
فقسم الله المآلات والقضاء قسمين كلٌّ منهما يترتب على أعمال يفعلها العبد فإن سلك أقدار العطاء والتقوى والتصديق يسره الله لليسرى فكان من أهل الجنة ، وأما إن بخل واستغنى وكذب فسييسره الله للعسرى وهي جهنم فهما طريقين متوازيين زمنياً لا يمكن لمكلف سلوكهما معاً فإما هذا الطريق وأقداره وإما الطريق الآخر وأقداره والعلم عن القضاء (المآل النهائي ) عند الله جل وعلا ، فلا يعلم الإنسان ماذا يختم له به وهل يثبت على الإيمان أم تتخطفه الشياطين فينحرف إلى الكفر .
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) سورة الحديد.
وقد وقعتُ على مفاهيم متناقضة وغير دقيقة لهاتين الآيتين الكريمتين فالله جلَّ وعلا يخبرنا عن قضيتين مهمتين الأولى علم الله الأزلي بما سيقع إلى قيام الساعة وليس بالضرورة أنه محدثها بل حدثت بإذنه ومحدِثها قد يكون أحد مخلوقاته، والآية التالية يتحدث عما أصيب به المؤمنين من فوات الخير والفرح بما استقر في أيديهم من خير ، فالآية تخاطبهم عما حدث وانقضى فكان قضاءً وليس الحديث عن القدر الذي سيكون في المستقبل، ولو طبقنا هذه الآية على المستقبل لانتفى العمل وأصبح لا معنى للبحث عن الخير وتجنب الشر ، ولكن المراد أن ما وقع وانقضى من شر وما حصل وانتهى من خير كُتبِ من الأزل أن القضاء سيكون على تلك الصورة ، ولا تأتي بصيغة المستقبل إلا عند افتراض حصول المنفعة ووقوع المصيبة وانقضاء ذلك وليس عما سيحدث مستقبلاً.
إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) سورة المدثر
فالتقدم والتأخر رهنٌ بمشيئة العبد ، فكسبه من الحسنات والسيئات وعمله الصالح أو السيئ هو العامل الأساسي في تحديد مصير المخلوق المكلف ، ولن يحاسب الله العبد ما لم يكن حراً يملك الإرادة المستقلة للتفكير وإضمار الإيمان أو الكفر ، وبمجرد سلب تلك الإرادة فإن العبد المكلف يتوقف جريان القلم عن تدوين عمله سواءً بالجنون أو النوم أو الموت أو غياب الوعي.
وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء:4]
وهنا القضاء يتضمن إخبار بني إسرائيل بما سيكون من سلالتهم وأبنائهم في المستقبل وليس من المخاطبين بأعيانهم وإخبار الله بالقضاء والقسم عليه صورة من صور قيام الحجة عليهم فلا مناص عن ارتكابهم هذا الفعل من الفساد ليس جبراً من الله لهم ولكن بسوء طويتهم وارتكابهم للشر والفساد بإرادتهم ، فلو أن قوم منهم وقعت في قلوبهم الخشية وتبرأوا من هذا الفساد خشيةً من وقوعهم ضمن من ستقع عليهم النبوءة كإيمانهم بالإسلام ديناً، لخرجوا من مظلة هذه الآية.
قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:47]
وقضاء الله هنا هو حكم إلهي نافذ وليس قدر متغير فاسمي قضاءً لأنه واقع لا مرد له ولا مغير له ولا مبدل ، والقضاء الإلهي إذا أراده الله وأمر به لا يتقيد بسنن الدنيا فالله خالق السنن والمتصرف بمشيئته بكل شيء.
اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ [الشورى:47]
فيوم القيامة هو من صور القضاء المعلومة للبشر فلا يمكن له أن يتغير في الوقت الذي يتفاعل البشر مع الأقدار فتتغير مآلات بعضها تبعا لتعاملهم مع تلك الأفعال ، كما أن الحساب ، والموت واجتياز الصراط من الأقضية المحتومة التي لا مرد لها ولا مبدل لها.
وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ [الحجر:66]
فأخبر ربنا جلت قدرته نبيه لوط عليه السلام بالقضاء الذي سيقع فأرشده إلى الرحيل عن تلك القرية بأهله حتى لا يقع عليه ما سيجري عليهم من أمر الله وقضاءه ، بينما أخفى قضاءه بموت سليمان عن الجن فلبثوا زمناً في عذاب مهين لاستتار الغيب عنهم وانعدام قدرتهم على معرفته فيقول تعالى:
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سبأ:14]
يقول تعالى:
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23]
ويقول جل شأنه:
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب:36]
القضاء هنا هو الأمر والحكم الإلهي النافذ المبلغ لعباده بوحيٍ إلى نبيه ، فعبادة الله وحده لا شريك له و الإحسان للوالدين وشرائع الدين وأحكامه التي نزلت للبشر هي قضاء وحكم لا ينقض ولا يتبدل ولا يجوز مخالفته.
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [القصص:68]
فاختيار الله هو قضاؤه جلت قدرته وليس لأحد أن يرد قضاءه ويغير قراره ، ويمكن القول (يختار) يختار من عباده أنبياءً ورسلاً يكلفون ببلاغ الحق ومحاربة الباطل.
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) النمل
فكان قدرها بناءً على عملها واختيارها هو الهلاك مع قوم لوط عليه السلام ، ولو تابت قبل وقوع العذاب عليهم لنجاها الله من الهلاك بالعذاب ولكن إصرارها حوّل قدرها إلى قضاء فكان العذاب واقع عليها ، حتى لا يأتي من يظن أن الله خلقها لكي يهلكها ويعذبها ولكن بما كسبت يديها.
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزيد في العمر إلا البِرّ، ولا يرد القدر إلا الدعاء) رواه الترمذي وابن ماجة
وهذا الحديث يستدل منه على طبيعة الفرق بين القضاء والقدر ، فالقضاء هو الموت والقدر هو وقت وقوع هذا الموت فمن الأعمال ما يزيد في عمر ابن آدم كالبرِّ وصلة الرَّحم فيتأخر وقوع القضاء عليه إلا أنه واقع لا محالة ، والدعاء عبادة تغير الأقدار وتردها فالقدر المردود بالدعاء ينقل العبد لقدر آخر فمن دعا بالحفظ من السوء يَدْرأ الله عنه السوء إن استجاب دعاءه ويبدله بخير فيكون رد قدراً بقدر.
عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يؤخرها له في الآخرة ، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر .
فيؤكد الحديث على أثر أعمال العبد في تغيير القدر فيكون الشر مقدراً على ابن آدم فيدعو الله فيدرأ عنه ما كان مقدراً عليه ويصبح قضاءه حسناً، ولكن إن لم تدرأ عنه الشر ووقع عليه يصبح الشر الواقع قضاءً.
حَديثِ مُسْلِمٍ أَنَّ الرَّسُولَ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ قالَ: سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي ثَلاثًا فَأَعْطَاني ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَني وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتي بِالسَّنَةِ العَامَّةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسألْتُهُ أَنْ لا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَأصِلَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بأسَهُمْ بَيْنَهُم فَمَنَعَِيها، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ” اهـ.
وهنا دليل بيِّن على أن القضاء ثابت لا يرد بعكس القدر الذي يرد بأمور كثيرة كالدعاء ، فما يقضي الله بأمر إلا نفذ ولا ينفذ أمر إلا كان نفاذه قضاءً.
الأمْرُ العُجَابْ
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:” عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ “. رواهُ مُسْلِمٌ.
وفهم هذا الحديث فهم عميق وملفت ، وجلُّ ما قرأت شرح سطحي يبرز أسهل وجوه فهم الحديث ولكنه برأيي ليس أصحّها ، وما أن نتفهم المراد من هذا الحديث وحقيقته حتى نستوعب مسألة القضاء والقدر ودور المخلوق في التأثير في الأقدار فيقضي الله لهم بقضاء خير .
وبداية فإن المسلم لا يشكُّ في أن الله جل وعلا يثيب المؤمن الشاكر للنعمة، ويثيب المؤمن الصابر على المصيبة ، ولا يبدو أن هذا مصدراً للعجب عندما يتعجب من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم !! ، فضلا عن حصر ذلك على المؤمن دون غيره ، فلا بد أن وجه التعجب لدى النبي صلى الله عليه وسلم وجه آخر ، وجه عميق وعجيب يتطلب إدراكنا له وأن نشعر فعلا بتميز المؤمن عن غيره بهذا الأمر العجيب الذي لفت انتباه نبينا صلى الله عليه وسلم.
والحقيقة أنني رأيت في هذا الحديث ما غفلنا عنه لوقت طويل ، فقول النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمن بأن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكانت خيراً له فليس كل سراء تؤول إلى خير ، فقد يفرح الرجل بالمال يصيبه ثم يكون عليه وبالٌ وسوء ، ولكن المؤمن بالشكر يحيل هذه السراء في مآلاتها إلى خير يؤثر في أي قدر يقود هذه السراء إلى سوء وشر ويجعل مآلاتها غير حميدة ، ونلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الحالين بالسراء والضراء فما يسرُّ المؤمن لا يشترط أن يكون مآله خير .
والأمر العجيب الثاني هو أن المؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له فصبر المؤمن واستحضاره لحسن المآل يحيل الضراء لخير في مآلاتها فيكون مصاب الرجل في صحته أو في ماله باب يدرأ عنه مصيبة أكبر أو يجلب له خير لم يكن ليصيب المؤمن بلا وقوع تلك الضراء.
ويؤيد ذلك ما نعرفه من قصة أصحاب السفينة في سورة الكهف حين خرق الخضر سفينتهم فكانت هذه الضراء خير لهم منع عنهم ما هو أسوأ وهو سلب مصدر رزقهم الوحيد ، وكذلك الغلام الذي ذبحه الخضر لعلم لُدَنيّ عنده بأنه سيرهق أبويه عصياناً وكفراً فصبر أبويه على مصابهم بمقتل ابنهم يقود لمآل خير للغلام وأبويه الصالحين فالصلاح يستلزم الصبر على الشدائد بجانب الإخلاص في العبادة.
ونستنتج مما تقدم أن المؤمن من أعظم الخلق حظاً بإيمانه فإيمانه (بقدرة الله ومشيئته) يحيل الشدائد للخير إن استحضر إيمانه ووثق بربه وعلم أنها سنن الله التي لا تتبدل ولا تتحول ، وإن شكر الله على وقوع السراء وحصول الخير فإن مآل الخير سيكون خيراً بإذن الله ويصونه بالشكر من التحول والتبدل .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ: لَهُ لا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ ؟ كَلا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَعَمْ إِذًا
وهذا الحديث يحمل دلالات هامة أولها مآل الصبر على الضراء أو الضجر منه والتشاؤم بالموت وأثر ذلك في وقوعه، فلما اعترض الأعرابي على تفاؤل النبي صلى الله عليه وسلم بزوال البأس والطهور من المرض فقد استحال اعتراضه لواقع ضار يهلك صاحبه فيكون مآل مرضه الموت لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم (فنعم إذاً) معطوف على قول الأعرابي وكأنه يقول : إذا كنت ترى ذلك فأنت من يحقق الضرر على نفسه وسيتحقق قولك.
لا شك أن حال الضراء يترافق معه يأس من وقع عليه الضر فدرجات إيمان الخلق متفاوتة ومن الناس من يكون متماسكاً قوياً فيما يظهر ولكن خوافي الأنفس ودواخلها في علم الله جل وعلا ، ولكن السنة الربانية التي يريد صلى الله عليه وسلم أن يخبرنا بها أن نحسن الظن بالله لتكون السراء خير ويستحيل الضر خيراً أيضاً فهنا دليل على أن الأقدار هي أعمال العباد وإن آمنوا واستحضروا كيف أنهم قادرين بتأييد من الله وتوفيق على تجنب الشرور القادمة واستجلاب الخيرات الخافية بإصلاح أنفسهم وتطهير ذواتهم من الشك وسوء الظن وضعف الإيمان.
قال عمر ابن عبدالعزيز رحمه الله : (إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها.)
والنفس التواقة أنالت بقدرة الله كل خير في الدنيا لعمر ابن عبدالعزيز فلما رأى أن الدنيا مقبلة عليه بحسن ظنه بالله زهُدَ فيها وارتفعت همته لثقته بربه وعظيم كرمه وغزير عطاءه فصرف علمه بالله وجهد نفسه التواقة لأن تتوق للجنة بدلا من الدنيا فلم يعد في طلب الدنيا ما يسعده ويشبع نفسه الصالحة.
فإن صفت أنفسنا وعظُمَ إيماننا بربنا واستحضرنا سنته في خلقه وسعة ملكه وأنه يؤتي من يشاء بغير حساب لا تنفد خزائنه ولا ينقص ملكه فإننا سنحيل أنفسنا لأنفس تواقة تثق بكرم الله وجزيل عطاءه سبحانه .
عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه َقَالَ :اسْتَعِينُوا عَلَى نَجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ ” صححه الألباني.
فقد جرى بين الناس أن من له حاجة سائرة ينتظر إنجاحها وأخبر بالأمر ولم يكتمه إلا فشلت وردت حاجته ، ذلك أن تشاؤم الناس من قضاء حوائج ونجاح المطالب لسواهم شائع فإن تشاءم الرجل من حصول مطلوب فقد يحصل المنع ، لذا حث صلى الله عليه وسلم على كتمان الحوائج حتى نجاحها.
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]
إن لأحوال نفس ابن آدم تأثير وسبب على وقوع السوء واندفاعه وجلب الخير وابتعاده فنفهم كيف أن الناس يستجلبون الشر لأنفسهم فما أصابهم من سوء فمن أنفسهم ، لأنهم يستجلبون الشر ويخضعون لوساوس النفس فيصيبهم ما كانوا منه يحذرون.
روى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: “لا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْحُو بِالدُّعَاءِ مَا شَاءَ مِنَ الْقَدَرِ
إذا فالقدر يمحوه ويغيره الدعاء ولكن القضاء كما أسلفنا لا يرد ولا يتغير ، وطالما دعى الداعي وهو في شك من الإجابة ونفسه تفيض بالقنوط واليأس من وقوع المطلوب أو دفع المحذور ، لذلك حصر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أمر المؤمن فقال (وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ) فالإيمان شرط وقوع المطلوب ودفع المحذور.
ولا شك أن المؤمن الذي تتواتر الأحداث عليه فيجعل من نفسه نفساً تواقه ويمتلئ قلبه بالإيمان والامتنان لله جلت قدرته ويستقر في نفسه هوان الدنيا وسهولتها للمؤمن ويسر الله لعباده آنذاك سترتفع همتك وتبحث عما هو أعظم وأثمن وهو الجنة وستتعرف على شعور عمر ابن عبدالعزيز عندما اتجهت نفسه التواقه لنفي الدنيا والطمع في الجنة.
 تحري الموت :
لعله يمر بنا حالات عديدة يتحدث فيها المتوفى عن الموت وتصل في بعض الدرجات أن هذا المتوفى يسبق بالإخبار عن موته ، وفي حالات فإن أهل الميت يخبرون عادة بآخر أحوال ميتهم بأنه تحدث عن الموت أو ذكره أو ودع أهله وذريته ولبس اجمل ثيابه والكثير من القصص التي نسمعها ، وانتشرت أخبار عن مغردين في وسائل التواصل الاجتماعي تحدثوا عن الموت أو ودعوا أحبائهم فقضوا في حوادث مرورية بعد وقت قصير فهل هؤلاء يعلمون الغيب ؟؟.
ونظرا لتواتر تلك الأخبار والوقائع فقد شاع بين الناس أن الميت يعرف بدنو أجله قبل أربعين يوماً ، ما انتشر هذا الخبر الخاطيء إلا لعدم وجود تفسير لتلك الحالات المتكررة ، وكثيرون يسألون العلماء الذين يردون بأنه لا يمكن معرفة علم الغيب بالطبع.
والحقيقة أن ابن آدم له أحوال يكون في بعضها يائس يتمنى الموت ويتوقعه حتى أن تلك المشاعر تطغى على سلوكه وحديثه ونشاطاته ، والبعض من الناس يضمر ذلك الشعور فالنفوس تنطوي على أسرار ومشاعر مكتومة ولكن الأكيد أن من يطلب الموت يصيبه وفي ذلك شاهد قرآني :
قلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) البقرة
ويقول جل جلاله:
قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) الجمعة
ففي موضعين يوجه ربنا جل جلاله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يطلب من اليهود تمني الموت ، ولأنهم يعلمون بأن تمني الموت يجلبه فيقع فإنهم لن يتمنوه أبداً لعلمهم بجرائمهم وما ارتكبوه وقدمته أيديهم من أعمال سوء فيؤخرون لقائهم بالله لعلمهم ما سيكون عليه الحال بعد الموت.
ولولا أن التمني يوقع الموت بإذن الله لما كان هذا التحدي مجدياً ، فحتى لو تمنوه ما يدري النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ؟؟ ، سيعلم بأمنيتهم إذا وقع الموت عليهم .
وهذه صورة من صور التفاؤل والتشاؤم ، لذلك فمن لديه عزيز غالبه اليأس فإنه يجب أن يسارع لإخراجه مما هو فيه حتى لا تقع أماني السوء التي تمر في حياته ، وكذلك نحن علينا أن نستحضر خطورة تمني السوء أو التفكير به وتخيله لأن في ذلك استجلاباً له وهذه سنة وقانون مثبت بكتاب الله كما أسلفنا.
(العَدْوَى وَالطِيرَةَ)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ ” رواه البخاري .
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل))
وهذا الحديث من الأحاديث التي أُغلق على أفهام كثيرة فنتج عن عدم فهمه محاولات لوضعه وتصور لمناقضته لأحاديث الفرار من المجذوم واعتقد الكثير من العلماء فضلا عن العامة بوجود صورة من صور التعارض بين هذا الحديث وبين العلم والطب وبين احاديث أخرى تعارضه (وفق فهمهم) وحقيقة الأمر أنه لا تعارض ولا تناقض البتة.
فالعدوى هنا لا يقصد بها الأمراض التي تنتقل بالعدوى ولكن انتشار مرض بين الناس يجعل بعض الناس يدخله الوسواس والتشاؤم فيقول طالما انتشر هذا المرض بين الناس فلابد انني اصبت به ، فيبدأ في التحسس والتوجع وهنا يقع المحذور ويصيبه المرض الذي ارقه وانتظره ، والحديث كله يتحدث عن صور تشاؤم متعددة ولم ينهى عنها إلا لأنها تقع ولأنها مخالفة للعقيدة السليمة المتعلقة بالله جلت قدرته .
وهناك من الناس مثلا من يرى انتشار مرض كمرض السكر أو أمراض القلب تنتشر هنا وهناك وكل يوم يسمع خبر إصابة أحد من أهله أو أصدقاءه فيدخله الخوف والوساوس ويبدأ يظن أن المرض شائع وانه ضحية جديدة متوهماً بإصابته فيصاب حقيقة فتكون هذه العدوى التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يحثنا على التفاؤل بالصحة والخير لكي لا يقع ما يحذره المسلم فعلاً ويحصل عليه الضرر.
كان شهر صفر عند الناس في الجاهلية يشتهر بأنه شهر شؤم وتواطئوا على ذلك حتى أصبح شهر شؤم وضرر ، فلما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التشاؤم بالطير والعدوى وبصفر ، صار هذا الشهر شهراً كغيره من الشهور لا يزيد فيه شر ولا يختص بمصيبة عما سواه ، فتواطؤ الناس على التشاؤم من أمر يجعله أشد وقعاً وأشهر شؤماً ، فإن ترك التشاؤم من أمر عاد كسواه.
فوجب على المسلم إحسان ظنه بالله حتى في أحلك الظروف وأسوأها وأن يرسم خطاً للخير بين كل طرق الشر التي يسلكها ويؤمن في داخله بأن الفرج متحقق لا محالة كما كان الحال في يونس عليه السلام حين (ظنَّ في الله الظن الحسن بأنه جل جلاله لن يقدر عليه أي “لن يضيق عليه أكثر مما ضيق في بطن الحوت ” فدعا ربه فاستجاب وأنجاه من ضيق بطن الحوت والهلاك الحتمي فيه أصبح أمراً من الماضي).
وقوله صلى الله عليه وسلم (ويعجبني الفأل) والفأل الحسن هو الكلمة الطيبة وتوقع الخير وقوله صلى الله عليه وسلم (يعجبني) أي يصيبني بالعجب وهذا متفق مع قوله صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن) فالتعجب كيف أن الفأل والشكر والصبر يحيل القدر لقضاء خير.
الفرق بين التقدير والمقادير (قدَرَ ، قدَّر ) :
اختلطت المفاهيم القدَرْ والتقدير التي وردت في القرآن الكريم لدى كثير من الناس فظنَّ البعض أن القدر هو القضاء وبالتالي أن التقدير هو القدر والحقيقة أن كل منها له معنى مختلفاً ، فالقضاء كما أسلفنا يختلف عن القدر ، والقدر يختلف عن التقدير:
أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ [الرعد:17]
بِقَدَرِهَا : بكمية المياة التي تقدر الأودية على احتمالها وتتسع لها.
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ [الرعد:26]
وَيَقْدِرُ : يضيِّق الرزق عكس البسط والاتساع فيكون مقدارها قليلاً.
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18]
يَقْدِرُونَ : يعني بها المقدرة والاستطاعة والقدرة على الحفاظ على ما كسبوا.
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21]
بِقَدَرٍ : بكمية معلومة ومحددة فلا يزيد ويطغى ولا يقصر عما أريد له.
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ [سبأ:18]
وَقَدَّرْنَا : قصّرنا فيها مدة السير عما يجب ان تكون عليه .
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]
قَدَّرْنَاهُ : جعلنا كل مقدار من حركته ومواضعه بمنزلة حتى صارت حركته منازل مقدرة مقسمة .
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ [فصلت:10]
وَقَدَّرَ: جعل فيها ما يكفي من فيها مِن كل قوت من أقواتها بالكم المناسب فلا يزيد فيفسد ولا يقل فيهلك الخلق.
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]
نَقْدِرَ : نضيَّق عليه في بطن الحوت ، أو نضيّق عليه معيشته بسبب مغاضبته لمن أرسل لهم وتركه للدعوة التي كلف بها ، فأحسن الظن بالله واستشرف النجاة والمغفرة لقاء فعله فحقق الله ظنه الحسن بربه فأنجاه.
وبالتالي مما تقدم فمادة (ق د ر) في كتاب الله ليست في كل المواضع تعني القَدَرْ والجهل بذلك ينزلق بالمسلم لخلط المفاهيم وتعقد الأمر حتى تغيب الرؤية الصحيحة.
سنة كونية :
إن الغرب أدرك قيمة التفاؤل وأثره الملموس والمباشر ، فصرف علمائهم وباحثيهم أوقاتهم لمراقبة تلك الأحوال للناس ورأوا كيف أن من يحسن الظن ويتفائل يقع تفاؤله ومن يسيء الظن ويتشائم يقع تشاؤمه ، ولكنهم ولعدم معرفتهم بماهية هذه السنّة فقد أسموها “قانون الجذب” وتصوروا مخطئين بأن قوةً خفيةً تخرج من جسد الإنسان لتستدعي الوقائع المختلفة فتتغير المقادير للأسوأ أو الأحسن وفق الطاقة التي تنبعث من كل شخص.
والحقيقة أنهم ضلوا في فهم حسن الظن بالله وقيمة التفاؤل وفعلها الحاضر في حياة الإنسان في الوقت الذي كان هذا الأمر أساساً من أسس الإيمان بالله في ديننا الحنيف ومعلمٌ بارز من معالم العلاقة المثالية للمؤمن بربه سبحانه وتعالى.
وبالمقابل ولأن الغرب الكافر غاص في أعماق هذه الظاهرة الجلية وخرج بفهم مغلوط فقد رفض بعض علمائنا ومفكرينا تلك المفاهيم جملة وتفصيلاً لأنها في جزء منها تصادم مفاهيم ثابتة لديهم ولم يمعنوا النظر في الظاهرة ويبحثون عن أساسها في ديننا الحنيف وإلا لتوصلوا لخلاف ما انتهوا إليه.
الخاتمة :
إن أبلغ جملة تصف ما توصلنا إليه إجمالا هي :
الأقْدَارُ دُرُوْبٌ مُغْلَقَةٌ تَفْتَحُهَا النيِّاتُ ويُغْلِقُهَا القَضَاء
هذه الرؤى والمفاهيم أطرحها للقارئ الكريم وأنا أنتظر منه أن يرد ما يراه في قولي شططاً أو انحرافاً عن الحق ، أرجو من الله الهدى إلى سواء السبيل وأن يفتح على قلوبنا وقلوبكم فهم كتابه ، رب إن أصبت فمنك وحدك لا شريك لك ، وإن أخطأت فاغفر لي فإنك أنت الغفور الرحيم ، وفقني الله وإياكم لكل خير وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.

19 تعليق

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    بوووركت أخي الفاضل و بوركت جهودك
    لقد بينت مفهوم القدر و القضاء في موضوع أقل ما يمكن القول فيه أنه قيم و طريقة جميلة و بأسلوب مقنع يجعل كل من يطلع عليه حريص أن يختار قدره من خلال أفعاله حتى يكون قضاؤه بمشيئة الله تعالى كما يريد

    و لقد كان في بيانك لأثر التفاؤل و التشاؤم و ما يترتب عنهما من قضاء يجعل كل واحد منا يصحح سلوكه و يغير نظرته للحياة و يقف وقفة صادقة مع نفسه مليئة بالثة بالله تعالى و حسن الظن به

    أما ما بينته من تمني الموت و ما يترتب عنه صراحة لا يوجد منا من لم تمر بفترات ضعف و يمكن القول يأس دفعته لتمني الموت و هو لا يدري ما يترتب عنه، لكن لما قرأت في موضوعك أثر في تغيير الكثير و الكثير من الآفكار و المواقف الغير صحيحة في سلوكاتنا ، فبارك الله فيكم و في علمكم و زادكم الله من فضله

    فالحمد لله الذي يسر لي قراءة ما كتبت في هذا الموضوع خاصة و في غيره ، فبارك الله فيكم و في جهودكم و لا حرمنا و أمة الاسلام من علمكم و ثقل به موازين حسناتكم

  2. جزاكم الله خير اختنا لحضوركم وتعقيبكم
    وقد وجدت ارتباطا وتلازما مع ما ورد في اسرار الدعاء ، وكلاهما يشكلان وصفة فعالة بقدرة الله وإرادته لتغيير حال المؤمن وتحقيق الرابطة الوثيقة مع الله حتى يحيل نفسه الى نفس تواقة بمعنى الكلمة بقدرة الله وكرمه.

    1. لذاك كان النبي عليه الصلاة و السلام حريص على حمد الله تعالى في كل حال تفاؤلا فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ” (رواه ابن ماجه).

      أخي الفاضل : فهمت مدى أثر تفاؤل و تشاؤم كل واحد منا المباشر و الملموس في حياته. فهل تفاؤلنا أو تشاؤمنا بواقع غيرنا له أثره في حياتهم؟؟؟ لا أقصد قضاء جوائجهم مثلا تشاؤم الوالدين بواقع أبناءهم ينعكس مثلا على مستقبلهم .( محتاجة للإجابة حتى أربطها بواقعة)

      كيف نستطيع تربية أنفسنا و حتى أبناءنا عملا على مثل هذه المفاهيم؟؟؟

      لي طلب عندكم : لا أدري إذا كان هناك من علق في مدونتكم على هذا الموضوع لكن لا يظهر لي أي تعليقات . فهل استطيع مشاهدة تعليقات غيري حتى استفيد منها إذا وجدت

      وقبل أن أنسى هذا الموضوع من كثرة ما قرأته لا زلت أقرأه يوميا. و كأن بي وجدت كنزا. لم أفرح بموضوع قرأته كما فرحت بما قرأت في موضوع أضواء على مفاهيم القضاء و القدر.

      1. بسم الله الرحمن الرحيم
        لقد سبقتك أختي الكريمة في ما تشعرين به ، ولقد لمست ذلك واقعاً في حياتي الشخصية وتحديدا منذ أكثر من ثلاثة أعوام حيث بدأت الاحظ ظوهر غريبة في حياتي اليومية لن أغرق في سردها ولكنها دفعتني لاستبين وابحث ماذا يحدث ؟!
        وهذا الذي أدونه هو نتاج ما توصلت إليه واستطعت التعبير عنه لأن هناك مالم أتمكن من التعبير عنه ، لقد نشأت لدي حاسة جديدة غير تلك الحواس التي نعرفها ، تنشط وتكمن تبعاً لما نهيئ به أنفسنا تؤثر في الوقائع التي تحدث .
        إن تشاؤمنا بما يصيب الغير يوقع السوء بنا وهذا ما أحاول إيصاله ، فالمريض أو المصاب غالباً ما يحمل قدراً من التشاؤم يطغى على التفاؤل وبالتالي نحن بحاجة لتضخيم التفاؤل في أنفسنا بحيث يطغى على حجم التفاؤل الذي يغزو نفوس المتشائمين ، فنعود المريض لنبتكر كل ما يزرع التفاؤل في نفس ذلك المريض ، ونستطيع أن نلمس أثر فعلنا في شفاء ذلك المريض بقدرة الله وبلطفه سبحانه.
        المتفائل في وسط عشرة متشائمين هو في خطر عظيم فأول ما نفعل هو تجنب المتشائمين إن لم نستطع تغييرهم لنتركهم ونتجنبهم ولنعلم أنهم الأقل إيماناً.
        وإن كان اولئك المتشائمين ممن هم في محيطنا الأسري فيجب أن نغير حياتهم بكل ما نملك.

        بالنسبة لأثر تشاؤمنا على مستقبل الآخرين ، نعم هو يقع لذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على كتمان الحوائج التي لم تقضى بعد حتى لا يتشائم حيالها أحد فيؤثر في انجاحها ، والأبوين إذ يتشائما تجاه مستقبل ابنهما فلا شك بأن هذا من أقوى مؤثرات التشاؤم فينبغي لهما أن يستحضرا التفاؤل والفأل الحسن دوما

        يجب أن نزرع هذه المفاهيم في أبنائنا لنخلق قوة تفاؤل تحيط بنا ، وهنا أرجو ان تقرأي هذا المقال :
        http://wp.me/p1UaAD-71
        كمثال كيف نقرأ القصص القرآني وكيف نربي أبنائنا على اكتشاف نسبية الخير والشر في حياتنا فما نسميه خيراً إنما هو في أعيننا خير وما نراه شراً هو في أعيننا مصيبة ولكنه قد يكون لآخرين خير وفائدة.
        وهناك العديد من الدروس القوية لزرع مفاهيم التفاؤل في أنفسهم لينشأ جيل مؤمن محب لله عارف بكيفية الارتباط به سبحانه ونسبة الخير إليه جل شأنه.
        بالنسبة للقراء والمعلقين فلم أخفي شيئا من التعليقات وليس هناك من علق فيما يبدو سواكِ ، بل أزيدك من الشعر بيت بأن الموضوع حذف من المنتدى ولم يعد منشوراً وهذه صورة من صور الحرمان الذي يجلبه البعض لأنفسهم بدون سبب فلم يجرؤ أحد على أن يبين لي مكان المخالفة العقدية التي ارتكبتها ولكن كثير من الناس هم أعداء ما يجهلون.

  3. بارك الله فيكم أخي الفاضل و اعتذر مسبقا عما أخطائي الكتابية لأنني أرد من كمبيوتر الخاص بمكان العمل و الحروف فيه بالفرنسية لأن النت عندي بالبيت منقطع
    بالنسبة لموضوعك أنا من قمت بنقله لقسم العقيدة بأنه بتعلق بها و حتى تجد من يطلع عليه ممن يريدون معرفة ما تعلق بالعقيدة و المفترص ض أن تصلك رسالة يتم ابلاغك بذلك ولكن السبب راجع للانقطاع المفاجئ بالمنتدى لم يتم ذلك و اعتذر نيابة عنهم
    سأطلع على ما كتبت مرة أخرى عند عودة النت عندي لأنني قرأته في عجلة من أمري

  4. الأخ الكريم /عدنان الغامدي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    بداية أشكر لك هذه الجهود البرّاقة والطروحات المميّزة في الاستدلال والتبسيط والبيان .
    وقد مررت على بعضٍ من مواضيعك الراقية حقيقة وأُعْجِبْتُ بها .
    أما ما مررت عليه في هذا الموضوع أجد بعضاً من النقاط التي تحتاج إلى وقفة واستفهام !!
    أولا:
    أتمنى على كل ناصحٍ وكاتب يرجو الثواب من الله تعالى ألا يخطِّئ من سبقه من العلماء بعبارات كالتي مررت عليها برفضك ما قالوه عن القضاء والقدر ، والخلط بين الأمرين ، وترك الناس يتيهون في تعريفاتهم !!
    ثانياً :
    عندما يعترض الناقد على من سبقه فلا بد من نقل ما قاله ومناقشته في طرحه .ثم يعرض ما لديه من بضاعة على الأمة !!
    ثالثاً :
    ما قرأته في مقالك الطيب أجدك عند الحديث عن القضاء والقدر تنسب الأعمال للعباد لبيان العدل وإثبات عدم الجبرية عند الزاعمين لها والقدرية الذين تاهوا في ضلال بدعتهم وفكرهم ، وتارة تعود لإثبات أن المشيئة لله أولا وأخيرا -وهذا الأخير حق- !!
    أرى – بفهمي المتواضع – أن حضرتك قد خلطت في مقالتك بين أمور لم تتطرّق لها طوال المقال ؟؟!! ألا وهي :
    هناك قضاء كوني .
    وقضاء شرعي .
    فالقضاء الكوني لا يتغير ولا يتبدل إلا بمشيئة الله تعالى .
    والقضاء الشرعي متروك لمشيئة العبد ” فمن شاء فلؤمن ومن شاء فليكفر ”
    وبهذا التقدير الأخير يكون كلامك واضحاً أكثر .
    رابعاً :
    مما أعلمه ومررت عليه ولك الرجوع إليه في كتاب ” سهل في العقيدة والتوحيد ” للدكتور الرضواني بقول :
    الفرق بين القضاء والقدر :
    1- القضاء ثلاث مراتب وهي [ العلم والكتابة والمشيئة ]والقدر أربع مراتب : ما سبق ويزيد مرتبة ” الخلق ” بالقدرة .!!
    وهذا يعارض ما قلته كلياً وعكس ما طرحت أستاذي الكريم ؟؟!!
    2- القضاء غيب لا يعلمه إلا الله ، والقدر يكون مشهودا عند وقوعه بالقدرة ..!!
    3- القضاء يسبق القدر _ وهذا يعارض ما جاء في مقالك أيضاً !!
    4- القضاء يتعلق بما سيكون ..بينما القدر يتعلق بما تم تنفيذه وخلقه .
    خامساً :
    لحضرتك لفتات قيّمة في مقالك لا تهضم بها فجزاك الله خيرا .
    وقد يكون لي عودة بإذن الله تعالى ..وهذا على عجل ..
    أرجو أن تتقبلوا احترامي ومقالي ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    1. بسم الله الرحمن الرحيم
      أخي الكريم الاستاذ أبو نضال خلف
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أولا : فأحمد الله إليكم أن أكرمني بتلقي مداخلتكم اللطيفة الهامة والتي ما نشرت هذا المقال إلا لأجلها ولأمثالها فتفضلكم بقراءة المقال ونقده شرف لي يسعدني ويهمني جداً وأعتز بكل جملة كتبتموها هنا.
      ثانيا : فلن تختلف معي بأن عقائد الطوائف الإسلامية والمذاهب المختلفة تحمل صور من التضاد والمخالفة بين بعضها البعض فيما يتعلق بالعقيدة تجاه القضاء والقدر ، وهذا التضاد لا بد مع أن يكون جانباً منهم على صواب وجانباً آخر على خطأ بغض النظر عن أي جانب أقف انا فيه ، وهذا ما كنت أحاول أن أوصله للقارئ ولكن أن أسفه أو أجرِّم أو انتقص من علماء أفذاذ من سلفنا الصالح فمعاذ الله وإن فهم أحدٌ أني ارتكب ذلك فاستغفر الله من هكذا قول.
      ولكنني أتبع منهجاً يقوم على تجنب قراءة أقوال السلف والمفسرين إلا بعد تدوين الرؤية الأولية المستندة للنص القرآني تفاديا لرسوخ فكرة مسبقة تسجن العقل وتقيده ضمن ما استقر لديه ، ومن ثم أعود لقراءة ما قال العلماء لتقرير ما إذا كان النتاج صالحا أو بحاجة لتنقيح أو يجب الغاؤه تماما.
      وبالنسبة لعرض أقوال العلماء فهذا يحتاج لتسطير عشرات الصفحات مقابل طرح رؤى مختلفة واجتهادات علمية محترمة ولكنها في النهاية آراء لا ترقى للقطعية في مجملها ولو أنها احتوت على ثوابت التنزيه لله جل وعلا.
      فيما يتعلق بخلط القضاء الكوني والقضاء الشرعي فإني أتفق معك جزئياً فكان ينبغي فصل ما تفضلت بتسميته بالقضاء الكوني والقضاء الشرعي ولكني لا اتفق في التفريع بهذه الصورة ، وذلك أن مفهوم القضاء والقدر وفق ما خرجتُ به لا يتسق مع التصنيف الذي تفضلت به للأسباب التالية:
      1- في مفهوم حضرتكم وفقكم الله بأن القضاء سابق للقدر بينما في مفهومي بأن القضاء والقدر ليسا متتابعين لأن علم الله خارج حدود الزمن ولا تجري عليه قوانين الزمن الدنيوية وبالتالي من الخطأ القول أن هذا قبل ذاك او العكس ، فما عنيته بأن الأمرين بمستوين مختلفين يكون القضاء أعلى من القدر لأن القضاء هو مآل القدر بعد وقوعه وإذا أخضعنا هذا المفهوم لتحليلنا العقلي البشري وفق سننا الأرضية فيما يتعلق بالزمن والماضي والحاضر فنحن نعبث لأننا لن نصل لنتيجة فهذا العلم لا يخصنا ولا يتقيد بقيود الزمن وحدود علمنا فيه لا يتجاوز معرفة اتساع قدرة الله وعلمه الأزلي والأبدي وقدرته المطلقة.
      2- فهمكم للقضاء (الشرعي) من وجهة نظر العبد المرتبط بمشيئته فيما فهمي هو لما تسميه بالقضاء الشرعي هو المرتبط بالشارع الحكيم الذي اصدر القضاء (الحكم النافذ) وأما الإتباع والترك عند البشر (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فهذا يدخل في أعمال العباد وبالتالي يدخل في (القدر) فمن يؤمن فقد صنع قدره بإتباع مسار محدد وترك آخر وبالتالي فقضاءه (مآل قدره) يتوقف على استمراره في قدره أو حدوث مؤثر يخرجه من هذا المسار فيتغير القضاء.
      3- لا يعني نسبة مشيئة معينة أيا كان مستواها أن ذلك فيه انتقاص لقدرة الله جل وعلا أو مكافاة ، بل كل ما يحدث من أفعال العباد هو في علم الله الأزلي وفي قدرته تغيير واثبات ما يشاء من تلك الأعمال وقادر على جبر الخلق على العمل الذي يريده ونهيهم ومنعهم من ارتكاب ما يريده ولكنه يريد ابتلاء عباده وتحديد مصيرهم وفق اختيارهم ولذلك شواهد قرآنية سبق إيرادها.

      قولكم وفقكم الله نسبة لمفهوم القضاء والقدر للدكتور الرضواني :
      3- القضاء يسبق القدر _ وهذا يعارض ما جاء في مقالك أيضاً !!
      4- القضاء يتعلق بما سيكون ..بينما القدر يتعلق بما تم تنفيذه وخلقه .
      فيه تناقض بأن القضاء يسبق القدر ثم في النقطة التي تليها يصبح متعلقاً بما سيكون ، وهنا أحب أن أؤكد بأن القضاء والقدر ليسا متوازيين زمنياً وهما علمان عند الله خارج حدود الزمن فلا يتقيدان به إلا بالنسبة إلينا بعد انتهاءهما فنقول كان القدر كذا وكذا ثم أصبح القضاء كذا وكذا.

      قد تتفق معي حفظك الله بأن قراءة المقال ومقارنته بفهم مسبق ثابت يقود لإساءة فهم النتيجة التي وصلت إليها وأرى بأن هذا ما حدث
      يوجد فعل ونتيجة فعل أنا أسميت الفعل قدرا والنتيجة قضاء
      بينما يرى آخرون بأن الفعل قضاء والنتيجة قدر
      وبالتالي فالتناقض بين استعمال المصطلحات سيجعل النقاش في غاية الصعوبة ولكن لندع الأحكام المسبقة والمفاهيم المطروقة جانباً ونفند الاستدلالات وفهمها الخاطئ (بالنسبة لي ان كنت ترى أني اخطأت الفهم).
      بينما أرى أن الفهم السائد هو الخاطئ مرده إلى إدخال عامل الزمن في مفهوم القضاء والقدر فما عن يبدأ ابن آدم من التفكير حتى تطل اشكالية (كان وكائن) فيصاب بالحيرة بينما لو ابتعد عن اسقاط الزمن على القضاء والقدر آخذا في الاعتبار بأن مسبب القضاء والقدر سبحانه لا يقيده زمان ولا يصح إسقاط الزمن على علمه سبحانه وتعالى فتصبح العلاقة بين القضاء والقدر ليست متتالية زمنياً كما أسلفت.
      وبرايي لو أخذ المقال بأجزاءه وتم تفنيده فسيكون الأمر أكثر تركيزاً بإذن الله وأكثر نفعاً ، وفقني الله وإياكم للحق بتوفيقه وتسديده ولكم تحية ودعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  5. بالنسبة لموضوعكم تم اخفاؤه في قسم العقيدة لك أن تراسل المشرفين في القسم العقيدة و تعرف السبب و لك أن تطلب منهم وضعه في قسم التواصل الخاص بالعلوم الشرعية ليظهر لك فقط و تقنعهم بوجهة نظرك إذا ما رأو أي مخالفة فيه.
    إما أن تقيم عليهم الحجة أو تقام عليك و هكذا ستستفيد و تلقى من النقاش ما يثريه بإذن الله تعالى.

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اشكرك وفقك الله ، واعتقد لو وجدوا فيه ما يثير الرد لما توانوا عن مناقشة وتفنيد ما جاء فيه وبالتالي لا ارى فائدة من طلب النقاش طالما لم يبينوا سبباً لإخفاءه وربما تذكرين رعاك الله بأني توقعت ان يحجب فلا باس

  6. الغالي / الأستاذ عدنان الغامدي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكر لك أدب الحوار وسعة الصدر وقبول النقد من منطلق ” الدين النصيحة” والنقد من النصيحة .
    أما بالنسبة لأولاً :
    أشكر لك الترحاب والاستقبال الذي يليق بصاحبه المفضال .
    وأما ثانياً :
    فلم أتهمك بالتجريم والقذف والاعتداء على العلماء السابقين حاشاك وحاشاني الله من ذلك !!
    وإنما كان قولي [أتمنى على كل ناصحٍ وكاتب يرجو الثواب من الله تعالى ألا يخطِّئ من سبقه من العلماء بعبارات كالتي مررت عليها برفضك ما قالوه عن القضاء والقدر ، والخلط بين الأمرين ، وترك الناس يتيهون في تعريفاتهم !!] بمعنى أنهم أدخلونا في متاهات وتركونا !!
    وأنت تريد تصحيح المسار ..فلا بأس في هذا ..ولكن :
    ما أعرفه أنا من أراد التصحيح أو التعليق يذكر مختصر السابق ويناقشه على سبيل المناقشة المباشرة لصاحب الموضوع وفي ذات الوقت عرض ما يريده من أفكار وصواب –بحسب نظرتي الشخصية- وما أقوله هو أيضا عرض للمطّلعين على السابق واللاحق والمقارنة بينهما .

    أما قولك :[ فيما يتعلق بخلط القضاء الكوني والقضاء الشرعي فإني أتفق معك جزئياً فكان ينبغي فصل ما تفضلت بتسميته بالقضاء الكوني والقضاء الشرعي ولكني لا اتفق في التفريع بهذه الصورة ] :
    فهذا يدل على وجوب الفصل بين الاثنين ولا مناص في ذلك ؟؟!!
    فكيف لا تتفق في التفريع والتمييز بين أمرين هامين ؟؟!!
    مثال :
    يقول الحق جل وعَزَّ : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء : 23]
    هل هذا قضاء كونيا أم شرعيا؟؟
    من الواجب حتما بيانه بأنه قضاءٌ شرعي ..أي : تعبد أو لا تعبد ، وتحسن للوالدين أو لا !!
    ولو كان كونياً لكنا رغم أنوفنا نعبد الله تعالى ونحسن !!
    ولكنه ابتلاء وامتحان .
    وفي قوله تعالى : {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ : 14]
    فهذا قضاء كوني بدون شك .

    وفي قوله عزَّ وجلَّ : {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء : 4]
    فهل القضاء في هذه الآية شرعيا أم كونيا؟؟!!
    أقول ما قاله العلماء : لا هذا ولا ذاك !!
    في تفسير ابن كثير –رحمه الله تعالى _ :
    فقوله : ( وقضينا ) أي : أعلمناهم وأخبرناهم بذلك وأوحينا إليهم . ولفظ ” إلى ” صلة للإيحاء ؛ لأن معنى ” قضينا ” أوحينا إليهم كذا . وقوله : ( لتفسدن ) يريد المعاصي وخلاف أحكام التوراة ، وقوله : ( في الأرض ) يعني : أرض مصر ، وقوله : ( ولتعلن علوا كبيرا ) يعني : أنه يكون استعلاؤكم على الناس بغير الحق استعلاء عظيما ؛ لأنه يقال لكل متجبر : قد علا وتعظم ، ثم قال : ( فإذا جاء وعد أولاهما ) يعني أولى المرتين ( بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ) والمعنى : أنه إذا جاء وعد الفساق في المرة الأولى أرسلنا عليكم قوما أولي بأس شديد ، ونجدة وشدة ، والبأس القتال ، ومنه قوله تعالى : ( وحين البأس ) [البقرة : 177] . ومعنى بعثنا عليكم : أرسلنا عليكم ، وخلينا بينكم وبينهم خاذلين إياكم ، واختلفوا في أن هؤلاء العباد من هم ؟ قيل : إن بني إسرائيل تعظموا وتكبروا واستحلوا المحارم وقتلوا الأنبياء وسفكوا الدماء ، وذلك أول الفسادين فسلط الله عليهم بختنصر فقتل منهم أربعين ألفا ممن يقرأ التوراة ، وذهب بالبقية إلى أرض نفسه ، فبقوا هناك في الذل إلى أن قيض الله ملكا آخر غزا أهل بابل .

    وأما قولك : [1- في مفهوم حضرتكم وفقكم الله بأن القضاء سابق للقدر بينما في مفهومي بأن القضاء والقدر ليسا متتابعين لأن علم الله خارج حدود الزمن ولا تجري عليه قوانين الزمن الدنيوية وبالتالي من الخطأ القول أن هذا قبل ذاك او العكس ، فما عنيته بأن الأمرين بمستوين مختلفين يكون القضاء أعلى من القدر لأن القضاء هو مآل القدر بعد وقوعه وإذا أخضعنا هذا المفهوم لتحليلنا العقلي البشري وفق سننا الأرضية فيما يتعلق بالزمن والماضي والحاضر فنحن نعبث لأننا لن نصل لنتيجة فهذا العلم لا يخصنا ولا يتقيد بقيود الزمن وحدود علمنا فيه لا يتجاوز معرفة اتساع قدرة الله وعلمه الأزلي والأبدي وقدرته المطلقة.]
    أخي الكريم ..
    كما بينْتُ في مقالي : القضاء يسبق القدر ودليل هذا :
    يقول الله تعالى : {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة : 117] فيكون الفضاء بعلم الله تعالى ثم كتابته في اللوح المحفوظ ثم مشيئة الله تعالى في زمانه ومكانه .
    فإذا آن موعد التنفيذ بكلمة “كن” يكون !!
    ولهذا :
    في الحديث الذي ذكرته انت في مقالك : [عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزيد في العمر إلا البِرّ، ولا يرد القدر إلا الدعاء) رواه الترمذي وابن ماجة.
    لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم “يرد القضاء” بل قال القدر لأنه دخل التنفيذ . والقدر فيه تغيير وتبديل من الله تعالى لأن من عقيدة أهل السنة :” الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده .. ولكن يخلف وعيده ” .

    أما قول شخصكم الكريم :[ سابق للقدر بينما في مفهومي بأن القضاء والقدر ليسا متتابعين لأن علم الله خارج حدود الزمن ولا تجري عليه قوانين الزمن الدنيوية وبالتالي من الخطأ القول أن هذا قبل ذاك او العكس ]:
    أولا ما قلت بأن القضاء أو القدر مكشوف لأحد ليكون له تحديدا زمنيا !!
    أما عن الترتيب :
    أسألك أستاذنا : هل سمعت من قديم أو من حديث من قال ( قدرٌ وقضاء ) عند مصيبة أو نعمة عجيبة ؟؟؟
    أبدا !!لا يمكن القول إلا بترتيب ( قضاء وقدر ) لأن أحدهما يسبق الآخر ..
    وأؤكد:::
    [ الاثنان في علم الله تعالى في اللوح المحفوظ ولا يطلع عليه لا مَلَك ولا نبيٌ مرسل …أما القدر بعد وقوعه يعلمه صاحبه والناس ..
    ولذا من أركان الإيمان الستة ” الإيمان بالقدر خيره وشره ” أي بأن “ما أصابك لم يكن لخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ..رفعت الأقلام وجفت الصحف ” ولم نؤمر بالإيمان بالقضاء لأنه أول مراحل القدر وسره ومنه لا يتجزأ ولا ينفك عنه .

    أما قولكم : [2 – فهمكم للقضاء (الشرعي) من وجهة نظر العبد المرتبط بمشيئته فيما فهمي هو لما تسميه بالقضاء الشرعي هو المرتبط بالشارع الحكيم الذي اصدر القضاء (الحكم النافذ) وأما الإتباع والترك عند البشر (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فهذا يدخل في أعمال العباد وبالتالي يدخل في (القدر) فمن يؤمن فقد صنع قدره بإتباع مسار محدد وترك آخر وبالتالي فقضاءه (مآل قدره) يتوقف على استمراره في قدره أو حدوث مؤثر يخرجه من هذا المسار فيتغير القضاء.]

    حقيقة أرى هذا قلب للمسميات !!واعذرني في تعبيري ولا أقصد إلا اللفظ !!
    فالقضاء الشرعي : هو مجموعة الأحكام والتشريعات التي أمر بها ربُّنا سبحانه من أمر أو نهي أو تصديق بالخبر !!
    وأما القضاء الكوني : كما في قوله تعالى :
    {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت : 12]

    أما قولك :
    [ قولكم وفقكم الله نسبة لمفهوم القضاء والقدر للدكتور الرضواني :
    3- القضاء يسبق القدر _ وهذا يعارض ما جاء في مقالك أيضاً !!
    4- القضاء يتعلق بما سيكون ..بينما القدر يتعلق بما تم تنفيذه وخلقه .
    فيه تناقض بأن القضاء يسبق القدر ثم في النقطة التي تليها يصبح متعلقاً بما سيكون ، وهنا أحب أن أؤكد بأن القضاء والقدر ليسا متوازيين زمنياً وهما علمان عند الله خارج حدود الزمن فلا يتقيدان به إلا بالنسبة إلينا بعد انتهاءهما فنقول كان القدر كذا وكذا ثم أصبح القضاء كذا وكذا.
    أخي الكريم :
    أؤكد للبيان : القضاء والقدر سرّان في علم الله تعالى ومكتوبان في اللوح المحفوظ !!
    عند تنفيذ القضاء فهو مدون في اللوح المحفوظ بعلم الله الأزلي وبكتابته قبل خلق الكون بخمسين ألف سنة – كما في الصحيح- وشاءه الخالق سبحانه في زمان ومكان معينين ..وعند يريد الله تعالى هذا القضاء يكون قدرا ينزل على المقصود به لا غيره !! فأين التعارض ؟؟
    وأخيرا ..
    أشكر لك الرد والقبول ..
    والسلام عليكم ورحمة الله .

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      استاذي العزيز أ.نضال
      اشكرك شكرا مقرونا بالدعاء فبارك الله فيك وباعتقادي بضرورة تحرير المقال فيما يتعلق باجتهاد العلماء في تعريف القضاء والقدر بإدراج اقوالهم وما أراه من المآخذ على كل قول ، وسبق ان دونت دراسة بشأن الصنع والفعل والعمل في القرآن وكان ما توصلت اليه معاكسا تماما لما سبق تبيانه عند بعض من طرقوا هذا الأمر إلا أنني لم أتبين اقوالهم واراجعها الا بعد تدوين ما وصلت اليه، الا أني أزعم ان ما دونت يستند للنص القرآني ويرجع إليه ولا غنى مروركم الكريم وتصويبي ان وجدتم خطأ.
      وهذا ما سأفعله هنا فلا زلت اجمالا لا اخالف ما وصلت اليه إلا ان عرضه يحتاج لإعادة نظر بلا شك لدعمه بالاحتجاج الكافي.
      وفقكم الله واجزل لكم الثواب.

  7. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي في الدين , وفقّك الله لما يحب ويرضى عرضك للموضوع فيه تخبط فأنت لم تجرد عقلك من الموروث التاريخي ولو أنّك جردته والتزمت القرآن لكان المفهوم أوضح , ولا أدّعي أني اعلم منك في هذا الجانب إلا أني باحث عن الحقيقة ولم أفد من مقالك ما يروي عطشي في مسألة القضاء والقدر, ففي بداية استبشرت خيرا الا اني اصبت بخيبة الامل في نهاية المقال, فلا ادري هل للقضاء والقدر وجود في عالمنا أم لا, واعلم يقينا أننا موجودون في هذا العالم بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره, ولكن ما لا يصل الى مخيلتي وعقلي هو كيف اغير قدري بالدعاء , علما انني متفق معك تماما في ان قدر الانسان يتغير, ولكن ليس بالدعاء وانا بما يفعله الانسان من اعمال, فلعلك تجد لنا تفسيرات اخرى وشروحات اخرى عن هذا الموضوع بما يتوافق مع العقل البشري لا الموروث التاريخي وجزاك الله خير الجزاء

  8. السلام عليكم اخواني في الله وجزاكم الله كل خير. ووالله نقاشكم ممتع ومفيد وأود أن أشارككم بهذه المداخله:
    أولاً أخسب أن الأخ عدنان قد أخطأ في جانبين حسب فهمي لمعنى القدر الذي سيتم توضيحه وربما أكون أنا المخطئة فأرجو المعذرة: الجانب الأول تعبيره عن الأقداربأعمال العباد في الإضاءة الأولى .والجانب الثاني اعتقاده بأن الأقدارهي ما سيحدث في المستقبل فقط في الإضاءة الثانية. وسوف أضرب له مثالاً وهو إذا ولد طفل معتوه جسدياً ألم يكن ذلك قدر؟ وإذا وجد بعد فترة طويلة طبيباً استطاع علاجه ألم يكن ذلك قدراً أيضاً؟ فكان قدره في ماضيه الإصابة وفي مستقبله الشفاء؟ كما إن أعمال البشريرقبها الله تجاه أقداره في حالتي السراء والضراء. فالسراء والضراء هي الأقدار وتفاعل العباد وأعمالهم تجاهها هو أمر يختلف. ومن هذا المنطلق أود مشاركتكم برأي في معنى القدر ومعنى القضاء والفرق بينهما أتمنى أن تصوبوني واللهم لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وأن تعفو عنا وتغفرلنا يا أرحم الراحمين. ومداخلتي كالآتي:

    معنى القضاء والقدر والفرق بينهما
    معنى القدر
    القدر هو تقدير نصيب كل مخلوق من الخير(النعم) أي حزمته من المكونات الآتية (اسمه ووالديه ووقبيلته وزوجه وأبناءه وماله ومسكنه ومشربه وعافيته…) وتقدير نصيبه من الشر(المصائب) أي حزمته من (الأمراض والنقص في الأموال والأنفس والثمرات ). وبالتالي تكون كل المخلوقات مسيرة في نصيبهم من هذه المكونات فلا حول ولا قوة لهم فيها. والحكمة من وراء ذلك هي أن الله قد جعل هذه الأقدار أي النصيب والقسمة من أصعب الامتحانات لمعرفة مدى إيمان المخلوق بوحدانية الله. وجعل الله النجاح في إمتحان القدر أوالنصيب هو شكره على تلك الأقدار خيرها وشرها بالرضاء بها والصبر عليه إيماناً بأنها مقدرة له من الله. وقد جعل الله الأقدار من غيب الأرض للمخلوق وينزلها الله (بقدرمعلوم )أي بكميات متفاوتة وفي أوقات مختلفة
    ليعلم مدى صبرالمخلوق. فمثلاً يكون من الخلق من كتبله رزقبسيط في البداية فلايصبر على ذلك الوضع ويتضجر وهو لا يعلم أن الله قد كتب له رزقاً وفيراً لينزل له بعد فترة من الزمن . وربما يكون قد حدث العكس لغيره. وكلاهما ممتحنان في مدى قبول وضعهما والصبر عليه.
    معنى القضاء
    أما القضاء فهو كالقضاءأي الدستور في كل دوله- ولله المثل الأعلى- أي هو منهج العبادة وقوانينها وما يترتب على العمل بالقوانين من عقاب وجزاء. فيشملالقضاء أنواع الجزاء وأنواع العقاب لكل قانون في المنهج. وقد جعل الله القوانين فيه فتنة للناس أي هي الامتحان الذي يميز به الخبيث من الطيب لقوله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) وقوله أيضاً{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله المجاهدين فيكم ويعلم الصابرين}
    إذاً يتكون القضاء من خمسة بنود رئيسية وهي:
    أولاً: الإيمان بوحدانية الله ويشمل الأحكام التي تؤكد الإيمان بوحدانية الله وبكتبه ورسله وملائكته وهي الصلاة والزكاة والجهاد في سبيل الله فمن يصلى ويزكى ويجاهد فهو من المهتدين المفلحين وله الجزاء الحسن ومن لم يصلي ويزكي ويجاهد فهو من المنافقين الذين اتبعوا الطاغوت فلهم العقاب الشديد.
    ثانياً:الإيمان باليوم الآحر ويشمل هذا البند الأحكام التي تؤكد الإيمان باليوم الآخر توكيداً لوحدانية الله لقوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) والأحكام هي الصوم والحج وباقي الأوامر والنواهي والحدود بالإضافة للصلاة والزكاة والجهاد في سبيل الله (الأعمال الصالحة).
    ثالثًا: الإيمان بالأقدار خيرها وشرها ويشمل الأحكام التي تؤكد الإيمان بأن الأقدار خيرها وشرها سواء أن كانت خاصة أو عامة هي من الله. والإيمان بها هو الرضا بها وعدم تغييرها والصبرعليها هو عين الشكر لله وتوكيد لوحدانيته. فمن يصبر عليها يكون قد اجتنب الطاغوت وعبد الله فصار من المفلحين ومن لم يصبر عليها فهو من الجاحدين وسوف ينال العذاب الشديد لقوله تعالى: (سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب)211 البقرة. فقد قدرالله لبنياسرائيل طعام المن والسلوى وأمرهم ألايطغوا فيه. فطلبوا تبديله وبالتاليلم يشكروا الله فنالهم العذاب الشديد.
    رابعاً: الأحكام التي تنظم الحياة بتوضيح الحقوق والواجبات لكل مخلوق حتى يسود العدل ويكون الجو مهيئأً لعبادة الله. وما يترتب على العمل بها من عقاب وجزاء
    خامساً: تنفيذ أحكام الجزاء والعقاب التي وردت في كل المنهج يوم القيامة” لقوله تعالى: { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } “69” الزمر
    الفرق بين القضاء والقدر
    إن القضاء هو الدستور الشامل الذي يحتوي على القدر وقوانينه. وبمعنى آخر : إن القدر مادة واحدة من مواد القضاء والدستور الرباني، أي جزء من القضاء إذا أخذنا معنى القدر بأنه النصيب من أقدار الخير والشر.
    ولكن إذا أخذنا القدر بمعنى تخطيط الله لكل ما هو موجود في الدستورفقط، يكون القضاء مترادف القدر لأن القدر أي التخطيط كله مقضي أي منفذ لا محالة والله أعلم
    نأتي للاضاءة الرابعة وهي تغيير الأقدار وتبديلها نجد أن التغييروالتبديل هو أيضاً مقدرومكتوب في الدستور. فمثلاً إذا وضع الله في القضاء أي الدستور قانوناً مفاده أن من يدعوه ليبعد عنه الأذى والبلاء الكتوب عليه وصادف ذلك الدعاء نزول القدر فسوف يرده عنه، ألم يكن ذلك توضيحاً لرد البلاء والقدر بالدعاء والله أعلم من قبل ومن بعد

  9. معذرة لقد نسيت أن أكتب مداخلتي في الفرق بين قَدَر وقَدَّر. أخال أن معنى قَدَّر هو خطط وقرَّر وحدَّد. أما معنى قَدَر فهو النصيب أو القسمة الذي قدره الله من الأقدار سواءأن كان عامةً أو خاصةً. والمقادير والأقدار معناهما واحد بناءً على الحديث التالي: : (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء) فقدر المقادير يعني حدد وقرر مقدار كل فرد من الخير (النعم) ومن الشر(المصائب) وحدد مقادير كل بلد وكل منطقه وكل قاره من النعم ومن المصائب.والحديث التالي يؤكد معنى المقاديرأي الأقدار التي مفردها قَدَر وهو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{فرغ الله إلى كل عبد من خمسٍ: من رِزْقِهِ وأَجَلِهِ وعَمَلِهِ وأَثَرِهِ ومَضْجَعِهِ}. والرزق يشمل المال والزواج والسكن والأبناء بأنواعهم وهكذا.

  10. الاخ الفاضل الغامدي: قرأت باهتمام ما جاء في مقالاتك جميعا، ولفت نظري حبك للبحث والتفكير، وهي الصفة التي احبها في الانسان، فما بالك اذا كان الباحث مسلما. ولا شك ان لي تعليقات على مقالاتك؛ لكن من عادتي ان اقرأ بتمعن ثم اعلق على الموضوع، وذلك كي لا اظلم ولا اظلم (بضم الهمزة). فإن اسعفني الوقت سيكون لي عودة.

    المهم، خطر ببالي ان ادلك على كنز ثمين يليق بامثالك، خاصة مع هذه المواضيع التي طرحتها. وهو: كتاب الشخصية الاسلامية، الجزء الاول. للشيخ تقي الدين النبهاني.فهو عقلية اسلامية فذة، لا يضيره التشويه المتعمد لصورته بين المسلمين. فقد بحث قضية القضاء والقدر بحثا في منتهى الروعة. لا يملك العاقل الا ان يتفق معه.

  11. حياكم الله أخي الكريم أبا اليزيد
    يسعدني مرورك على مدونتي التي ما نشرت مافيها الا لأستحث أمثالكم ليصوبوا إن أخطأت ويدعوا إن أصبت فنسأل الله ان ييسر لنا ولكم قول الحق والرجوع إليه.
    سأقرأ بإذن الله الكتاب الذي أشرت علي به ، واتطلع لنقدك لما تمر عليه من مقالات والله الموفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »