القَدَاسَةُ والتَّقْديْس فِي السِّيَاقِ القُرآنيّ

بِسْم الله الرحمن الرحيم

قال الحق تبارك وتعالى:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} البقرة:30

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على نبي بعده          وبعد

مضى وقتٌ طويل وأنا أراجعُ هذه الآية الكريمة باحثاً عن أسرارها ومفاهيمها، ساعياً في الوصول لما تطمئن إليه النّفس، وقد اطلعت على أقوال مفسرينا الأجلاء وأقوال السلف والخلف من الأئمة والعلماء وطلبة العلم، فلم أقع على ما يروي غليلاً ولم أجد الأقوم قيلاً بل وجدت من الاضطراب في فهم الآية ما يشط بالتفاسير لتناقضات مع مواضع أخرى في القرآن الكريم، بل كان تعدد الآراء واللجوء للإسرائيليات دلالة واضحة على هذا الاضطراب، وفي نهاية الأمر لم أجد الكفاية عن مؤونة البحث والاستقراء والتدبر والاستقصاء.

وفي هذا البحث سنتتبع ونستقرئ مفردات هذه الآية لمحاولة الوصول لفهم سليم بتوفيق الله وتيسيره مسترشداً باستقراء مفردات الآية في القرآن الكريم ومقارنة المفاهيم المتشابهة.

 

أسئلة محيرة

من ابرز التساؤلات والإشكالات في ذهن بعض قراء هذه الآية ماهية العلاقة بين سؤال الملائكة وبين استخلاف الله لآدم وذريته في الأرض، فقد يصعب تبيُّن طبيعة السؤال ومؤداه، هل هو تعجبي؟ أم استنكاري؟ استفهامي؟؟ ولماذا لم يرد الجواب عن سؤال الملائكة إن كان سؤالهم على سبيل الاستفهام؟

وقد يصعب الوصول لمفهوم قوله تعالى:

(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)

فالتسبيح بحمد الله هو تنزيهه جلّ وعلا عما لا يليق، ولكن ما معنى قوله نقدس لك؟؟.

لقد وجدت أن فهم التقديس في هذا الموضع وفي كل القرآن الكريم هو محور فهم هذه الآية على وجه دقيق متسق، فانطلقت من هنا حتى فتح الله علي بفهم ارجو أن يكون هو الأقرب للحق.

 

مفهوم التقديس والمعاني المرتبطة به

القُدْس، الْقَدَاسَة: ويعني الطهر والبراءة من الدنس والسوء من الأفعال والأقوال.

والتقديس: هو التطهير والتبرئة من الذنوب والآثام.

والملائكة مخلوقات قدسها الله أي طهرها ونزهها عن الذنوب والخطايا فلا ينبغي لها العصيان أو الرذل من الأفعال فيقول تعالى (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، والواحد من الملائكة (الملك) يسمى “قُدَاسْ” أي الطَّاهر المطهر ، والجمع “قُدُسْ” أي الأطهار ، فالقُدَاس يجمع إلى قُدُس ، كالحجاب يجمع إلى حُجُب ، والكتاب يجمع إلى كُتُبْ ، وهي صيغة جمع التكسير لكل اسم ثلاثي معتل العين فيجمع على صيغة فُعُل ، وجبريل عليه السلام رئيس الملائكة ، ويسميه الله تعالى في القرآن الكريم “رُوْحُ القُدُس” فهو رئيس الأطهار وروحهم.

والقداسة تشمل طهارة الموضع كالوادي المقدس طوى، فطهارته وقيمته المقدسة جعلت الرحمن يأمرُ عبده موسى عليه السلام أن يخلع نعليه بعلّةِ قداسةِ الموضع وطهره فيقول جل شأنه:

 

{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} طه:12

 

هل تصح نسبة القداسة لله؟؟

لقد طهر الله تعالى ملائكته طهارة تكوينية ، فلا ينبغي لهم إتيان المعاصي أو ترك العبادة ونبذها ، فالقداسة حلت عليهم من (القدوس) وهو اسم من أسماء الله الحسنى يشير لتفرده بتحقيق القداسة وإضفاءها على من يشاء وما يشاء من خلقه.

لا تصحُّ نسبةُ الطُّهْر إلى الله فيقال المُطَهَّر ، لأن ذلك يعني أنه قبل التقديس لم يكن كذلك تعالى ربنا عن ذلك ، بل هو القدوس الذي به يتحقق التطهير ، فعندما يجعل من الملائكة طاهرين فقد قدسهم ونزههم عن الذنوب ، وهو عندما يغفر ذنوب المذنبين فهو يطهرهم من دنس الذنب فيتقدسون حتى يعودون ويذنبون فتنتفي عنهم القداسة حتى يعود الله عليهم بالغفران والتطهير فكان اسم القدوس دليل على مصدر التطهير وليس هدفه.

والنصارى يسمون صلاتهم (قُدّاساً) فتحصل المغفرة بزعمهم لمن يشارك في هذه الطقوس الكنسية، وهم يسمون العالم الرباني الجليل أو الوليُّ من أولياء الله عندهم (القدّيس) لامتناعه عن إتيان الذنب وطهارته عن النقائص برأيهم.

فالله تعالى وحده مصدر القداسة، فهو سبوح منزه عن الدنايا قدُّوس مُطَهِّرٌ لمن يشاء له ذلك من خلقه وهذا متفق مع طبيعة كل أسماء الله الحسنى .

وظيفة الملائكة الكرام

إن القرآن الكريم يعرّفنا على وظيفتين أساسيتين هما تكاليف الملائكة وعبادتهم التي افترضها الله عليهم وهما:

أولاً: الوظيفة العلوية وهي: التسبيح بحمد ربهم جل وعلا.

ثانياً: الوظيفة السفلية وهي : الاستغفار للمؤمنين (التقديس).

 

ودلالة ذلك في قوله جلَّ شأنه:

{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الشورى:5

 

{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} غافر:7

 

إن استغفار الملائكة لمن في الأرض هو بذاته التقديس لأنهم يطهِّرون من في الأرض باستغفارهم لهم ويستجيب القدوس سبحانه لاستغفارهم فيمحو ذنوب المكلفين فيتحقق التطهير وتحل عليهم القداسة.

وبعد الحساب ودخول أهل الجنة لمأواهم، ودخول أهل النار لمستقرهم يبقى التسبيح – وهو الوظيفة العلوية – ويتوقف التقديس – وهو الوظيفة السفلية – ويحلّ محلّهُ الحمد وذلك لتحقق الحساب والثواب والعقاب وانتهاء التكليف وفي ذلك يقول تعالى :

 

{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الزمر:75

 

مفهوم الآية الكريمة

هنا يتبين لنا بجلاء ووضوح مفاد هذه الآية الكريمة، فالملائكة الكرام عالمين بما في اللوح المحفوظ وعارفين بعلم من الله بما سيكون من البشر على الأرض، وقد سبق أن علمنا كيف أن الشياطين كانت تقعد مقاعد للاستماع فيعلمون شيئا من الغيوب حتى حَرَمَهُم الله جلّ جلاله من ذلك بالشهب الحارقة ترصدهم وتمزق من يحاول الاستماع.

فالملائكة يتفكرون بتعجب فيما علموا من الغيب – المستثنى – الذي علمهم الله (لا علم لنا إلا ما علمتنا) عن خلق الله وفعله بهم ، فكيف يجعل في الأرض قوما يبارزونه بالمعاصي ، ويسفكون الدماء ، وبالمقابل فإن الملائكة تؤمر بالاستغفار لهم وتقديسهم برغم سوء فعلهم و عظيم جرمهم ؟.

وهذا من أعظم المفاهيم وأجلّها، وفيها ما يبعث على الرهبة والامتنان والخشية والتذلل لهذا الرب العظيم وهذا الإله الكريم.

فالله يخبرهم بحلول أمره بتكوين الإنسان وخلق آدم وجعله خليفة فيقول تعالت ذاته :

(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة)

فيقول الملائكة الكرام بعد علمهم بما يكون من نتائج هذا الاستخلاف متعجبين من فعل الله : أتجعلُ في هذه الأرض مفسدين مذنبين طغاة بغاة (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) وهي الوظيفة الأولى، العلوية.

(وَنُقَدِّسُ لَكَ) أي نستغفر لهم بأمرك ونطهرهم لأجلك رغم ما يقع منهم من سوء وسفك للدماء ؟ ، وهي الوظيفة الثانية ، السفلية.

فلو كان التقديس يقصد به تنزيه الله لقال (نقدسك) أما قوله (نقدس لك) فالتقديس لم يقع على الله بل وقع على سواه ولكن لأجله تعالى وبأمره ، فعندما يقول الرجل لأخيه إني استغفر لك ، فالمعنى اني اطلب من الله أن يحقق المغفرة لذنوبك فالعمل أقوم به لأجلك ، وعندما يقول قائل إني أذبح لله ، فالمذبوح ومن وقع عليه الذبح من النعم غير من كان الذبح تقربا إليه.

وعندما يقول لي قائلٌ : لقد طَهوتُ لك، فلا يراد أن الطهي وقع علي بل وقع لي ولأجلي ولكن الفعل وقع على الطعام المطبوخ ، وكذلك قول الملائكة (نقدس لك) نستغفر لخلقك تطهيراً لهم من آثامهم لأجلك وتنفيذاً لأمرك.

فكيف يا رب تبادل هذه المخلوقات العاصية المجرمة بالمغفرة والتطهير الدائم مع ما يبتدرونك به من العصيان والإجرام وسفك الدماء؟

وهو سؤال يعجبون فيه من فعل الرحمن بخلقه في حين أن المتبادر للذهن أن مثل أولئك قوم يستحقون العقاب الشديد على فعلهم ولكن الله يُمهلهم ويُطهرهم ويأمر الملائكة بالاستغفار لهم ويسخرهم لذلك الفعل.

لا شك أن هذه الرأفة والإشفاق على بني آدم من أسمى معاني الربوبية والرحمة، وليعلم أهل الأرض كرامة الله لهذا المخلوق العاصي وإمهاله له وعنايته به حتى أنه سخر له الملأ الأعلى ليقوم على شئونه ويصرف نصف عبادته مستغفراً له مطهراً لسجله من المعاصي والآثام.

مراجعة لبعض أقوال المفسرين

من المهم أن نراجع أقوال المفسرين في هذا الباب ونتعرف على آرائهم حيال تفسير هذه الآية ومفهومها ونعلق على كل فقرة قدر الإمكان ودائما ما نجد ابن جرير الطبري رحمه الله أكثر المفسرين إحاطة بالأقوال المتنوعة، المتفق منها والمتضارب، الشائع والشاذ فنقتبس من تفسيره رحمه الله بتصرف غير مخل اقتصر على إغفال الاسرائيليات ومالا سند له من قرآن ولا حديث فنقول وبالله التوفيق:

حدثنا به بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة قوله : ” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ” فاستشار الملائكة في خلق آدم ، فقالوا : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ” وقد علمت الملائكة من علم الله أنه لا شيء أكره إلى الله من سفك الدماء والفساد في الأرض ” ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ” فكان في علم الله جل ثناؤه أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة . قال : وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول : إن الله لما أخذ في خلق آدم قالت الملائكة : ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا ؟ فابتلوا بخلق آدم – وكل خلق مبتلى ، كما ابتليت السماوات والأرض بالطاعة ، فقال الله : ( ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) [ سورة فصلت : 11 ] .

وهذا الخبر عن قتادة يدل على أن قتادة كان يرى أن الملائكة قالت ما قالت من قولها : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ” على غير يقين علم تقدم منها بأن ذلك كائن ، ولكن على الرأي منها والظن ، وأن الله جل ثناؤه أنكر ذلك من [ ص: 464 ] قيلها ، ورد عليها ما رأت بقوله : ” إني أعلم ما لا تعلمون ” من أنه يكون من ذرية ذلك الخليفة الأنبياء والرسل والمجتهد في طاعة الله . انتهى

أقول في هذا الباب : وهذا القول ينفي تنزيه الملائكة بالقول بالهوى والظن وعصمتهم عن الرجم بالغيب وهو فعل ذميم ، فهم ما قالوا قولهم إلا لاطلاعهم على ما قرروه وعلمهم من علم بالله بما قالوه ، ونفيهم العلم بالأسماء في قولهم ” سبحانك لا علم لنا ” مستثنى منه ما علمهم الله ” إلا ما علمتنا ” فكان دلالة على أن الملائكة علموا من علم الله شيئاً وخفي عنهم أشياء ، فالمعرفة والعلم ليست قاطعة بالعلم بكل شيء وليست منفية فيقال الجهل بكل شيء ودلالتها في الآية وهذا مما لا يحتاج معه لمزيد بحث.

وقال ابن جريج بما :

حدثنا به القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : إنما تكلموا بما أعلمهم أنه كائن من خلق آدم ، فقالوا : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ” ؟ وقال بعضهم : إنما قالت الملائكة ما قالت : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماءلأن الله أذن لها في السؤال عن ذلك ، بعد ما أخبرها أن ذلك كائن من بني آدم . فسألته الملائكة ، فقالت ، على التعجب منها : وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم ؟ فأجابهم ربهم : إني أعلم ما لا تعلمون ، يعني : أن ذلك كائن منهم – وإن لم تعلموه أنتم – ومن بعض من ترونه لي طائعا . يعرفهم بذلك قصور علمهم عن علمه .

وقال بعض أهل العربية : قول الملائكة : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ” على غير وجه الإنكار منهم على ربهم ، وإنما سألوه ليعلموا ، وأخبروا عن أنفسهم أنهم يسبحون . وقال : قالوا ذلك لأنهم كرهوا أن يعصى الله ، لأن الجن قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت .

وقال بعضهم : ذلك من الملائكة على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك ، فكأنهم قالوا : ” يا رب خبرنا ” مسألة استخبار منهم لله ، لا على وجه مسألة التوبيخ .

قال أبو جعفر : وأولى هذه التأويلات بقول الله جل ثناؤه ، مخبرا عن ملائكته قيلها له : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ” [ ص: 470 ] ، تأويل من قال : إن ذلك منها استخبار لربها ، بمعنى : أعلمنا يا ربنا أجاعل أنت في الأرض من هذه صفته ، وتارك أن تجعل خلفاءك منا ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، لا إنكار منها لما أعلمها ربها أنه فاعل . وإن كانت قد استعظمت لما أخبرت بذلك ، أن يكون لله خلق يعصيه .

وأما دعوى من زعم أن الله جل ثناؤه كان أذن لها بالسؤال عن ذلك فسألته على [ ص: 471 ] وجه التعجب ، فدعوى لا دلالة عليها في ظاهر التنزيل ، ولا خبر بها من الحجة يقطع العذر . وغير جائز أن يقال في تأويل كتاب الله بما لا دلالة عليه من بعض الوجوه التي تقوم بها الحجة .

وأما وصف الملائكة من وصفت – في استخبارها ربها عنه – بالفساد في الأرض وسفك الدماء ، فغير مستحيل فيه ما روي عن ابن عباس وابن مسعود من القول الذي رواه السدي ، ووافقهما عليه قتادة من التأويل : وهو أن الله جل ثناؤه أخبرهم أنه جاعل في الأرض خليفة تكون له ذرية يفعلون كذا وكذا ، فقالوا : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ” على ما وصفت من الاستخبار .

فإن قال لنا قائل : وما وجه استخبارها ، والأمر على ما وصفت ، من أنها قد أخبرت أن ذلك كائن ؟

قيل : وجه استخبارها حينئذ يكون عن حالهم عن وقوع ذلك . وهل ذلك منهم ؟ ومسألتهم ربهم أن يجعلهم الخلفاء في الأرض حتى لا يعصوه . وغير فاسد أيضا ما رواه الضحاك عن ابن عباس ، وتابعه عليه الربيع بن أنس ، من أن الملائكة قالت ذلك لما كان عندها من علم سكان الأرض – قبل آدم – من الجن ، فقالت لربها : ” أجاعل فيها أنت مثلهم من الخلق يفعلون مثل الذي كانوا يفعلون ” ؟ على وجه الاستعلام منهم لربهم ، لا على وجه الإيجاب أن ذلك كائن كذلك ، فيكون ذلك منها إخبارا عما لم تطلع عليه من علم الغيب . وغير خطأ أيضا ما قاله ابن زيد من أن يكون قيل الملائكة ما قالت من ذلك ، على وجه التعجب منها من أن يكون لله خلق يعصي خالقه .

وإنما تركنا القول بالذي رواه الضحاك عن ابن عباس ، ووافقه عليه الربيع بن أنس ، وبالذي قاله ابن زيد في تأويل ذلك ، لأنه لا خبر عندنا بالذي قالوه من وجه يقطع مجيئه العذر ، ويلزم سامعه به الحجة . والخبر عما مضى وما قد سلف ، لا يدرك علم صحته إلا بمجيئه مجيئا يمتنع معه التشاغب والتواطؤ ، ويستحيل معه الكذب والخطأ والسهو . وليس ذلك بموجود كذلك فيما حكاه الضحاك عن ابن عباس ووافقه عليه الربيع ، ولا فيما قاله ابن زيد .

نكتفي بما قد سبق وأستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم

32 تعليق

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
    بارك الله فيك ياشيخ عدنان وجعل ماتكتبه في ميزان حسناتك,,

    لي تعليق بسيط عن مفهوم ومعنى الملائكة .. وقبل ذلك أؤكد ان ردي هنا هو من باب المدارسة والمناقشة وليس عن علم ازعمه ..

    *الملائكة لغة: جمع ملك، قال ابن فارس: (الميم واللام والكاف أصل صحيح يدل على قوة في الشيء وصحة).
    والملك أصله (ملاك) نقلت حركة الهمزة فيه إلى الساكن قبله، ثم حذفت الألف تخفيفاً فصارت ملكاً، وهو مشتق من الألوكة والملأكة وهي: الرسالة، والملأك: الملك؛ لأنه يبلغ عن الله تعالى، يقال: ألك؛ أي تحمل الرسالة (وكل ملك من ملائكة السماء موكل من الله بأمر من الامور “رساله” فملك الموت مثلاً موكل “مرسل” بقبض الروح).

    ** اذاً لقب الملائكة : لقب يطلق على “ملوك السموات” وهم خلق موكلين من الله بأمر من الامور (كالوحي, والقطر, وقبض الارواح …الخ) .. وهؤلاء الملائكة على نوعين:
    1- “ملائكة نورانيين” مخلوقين من نور وهم “المقربون الكرام” وهم الذين (لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) .. وهذا سبب الإشارة في القران الى ان ابليس (من الجن) عندما خرج عن أمر الله له بالسجود (واذ قلنا للملائكة اسجدوا) وذلك للتفريق بينه وبين هؤلاء “الملائكة النورانيين” المعصومين اللذين (لا يعصون الله ..).

    2- “ملائكة غير نورانيين” كمثل “الملائكة من الجن” ومنهم “ابليس” و “هاروت” و”ماروت” الذين خلقهم الله من النار.. وهؤلاء الملائكة اقل منزلة من الملائكة الكرام المقربون “النورانيين”.

    خلاصة القول: ان ابليس يشترك مع الملائكة “النورانيين” بلقب “الملائكة” من حيث انه كان ملك من “ملوك السموات” .. ولكنه اقل منهم منزلة ويختلف عنهم في الخلقة والعصمة.

    ***ولعل الدليل نستخرجه من قوله تعالى:
    1- {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} (20 الأعراف(
    فهذا آدم – عليه السلام – المخلوق من “طين” اكل من الشجرة التي دله عليها ابليس (ليغويه), طمعاً بان يكون من “ملوك السماء” .. فلو كان لقب الملائكة بذاته يعني “الملائكة النورانيين” حصراً ويعني “العصمة” لما طمع ابونا آدم بهذا اللقب واكل من الشجرة, وايضاً لما كان طمًعه ابليس “الرجيم” بهذا اللقب.
    2- }اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ * إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{ (75 الحج)
    فكما ان البشر ليسوا كلهم مؤهلين لتلقي الوحي من ربهم وحمل رسالته .. فكذلك ليس كل من اطلق عليهم لقب “الملائكة” يكونون سواء بالدرجة والمنزلة والخلقة .. فلا عصمة الا لمن عصمه الله .. ولو شاء الله, ما عصاه احد من خلقه.

    والله أعلم وأحكم

    1. حياكم الله أخي عبدالرحمن وبارك الله فيك وشكر لك لوجودك ومدارستك النافعة دوماً وهي مهمة للغاية لأنها مرتبطة بدراسات ومقالات أخرى ستتضح لجنابكم من خلال هذا الرد:
      أولاً : اختلف معكم في نسبة إبليس للملائكة والذي كان منشؤه كما بدا لي فهم قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) ولذلك قررتم ما نصه “ان ابليس يشترك مع الملائكة “النورانيين” بلقب “الملائكة” من حيث انه كان ملك من “ملوك السموات” .. ولكنه اقل منهم منزلة ويختلف عنهم في الخلقة والعصمة.”
      فأول وجه ينقض هذا القول هو عدم وجود سند أو مصدر معتبر يقرر قول بوجود ملائكة نورانيين وآخرين خلاف ذلك فلا دليل على تصنيف الملائكة بهذه الصورة ، وأتفق معكم تماما بتعدد وظائف الملائكة وتباين قوتهم واختلاف خلقتهم بتعدد أجنحتهم وتكاليفهم وقدراتهم حسب ما يريد ربنا جل جلاله ، إلا أنهم يتفقون في صفتين هامتين:
      أولا : خلقهم من نور ، خلاف الجان الذين خلقهم الله من مارج من نار أو البشر الذين خلقوا من طين.
      ثانيا: امتناع المعصية عليهم وكونهم طائعين دوما لا ينبغي عليهم العصيان ، لذلك كلف الله منهم هاروت وماروت الذين لا يستعملون السحر ولا يحتاجون اليه ولا ينبغي عليهم اتيانه .
      إن استعمال الآية التي تفضلتم بها بسجود الملائكة الا ابليس كقرينة لضم ابليس للملائكة غير سديد في نظري لأنه وبنفس المنطق بنقول بأن جبريل وميكال ليسا من الملائكة لقوله تعالى (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) وهذا غير صحيح ، فالاستثناء في الىية المذكور لا يدل على أنه من الملائكة فلو تتبعنا مسألة أمر الله للملائكة بالسجود لآدم لاستطعنا تمييز إبليس وتحقيق أصل خلقته بأنه ليس من الملائكة بل من الجن ، والجن وصفهم الله وصفاً دقيقاً في مواضع عديدة من القرآن الكريم بين لنا أن الخلق الحي المكلف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
      الملائكة : الطائعون النورانيون المكلفون بالعبادة وبأمور أخرى.
      الجن : الذين قالوا (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) ومنهم ابليس الذي كان أكبر العصاه وأولهم انحطاماً في جهنم ونسبه الله للجن في قوله (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ) وحتى لا يظن أحد أن الملائكة ينبغي لها العصيان فقد بين الله في هذا الموضع أن ابليس كان من الجن ولذلك السبب جاز عليه العصيان (كان من الجن ففسق) ، والشياطين هم ذرية إبليس وهم طائفة شريرة من الجن ميزت باسم الشياطين لذلك يقول تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي)
      وبناء على ذلك تتشكل في أذهاننا المعادلة التالية :
      ابليس … من الجن …. وهو ملك الشياطين .
      وبذلك فتستحيل نسبة ابليس للملائكة لأن معنى ذلك أن الشياطين من الملائكة وهذا محال ولا ينبغي.
      إن من الملائكة من كلفه الله بتكاليف وأرسله للناس أو لبعض الناس كما أخبرنا جل وعلا ومن أمثلة تلك المهام :
      – ما كلف الله به جبريل من مهمة نقل الوحي لأنبياءه عليهم السلام وآخرهم نبينا صلى الله عليه وسلم ومهام أخرى منها إيقاع العذاب بأقوام عصاة دعى أنبيائهم عليهم.
      – الرسل الذين بشروا إبراهيم وسارة ، وأوقعوا العذاب بأهل سدوم وعمورا.
      – هاروت وماروت ورسالة تعليم السحر لبني إسرائيل.
      – الخضر عليه السلام ومهمته مع نبي الله موسى عليه السلام.
      ولو راجعنا طبيعة المهام التي كلف بها أولئك الملائكة لوجدنا بأن هناك مشتركات ، ولوجدنا متناقضات مع الشيطان وابليس وطبيعتهم النارية الشريرة.
      ويسرني اطلاعكم حفظكم الله على مقال كتبته بعنوان :
      حَقِيْقَةُ هَارُوْتَ وَمَارُوْتَ فِيْ ضَوْءِ السِّياَقِ القُرْآنِيْ
      على الرابط التالي : https://goo.gl/kwxFjc
      آمل اطلاعكم على البحث بعناية ، أجزل الله لكم المثوبة ووفقنا الله جميعا لفهم كتابه على الوجه الذي يرضيه إنه هو الفتاح العليم

      1. احسنت وبارك الله فيك .. وانا ارى ان مقالك وردك هو الاصوب والاصح ..

        ولكن الاشكال ان لم يكن ابليس “الرجيم” من الملائكة لكان اعتذر بان عدم سجوده عائد لكونه ليس من الملائكة (اي ليس مأمور).. ولكن ربما الحل لهذا الاشكال هو فهم الاية هكذا{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ} حين قلنا له اسجد {وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} … وفي الاية الاخرى{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} > {إِلَّا إِبْلِيسَ كَان مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} > حين امره بالسجود …

        ولقد اطلعت واستفدت كثيراً من مقالك “حَقِيْقَةُ هَارُوْتَ وَمَارُوْتَ فِيْ ضَوْءِ السِّياَقِ القُرْآنِيْ” .. واستلهمت منه ان هاروت وماروت ملكان مهمتهم انذار وتحذير كل من يذهب ليتعلم من الشياطين السحر, فيعترضان لكل من يذهب ليتعلم السحر عند الشياطين ويقولان له (انما نحن فتنة) اي منذرين وانذارنا لك فتنة (اختبار) هل تستجيب وتدع تعلم السحر ام تكفر ..(فلا تكفر) اي لايفتنك السحر عن ماجئناك به من النذير والتحذير..

        هذا والله أعلم

        1. صحيح ، الأمر من هذا الباب يبعث على التساؤل ولكن هناك توجيهات يمكن أن تزيل الاشكال في أذهاننا -برأيي المتواضع- وتمكننا من تقبل المسألة وذلك من أوجه عدة :
          – اعتدنا على ذلك في الأسلوب القرآني بأن يبرز فئة ويغفل ذكر فئة ، فكان في هذه الواقعة دلالة على شمول ابليس بالأمر لوجوده في حيز الملائكة وبعدهم المرئي ، وبأنه مكلف بذات التكاليف التي يكلف بها الملائكة ولكن إفراد الملائكة بالذكر في الأمر يبدو أنه يعود لشرف مكانتهم عند الله وعددهم الكبير مقارنة بابليس الذي كان الأوحد من غير جنسهم والوحيد في مخالفة الأمر.
          – أن الموقف القرآني يقتضي تصنيف المعنيين بالآية من حيث الاستجابة من عدمها بغض النظر عن طبيعتهم وخلقتهم لأن هذه المسألة هي الباعث الاصلي على سرد الواقعة.
          – لو اتسعت مداركنا قليلا وخرجنا عن خيالاتنا المتبادرة لأذهاننا لبرزت مسألة أخرى ، هل كان الأمر مجرد دقائق أمر الله فيها بأمر وعصي في نفس الموقف وحرم العاصي في ذات الوقت ؟؟ ، إننا نتصور بأنه مشهد فوري حصل في فترة قصيرة ، ولكننا اعتدنا في السرد القرآني عندما تحدث ربنا جلت قدرته عن خلق السموات والأرض ، اعتدنا على اختصار قد يصور لنا أن الأمر تم في دقائق أو ساعات في حين أن أمر الله للملائكة -وابليس معهم – ربما كان وضعا مستمرا لمئات السنين أو ربما لآلاف السنين ، تركت الفرصة فيها لهذا الجن العاصي بالتوبة ولكنه أصر على العصيان والكفر حتى اكمل الله خلق آدم ، وهكذا فالكثير من جوانب القصة قد تكون أغفلت ولكننا نستطيع الاستدلال على شيء منها وانما كان إغفالها لعدم تعلقها بموضوع السورة وسياق الحديث فأغفلت ، وهنا نستطيع تفهم مسألة إفراد الملائكة بالامر وافراد ابليس بالعصيان ، برغم أنه قد يوجد غير الملائكة من المخلوقات قد أمر بالسجود واطاع الله ولكن أغفل الله ذكره هنا .

          وقلب الإنسان برأيي يحمل عقل الملائكة الذي لا يقبل الزلل ، ويحمل فؤاد الجن الذي يتأثر بالحواس ويحمل صورا من الكبر والخوف والطمع والشهوة ..الخ فكان مخلوقا مركبا نفسيا من ميزة عقلانية ملائكية تدعى العقل وأخرى ابليسية نارية تدعى الفؤاد ، تتوسط بين الحالتين لامتلاكها ميزة الاختيار والإرادة الحرة فكان مخلوق يأتي أوامر الله (كرها) اي يكره نفسه على اتيان الطاعة ، ويكرهها على ترك المعصية ، أما بقية المخلوقات ومنها الملائكة فتعبد الله (طوعا) لا تعرف المعصية معنى فهي قد أتت الله طائعة لا حرية اختيار لديها ولي بحث مهم للغاية اسمه في ظلال الساجدين يبين معنى طوعا وكرها خلاف أقوال المفسرين.
          ارجو تحميل الملف التالي والاطلاع عليه ولو أنه لم يكتمل بعد

          https://drive.google.com/open?id=0BwidoJXdRVp7aVk4b1NraVljZWM

          واسلم لأخيك

  2. حقيقة يا أخ عدنان ان مواضيعك ومقالاتك في هذه المدونة المباركة تحفز العقل والقلب لتدبر كتاب الله, فجزاك الله خير وجعل ماتكتب في ميزان حسناتك ..

    وبما ان موضوعك اعلاه تطرق لبدء خلق الانسان .. احببت المشاركة والاضافة له بهذه المشاركة:

    البشر والانسان

    قال الله تعالى:

    {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً * قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} البقرة

    {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)} ص

    كيف علم الملائكة ان هذا “الخليفة” سيفسد في الارض ويسفك الدماء ؟ ..
    الجواب نستخرجه من قوله تعالى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}, فقوله تعالى {خَلِيفَةً} دل على ان هناك (سلف) لهذا الخلق الجديد( “آدم” / الانسان) ..

    فمن هو هذا السلف لهذا المخلوق الجديد (الانسان) ؟
    الجواب في قوله تعالى في سورة “ص”: }{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (71)} .. {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا} فـ “البشر” هم السلف للبشر الجديد (الانسان) الذي ميزه الله عن اسلافه (الذي هو من جنسهم “بشر” ولكن ليس من سلالتهم) بان خلقه من طين وباشر خلقه بيديه في احسن تقويم وصًوره في احسن صوره ونفخ فيه من روحه {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} فكان هذا تكريم له ورفع لمنزلته ودرجته بالخلق على اسلافه الذي هو من جنسهم (البشر) .. فقوله تعالى {بَشَرًا مِّن طِينٍ} دل على ان هناك بشر قبل ولكنهم غير مخلوقين من طين ولم يباشر الله خلقهم بيديه, والله تعالى أعلم كيف خلق هؤلاء البشر “الاسلاف” الذين كانوا قبل الانسان “الخلف” .. وعندما قال الملائكة {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} فقد قالوا ذلك لانهم قد خبروا وشاهدوا مافعله البشر “السلف” من الفساد وسفك الدماء في الارض قبل ان يحكم الله بفنائهم وانقراضهم بالكلية .. فـ مفردة “بشر” الواردة في سياق آية بدء خلق الانسان لم تكن غريبة على الملائكة فقد استدعت مفردة (بشر) في ذاكرة الملائكة مشاهد سفك الدماء والفساد التي قام بها البشر “الاسلاف”, فاعتقدت الملائكة ان خليفة “البشر” وهو “الانسان” سيتبع سيرة اسلافه (البشر) في الارض من فساد وسفك للدماء ولذلك كان تعجبهم .. ولكن الله تعالى اخبرهم في قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.. فهذا البشر “الخليفة” الذي هو (الانسان) يعلم الله تعالى انه سيكون عاقل ومكلف بشرائعه التي تحرم عليهم الفساد وسفك الدماء بغير وجه حق, بعكس اسلافهم البشر “قبل الانسان” فقد كانوا غير مكلفين بشرائع (كانوا كمثل الحيوانات من حيث كونهم غير مكلفين), فكان (الانسان) هو اول مخلوق مكلف من الله بالشرائع والرسالات الدينية.

    ** لمزيد من الفائدة يرجى تدبر الايات التي ورد في سياقها كلمة ” البشر” و الايات التي ورد في سياقها كلمة “الانسان ومشتقاتها” وعمل مقارنة ودراسة بينها.

    ** تعتبر المسألة محسومة في امكانية صحة ماذهبنا اليه من الفهم اعلاه, وذلك ان صدق “العلم الحديث” بانه اكتشف هياكل وجماجم بشرية يعود تاريخها لما قبل خلق “آدم” (ابو الانسان والانسانية) .. وان كانوا هؤلاء العلماء (الملحدين منهم) يزعمون جهلاً او زوراً بان هذه الاكتشافات تؤكد ان اصل الانسان يشترك مع القرد بالجدود (الاسلاف)!.. ولكن الحقيقة كما بينا وفقاً لما استنتجناه من نصوص ديننا الاسلامي كما في الايات اعلاه, والتي نراى انها تثبت وجود “بشر” قبل خلق ( آدم/ الانسان), وان هؤلاء البشر الاسلاف وخليفتهم الجديد (“الانسان”/ البشر الجدد) ينتمون جميعهم لنفس الجنس والنوع “بشر” ويتشابهون نسبياً او كلياً في (الجينات), ولكن من حيث السلالة ف “الانسان” قطعاً لاينتمي للبشر الذين كانوا موجودين قبله وهناك انقطاع بينهم في السلالة لدلالة صريح الاية {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ}.

    والله أعلم

    1. أولا ايها الاخ الحبيب فلا قيمة لشيء يكتب مالم ينال التفاعل والنصح والتصويب فجزاك الله وكل من يعلق بالتأييد أو بالمخالفة خير الجزاء.
      ثانيا : مسألة وجود خلق قبل آدم وذريته سبق أن طرحها الدكتور عبدالصبور شاهين رحمه الله ، والحقيقة أن الأمر ملفت للغاية ومهم ولكن وللأسف الشديد تعرض رحمه الله للإساءة والاتهامات الباطلة والحوار الغير علمي.
      وبرأيي المتواضع أن المسألة لها جانب استدلالي غير سليم ، فوجود مخلوقات عاقلة شبيهة بالبشر ، أو سلالة تشبه الإنسان هو أمر وارد خاصة بالنظر للاحافير والبحوث التي وجدت بقايا لمخلوقات شبيهة بالبشر كان اقدمها وجد في اثيوبيا والكثير من البحوث المختلفة.
      ولكن لا داعي لتوظيف آية قرآنية ذات وجه بعيد لإثبات هذه النظرية ، فمسألة الاستدلال بآية (أتجعل فيها من يفسد فيها ) لا تعني بالضرورة الإشارة لخلق سابق بل الوجه الأقرب أن الإشارة متعلقة بعلم علمه الملائكة مما علمهم الله واطلعوا على ملابسات منه في المستقبل ، وقد علمنا استدلالا من القرآن الكريم أن الشياطين كانت تستمع للملأ الأعلى حتى حرم الله ذلك عليهم .
      واذا أدركنا التركيبة الملائكية لعلمنا بأن مسألة الرجم بالغيب من الخصائص البشرية السلبية التي لا تنبغي في حق الملائكة فتوقع السوء لمجرد حدث ماضٍ هو أمر سلبي ، وليست السلبية الوحيدة التي نسبت للملائكة بل سبق وازدحمت التفاسير وكتب التراث بالإسرائيليات التي تتعارض مع طبيعة خلق الملائكة اصلا، كأن تنسب التوبة لشيطان والسنة الربانية أنهم قد حق عليهم القول فلا توبة لهم وما إلى ذلك من الروايات المناقضة للحق.
      فالاصح في رأيي أن محور الآية وتعجب الملائكة لم يكن مؤسسا على حالة ماضية أو تجربة سابقة لان ذلك لابد أن يتبعه مسائل متعلقة بالحساب والتكليف الثواب والعقاب ونحن نعلم أن الجنة والنار لم تشغلان بعد بأحد ومقتضى هذا القول إن الجنة والنار قد سبق إليهما خلق كثير قبل بني آدم أو أن الله قد أنشأ لهم جنتهم وجحيمهم ، فتوابع هذا القول عديدة وتفتح ابوابا لا تسد.
      بينما القول بأن ذلك من علم الغيب الذي اختصهم الرحمن به يخرجنا بأقل التبعات وايسر الطرق لفهم الآية.
      وبالنسبة لمسألة وجود خلق غير البشر فمن وجهة نظري أنها مسألة جديرة بالتصديق والبحث ولكن ليس بهذه الآية ، أما مسألة استخدام مفردة “انسان” للدلالة على كائن غير البشر فقد سبق أن أثبتنا أن الإنسان نبز سوء يطلق على بني آدم في حالات التدني الايماني والأخلاقي ولم يثني الله على الإنسان ابدا في كل سور القرآن بل ربطه بكل سوء ونقيصة وبذلك يتبين لنا بأن تصنيف هذه المفردة للدلالة على بني آدم والبشر للدلالة على خلق سابق هو قول غير دقيق ومردود وارجو التكرم بالاطلاع على البحث مع شكري الجزيل

      https://tafaser.com/2014/09/09/ذكرُ-الإنْسَانِ-فِيْ-آيِ-القُرْآنْ/

      والله تعالى اعلى واعلم

      1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. بارك الله فيك وامدك بالعون والتوفيق أخي العزيز عدنان …

        اقتباس ((مسألة وجود خلق قبل آدم وذريته سبق أن طرحها الدكتور عبدالصبور شاهين رحمه الله ، والحقيقة أن الأمر ملفت للغاية ومهم ولكن وللأسف الشديد تعرض رحمه الله للإساءة والاتهامات الباطلة والحوار الغير علمي.)) انتهى …

        لعلمك أخي عدنان, لم اكن اعلم قبل بما طرحه الدكتور شاهين حتى بحثت وقراءت بعد اشارتك لاسمه بعض مما طرحه وذلك من كتابه (ابي آدم) .. فوجدت بعد قراءة بعض من طرحه, ان رأيي يختلف جذرياً عما طرحه الدكتور عبدالصبور شاهين, ولعل الالتباس حدث بسبب عدم ايصالي الفكرة بشكل أوضح .. ولذا ساختصر رأيي بشكل أوضح لإيصال المعنى للافهام بدون لبس .. فاقول وبالله التوفيق رأيي وهو:

        1- ان هناك مخلوقات عاقلة “بشر” عاشوا قبل خلق “آدم”
        2- ان آدم لاينتمي لنسل من قبله من (البشر) وانما فقط ينتمي لنفس جنسهم ونوعهم “بشر” من حيث انه يتشابه معهم نسبياً في التركيب الجيني مع افضلية الجين الانساني وتفوقه.
        3- ان البشر قبل آدم انقطع نسلهم ولاوجود لهم حين خلق الله آدم (من سلالة من طين).
        4- ان البشر قبل آدم ليس هناك دليل شرعي نجزم به بانهم مكلفين ك (بني آدم/ الانسان) .. فيكون بذلك اول مخلوق مكلف في الأرض هو (الانسان) من غير (الجن)

        ** تنويه وتأكيد ان المناقشة اصلها يدور حول الآية {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} البقرة ..اذ كيف علمت الملائكة ان هذا المخلوق البشري الجديد (في المستقبل) سيقع منه فساد في الأرض وسفك للدماء ولا يقدس الله .. وليس هناك حتى اشارة او تلميح يشير الى ان الله اطلعهم على الغيب في هذه المسألة؟

        هذا والله أعلم

        * رأيي خطأ يحتمل الصواب .. ورأيي غيري صواب يحتمل الخطاء

      2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. دائم الشكر لك أخي واستاذي القدير عدنان الغامدي، لما تطرحه من مواضيع وردود تذهب بنا الى كتاب الله وتدفعنا الى تدبره .. فجزاك الله عنا كل خير ..

        لقد اطلعت على موضوعك في الرابط ادناه وكتبت الرد والتعليق عليه
        https://tafaser.com/2014/09/09/ذكرُ-الإنْسَانِ-فِيْ-آيِ-القُرْآنْ/

        * وهنا اكرر الرد ايضا ليكون النقاش متصل في هذه الصفحة :

        اخي العزيز عدنان .. اسمح لي ان اختلف معك في ماذهبت اليه في بحث مفردة (انسان، الانس) ومدلولاتها واستعمالاتها ..

        وابدء معك النقاش من هذا الاقتباس (( أما مسألة استخدام مفردة “انسان” للدلالة على كائن غير البشر فقد سبق أن أثبتنا أن الإنسان نبز سوء يطلق على بني آدم في حالات التدني الايماني والأخلاقي ولم يثني الله على الإنسان ابدا في كل سور القرآن بل ربطه بكل سوء ونقيصة )) انتهى الاقتباس ..

        لاشك ان ماتفضلت به في الاقتباس اعلاه يتعارض مثلا مع قوله تعالى: {الرَّحْمَٰنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} .. وقوله تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}.. {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} .. ففي هذه الايات لم يقترن اسم (الانسان) لا بجهل ولا بحقارة ولا بسوء .. بل اقترن فيها بنعم الله عليه من الفضل والتكريم، ومن التذكير له بالتكليف ..

        ** ورأيي انا ان مفردة (الانسان، الانس) اسم علم يطلق على ذلك المخلوق “المكلف” الذي استخلفه الله في الارض، وهم (ذرية آدم) .. فلو بحثنا في مفردة (الانسان) لوجدنا انها جاءت من مصدر (الإِنس) والذي يعني الألف والمؤانسة .. وذلك ربما لكون (ذرية آدم) هم المخلوق الوحيد الفريد الذي يأنس بغيره كما يأنس بعضهم ببعض ويؤنس من غيره من المخلوقات (فالانسان هو المخلوق الوحيد القادر على تحويل المخلوقات الوحشية الى ان تصبح مخلوقات أليفة تتعايش معه) .. بينما غيرهم من المخلوقات على الارض يميل طبعها الى الوحشية وحياة التوحش .. وبناء على هذا المعنى فكلمة (انسان) تعني في أصلها الثناء والمدح لا الذم والتحقير.

        * * اضاءة: بناء على ما سبق من رأينا في مواضيع اخرى من ان هناك مخلوقات عاقلة “بشر” تواجدت على الارض قبل خلق “آدم”، وقولنا ان “آدم” ينتمي لهم من حيث النوع (البشرية) مع تأكيدنا انه (آدم) قطعا ليس من نسلهم .. فلعل مفردة (انسان) هنا جاءت للتفريق بين البشر من (ذرية آدم) الذين يميل طبعهم للألف والمؤانسة، وبين من قبلهم من جنسهم (البشري) الذين كان طبعهم حيواني يميل ل(حياة التوحش) مما يفسر سفكهم للدماء بينهم حتى افناهم الله، بانه ناتج عن هذا الطبع (التوحش).

        هذا والله اعلم .. ولك خالص تحياتي أخي العزيز عدنان ..

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

    اقتباس ((ولكن لا داعي لتوظيف آية قرآنية ذات وجه بعيد لإثبات هذه النظرية ، فمسألة الاستدلال بآية (أتجعل فيها من يفسد فيها ) لا تعني بالضرورة الإشارة لخلق سابق بل الوجه الأقرب أن الإشارة متعلقة بعلم علمه الملائكة مما علمهم الله واطلعوا على ملابسات منه في المستقبل)) ..انتهى

    بالعكس الاية تدل دلالة واضحة على ان هناك (بشر) قبل آدم .. والا مامعنى قوله تعالى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}, الا ان يكون هناك (سلف من نفس جنسه) كانوا قبله في الارض .. وكذلك قوله تعالى {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ} يدل على ان هناك (بشر) قبل آدم, والا فالسؤال لماذا الاشارة الى ان مادة خلق هذا “البشر الجديد” بالتحديد {مِّن طِينٍ} هل لان هناك بشر كانوا مخلوقين قبل هذا المخلوق خُلقوا من غير مادة الطين وعلى غير الكيفية التي خلق بها “بني ادم/الانسان” .

    اما القول بان الله اعلم الملائكة بان هؤلاء البشر الذين سيكونون (خلفاء) سيقع منهم الفساد وسفك الدماء في الارض .. فهو القول الذي يصدق فيه بانه قول بعيد لادليل عليه ولانجد له اشارة او حتى تلميح لا من قريب ولا من بعيد .. والرد على ذلك هو من قوله تعالى:

    {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

    فقوله تعالى للملائكة {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} يدل على ان قول الملائكة كان مجرد “دعوى” مبنية على حقيقة ما فعله اسلاف هذا الخليفة بالماضي, من الفساد وسفك الدماء في الأرض وعدم تقديس اسلاف هذا الخليفة لله, وفق ماخبروه وشاهدوه الملائكة منهم بالماضي, فلو كان الله هو من اعلمهم مباشرة بان هذا البشر سيفسد في الأرض ويسفك الدماء في المستقبل, فكيف نفسر قوله تعالى {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهو الذي اخبرهم بذلك ؟! وهل الله تعالى اخبر الملائكة ايضاً بان هذا الخليفة وذريته لايقدسون الله ؟!

    *** في هذا العصر تتلاطم الفتن وتثار وتتكاثر الشبه حول دين الله كلما استجد العلم .. والسبب هو تمسكنا باقوال مفسرين سبقونا, وتقديسها الى درجة ان استقر في نفوسنا بقصد او غير قصد وكانها نصوص ضمن النص القراني! لاتنفك عنه وغير قابله للرد والتخطئة حتى وان عارضت النصوص القرانية ذاتها !!

    1. استكمال للرد والمناقشة والمدارسة اعلاه مع الاخ العزيز استاذنا عدنان الغامدي ….

      اقتباس ((فالاصح في رأيي أن محور الآية وتعجب الملائكة لم يكن مؤسسا على حالة ماضية أو تجربة سابقة لان ذلك لابد أن يتبعه مسائل متعلقة بالحساب والتكليف الثواب والعقاب ونحن نعلم أن الجنة والنار لم تشغلان بعد بأحد ومقتضى هذا القول إن الجنة والنار قد سبق إليهما خلق كثير قبل بني آدم أو أن الله قد أنشأ لهم جنتهم وجحيمهم ، فتوابع هذا القول عديدة وتفتح ابوابا لا تسد)) انتهى الاقتباس ..

      فنحن لانجزم بان “البشر” قبل ادم (الانسان) كانوا مكلفين .. لذا لانجزم انهم يجري عليهم الثواب والعقاب بعد الموت .. وما نؤكده حسب النصوص القرانية ان الجن والانس (الانسان) هم المخلوقان المكلفان والذي يجري عليهما الثواب والعقاب .. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}, وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ} ..

      * *لنتدبر لماذا الله سبحانه لم يقل ( الجن والبشر) وهو سبحانه الذي اخبر انه سيخلق (بشر) في قوله تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ}

      هذا والله أعلم وأحكم

      1. أخي الحبيب سدد الله لسانك وقلمك ووفقني واياك
        اتفق معك مائة بالمائة أن الدلالة في آية (إني جاعل في الأرض خليفة) تقود لفهم مفاده أن هذا الخليفة يأتي بعد مخلوفٍ فانٍ وبالتالي فهناك من سبق آدم في الأرض واتى آدم ليخلفه وهذا شديد الدلالة وواضح تماما وبرأيي أن هذا هو موطن النقاش.
        هل المقصود بقوله تعالى (جاعل في الأرض خليفة) أي خليفة لمستخلف فانٍ ؟ أم خليفة لله في الأرض ينزل أحكامه وشرائعه ويمكن كلمة الله وتوحيده في هذا الكوكب ؟؟
        فإن قلنا بل خليفة لمخلوقات كانت تسبق وجوده استحال مع ذلك القول بأن من سبق آدم من خلق (البشر) غير مكلفين لأن الخلافة تقتضي التكليف ، وإن كان المقصود بالخلافة هي خلافة الله في ارضه وتطبيق شرعه فقد نجد ذلك متفقاً مع مفهوم الخلافة قرآنيا :
        قال تعالى : { آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } [الحديد:7]
        فالمال مال الله وابن آدم مستخلف في حق الله وارضه وهو مأمور بالإنفاق فهنا دلالة بأن الاستخلاف لبني آدم هو لخلافة الله في الأرض وليس لخلافة نسل غيرهم
        ويقول جل شأنه : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } [النمل:62]
        أي خلفاء لله في الأرض
        ويقول تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [النور:55]
        فاستخلف الذين من قبلهم وآتاهم الكتاب (الشريعة) ليقوموا بمناط خلافة الله في الأرض ثم نزع منهم وظيفة الخلافة في الارض وجعلها في سواهم ولكن بوجود اصحاب الخلافة الأولى فبنو اسرائيل كانوا خلفاء الله في الارض ولكن الله انتزع منهم هذا الشرف وجعله في سواهم.
        ويقول عز وجل : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } [هود:57]
        فالاستخلاف وظيفة عظيمة لفئة من الناس يقومون بواجب الدعوة وتطبيق شرع الله في ارضه ، ولما كانت الارض خالية من الخلفاء أراد جل وعلا أن يجعل فيها (خليفة له جل شأنه) وليس خليفة لسواه يقوم بتحقيق ناموس الله في الارض ويحقق عبادته وسننه
        في من يأتي من ذريته فتوالت الأجيال تنتقل فيها خلافة الله أمة بعد أمة وجيلا بعد جيل حتى استقرت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم

        ويقول الحق جل جلاله :
        { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [الأعراف:74]
        { أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الأعراف:69]
        وبذلك يتبين لنا أن الخلافة لا تتعلق بالجنس البشري ككل ليخلف جنساً قبله ، بل متعلقة بفئة من بني آدم وهم اولئك الذين حفظوا شريعته وأدوا حق هذا الاستخلاف فإن نقضوا وبدلوا استخلف الله سواهم ولا يضره شيئا

        فالآن يمكن عكس هذه الفكرة إن تمكن القائلون بوجود جنس البشر قبل آدم بإثبات مفهوم الاستخلاف وأنه ليس خلافة لله في أرضه بل خلافة لقوم سبقوهم 🙂
        احسن الله إليك واثابك فتحا وفهما لكتابه الكريم ولي في مسألة تسميات (الانسان ، البشر ، الانس ) عودة برغم أني قد اوضحت مقام التسمية بالانسان.

    2. الحاقاً لما سبق فقد تفضلتم بالقول :
      “فقوله تعالى للملائكة {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} يدل على ان قول الملائكة كان مجرد “دعوى” مبنية على حقيقة ما فعله اسلاف هذا الخليفة بالماضي, من الفساد وسفك الدماء في الأرض وعدم تقديس اسلاف هذا الخليفة لله, وفق ماخبروه وشاهدوه الملائكة منهم بالماضي, فلو كان الله هو من اعلمهم مباشرة بان هذا البشر سيفسد في الأرض ويسفك الدماء في المستقبل, فكيف نفسر قوله تعالى {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهو الذي اخبرهم بذلك ؟! وهل الله تعالى اخبر الملائكة ايضاً بان هذا الخليفة وذريته لايقدسون الله ؟! ”

      هذه مسألة أخرى تلت خلق آدم بزمن طويل ، فالآية موضع البحث تتحدث عن إرادة الله التي لم تقع بعد ، والثانية التي تستدل بها تتحدث عن طبيعة آدم بعد الخلق وقد اجاب الملائكة بقولهم “سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا” فلا ينفي جهلهم بالأسماء كلها أنهم يعلمون طرفاً من المستقبل وشيئاً من الغيب الذي ما انقطع يتسرب للجان حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
      أما قولكم هل الله اخبر الملائكة أيضا بأن هذا الخليفة وَذُرِّيَّتِهِ لا يقدسون الله ؟
      أقول اخي بأن هذا هو محور البحث فالتقديس ليس موجها الى الله لان الله لا ينبغي وقوع التقديس عليه فهو القدوس الذي يحقق التقديس على من يشاء من عباده ، لان معنى التقديس هو الاستغفار والتقديس هو تطهير العباد بالاستغفار لهم والملائكة في هذا الموضع تتعجب من استخلاف هذا الانسان الذي سيقتل ويعصي ويسفك الدماء في الوقت الذي يأمر الله الملائكة أن تستغفر له رغم كل أفعاله اَي تقدسه وليس تقدس الله لان الله لا يحتاج للتقديس بل هو من يقدس ويطهر من الذنوب.
      فأرجو أخي عبدالرحمن كريم انتباهكم لهذه المسألة وإعادة قراءة المقال فربما لم أوفق في إيصال الفكرة بالصورة السليمة

  4. استكمال للمناقشة :

    قال الله تعالى:
    {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)} الانعام

    * السؤال الذي يدعو للتدبر .. من هم (القوم الآخرين) الذين اشارت لهم الاية؟ .. وقبل الاجابة علينا فهم مصطلح (ذُرِّيَّةِ) والتفريق بين مصطلح (نسل) ومصطلح (سلالة) :

    قال الله تعالى:
    1- {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} آل عمران

    2- {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)} الاسراء

    3- {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}يس

    4- {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)} الصافات

    ** للمعرفة والفائدة:
    في علم الاحياء: مصطلح “الذرية” أو “السلالة” يشير إلى النسل الجماعي المنتج من سلف مشترك, يشترك في صفات مورفولوجية (من حيث الشكل والتكوين) أو فسيولوجية (من حيث وظائف الأعضاء) موحدة. مثال السلالة النباتية هي مجموعة محددة من الأنسال التي تنحدر من نبات مُعَدَّل تم إنتاجه بواسطة الاستيلاد التقليدي عن طريق التكنولوجيا الحيوية أو نجم عن طفرة وراثية.

    على سبيل المثال، يتم صنع بعض سلالات الأرز عن طريق إدخال مادة وراثية جديدة في نبات الأرز ، [2] جميع النباتات المتحدرة من نبات الأرز المعدل وراثيا هي “سلالة” لها شفرة وراثية فريدة من نوعها يتم تمريرها إلى الأجيال اللاحقة ؛ يتم تعريف تلك السلالة في العادة برقم أو باسم اصطلاحي، وهو يشمل جميع النباتات التي تنحدر من النبات المعدل في الأصل.

    هذا والله اعلم وأحكم

    1. جميل جداً ، وهذا أحد دواعي نفي الإشارة لخلق سابق ، ذلك أن كل الإشارات القرآنية التي تفضلتم بالاشارة اليها تدل دلالة مباشرة على العلاقة الذرية بين القوم الهالكين وذريتهم بينما آدم كان خلقا جديداً من طين ولَم يكن ذريةً متسلسلة تعود في سلسلة جينية معينة .
      ملحظ هام تجدر اعادة تبيانه وهو انني شخصياً من المؤيدين لفكرة وجود خلق عاقل قبل آدم وَذُرِّيَّتِهِ وما اخالف فيه هو استعمال الأدلة القرآنية الماثلة أمامنا لإثبات ذلك .
      قد يفتح الله علينا او على اَي متدبر لكتاب الله ما يعد دليلا وجيهاً لا يشكل عليه شيء ، وقد يقر الكثير بالاكتفاء بهذا الدليل فلا بأس ولكن لعلنا نصل لاستدلالات أعمق وأوثق والله الموفق

      1. سأوضح اكثر:

        الذرية: مصطلح اعم من مصطلح (النسل)
        النسل: التسلسل الوراثي (جينات تنتقل من الاباء الى الابناء عن طريق التزاوج)

        فمصطلح (ذرية) لا يعني الابناء والاحفاد “تحديداً” وانما يتعدى المعنى الى مفهوم اشمل .. وذلك حسب رأينا نستنتجه من قوله تعالى:

        1- {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)} الصافات

        2- {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)} الاسراء

        فمن قصر معنى (ذرية) في الايات اعلاه على معنى الابناء والاحفاد “تحديداً” من (أب واحد).. فسيجد في فهمه تعارض بين الايتين, ففي الاية الاولى اخبر الله سبحانه ان (ذرية نوح) هم الباقين, بينما في الايات الثانية (سورة الاسراء) اخبرنا الله سبحانه ان بني اسرائيل من (ذرية) من كانوا على السفينة (مع نوح)..

        والفهم الذي ارى انه صحيح للايات .. انه لاتعارض بين الايات اعلاه فنحن من ذرية نوح من جهة (الاباء) ومن ذرية الذين كانوا مع نوح من جهة (الامهات), وكون الانسان ينسب لابيه فان (ذرية نوح) هم الباقين .. فكما تقدم قولنا بان مصطلح (ذرية) اعم واشمل من مصطلح (نسل) ..

        ولتقريب المعنى اكثر للافهام .. اطرح هذا التاؤول التدبري:

        “حواء” زوجة ابونا “آدم” تعود الى “ذرية” من ؟

        ** رأيي خطاء يحتمل الصواب .. ورأي غير صواب يحتمل الخطاء

        هذا والله اعلم

  5. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اولا بارك الله فيك وزادك علما وتدبرا
    ثانيا لدي بعض الاستفسارات بخصوص قولك في ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)

    ١- لا يستلزم من قوله ( يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض) ( يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ….) ان الاستغفار للمؤمنين هو التقديس، بل قد يكون التنويع للاخبار عن مهام الملائكة المتعددة مثل التسبيح بحمد الله والايمان به والتقديس له والاستغفار لمن في الارض والمومنين.

    ٢-اذا كان التقديس هو استغفار الملائكة للمؤمنين الذين (سيخلقهم) الله مستقبلا فهذا يقودنا إلى القول بأن الملائكة لم تقم بفعل التقديس الا بعد خلق البشر لأنه لاحاجة للاستغفار لمن لم يخلق بعد.
    لكن هذا ينفيه سياق الجملة إذ أن الفعل ( نسبح بحمدك ونقدس لك) هو فعل مضارع يدل على أن الملائكة كانت تسبح بحمد ربها وتقدس له وفعل المضارع ايضا يدل على الاستمرارية والدوام أي أن الملائكة كانت ولا زالت تسبح وتقدس.
    ثم أن الواو في ( ونحن نسبح) هي واو الحال فيكون معنى الآية اتجعل فيها من يفسد فيها والحال اننا نسبح بحمدك ونقدس لك. اي انهم في حال تسبيح وتقديس لله أثناء خطاب الله لهم.

    ٣- الملائكة لا تعلم الغيب إلا بالقدر الذي يطلعهم الله عليه ، فالقول بأن الملائكة كانت تعلم ما سيقوم به البشر من معاصي ثم سيقومون بالاستغفار لهم لتطهيرهم يحتاج إلى الدليل
    والأرجح والله اعلم ان الملائكه لم تكن تعلم من حال البشر شيئا بدليل قوله ( قال يا ادم …….) ( لاعلم لنا…) فلم تكن الملائكة تعلم حدود علم ادم وذريته وقد يجوز أيضا أن نقول استنباطا أن الملائكة لم تكن تعلم ما سيقوم به البشر

    ٤- قولك في ( نقدس لك ) أن التقديس لأجل الله، الا يجوز أن نقول ان فعل ( قدس) مثل ( سبح) يمكن أن يتعدى باللام مثل ( سبح لله مافي السموات ) فتكون نقدس لك بمعنى ننزه الله عما لا يليق به
    وقد قرأت في بعض مواقع النت أن التسبيح هو تنزيه ذات الله عن النقائص والتقديس هو تنزيه افعال الله عن النقائص والتقديس أعم من التسبيح.

    بارك الله فيك وعلمك التأويل.

    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      أخي الاستاذ مصطفى ، شكراً لكريم تفضلك بالمداخلة والنظر ويشرفني وجودك بما سطرت من نقاط محترمة جديرة بالنظر والنقاش ، وهذا والله ما يثلج الصدر ويشفي القلب ، واعتذر عن التأخر في الرد على ما تفضلت به لاسباب خارجة عن ارادتي.
      1- التسبيح بحمد الرب جل جلاله أتى في هذه المواضع الثلاث واشترك في عملين مختلفين أحدهما موجه لله جل وعلا وهو التسبيح بحمده والثاني هو الاستغفار لمن في الارض ، وللذين آمنوا ، ولا شك أن قيامهم بذلك ليس من عند ذواتهم بل بأمر الله جل وعلا ، يأمرهم أن يستغفروا لنا ويأمرهم أن يسبحوا بحمده جل جلاله ، فضلا عن وظائفهم المختلفة تبعاً لخلقتهم ما جبلوا عليه من أعمال متنوعة وقد ربطت التقديس بالاستغفار بصورة منطقية متسقة مع تسميات الملائكة وجبريل ومفهوم التقديس ككل ، فإن كان ذلك خطأ وجب تبيانه بلا مجازفة وايضاح خطأه من اوله لآخره.

      2- مثلا عندما يحثك والدك على الصدقة والاحسان إلى من يبدو منه اساءة إليه فيقول اذا رأيت فلانا يشتمني فأعطه ديناراً ، فستقول أتأمرني أن اعطيه دينارا وهو يشتمك ويسيء إليك؟ وأنا أبر بك واحسن إليك ؟ ، فلا يلزم أن يكون الملائكة يستغفرون لمن لم يخلق بعد بل كان الحديث عما سيحدث في المستقبل ، كما لا يلزم انتفاء البر قبل موضع الحوار .
      وتقدير ذلك : أتجعل قوما يفسدون يقتلون ويسفكون الدماء وتامرنا أن نستغفر لهم ونحن نسبح بحمدك وهم لا يفعلون ؟ تعجباً مما يبادلهم الله من المغفرة برغم ذنوبهم الشنيعة.

      3- يجب أن نتفق ان الملائكة لا ينبغي منهم العصيان او فعل السوء فهم أقداس مطهرون من السوء والفسوق والخروج عن أمر الله ، وسوء الظن بخلق الله من سوء الخُلُق ، فلو لم يكن لديهم شيء من علم الغيب في هذا الباب تحديداً لكان رميهم وضربهم للغيب بدون علم صورة من صورة الفسوق وهو لا ينبغي في حقهم البتة ، فالله ينهى عن ذلك فيقول (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) ، ويقول جل شأنه (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) فكان فعل الملائكة بالصورة التي تقررها فعلا شائنا بحق خلق لم يوجد بعد بينما يصفهم الله تعالى بقوله (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) وفي رجمهم بالغيب مسابقة لله تعالى بالقول وهذا لا ينبغي في حقهم .
      – أن الله تعالى لم يزجر الملائكة عن ارتكاب هذا الجرم أو ينهاهم عن القول به لعلمه بأن مايقولونه حق ولكنه قرر لهم أنه تعالى أعلم بمآلات الأمور بمالا يعلمه الملائكة ولا يدركونه فإن إدراكهم قاصر مهما علموا من الغيب.
      – أن الملائكة لم تكن تتحدث عن أدم الذي سيخلقه الله بل تحدثت عن ذريته مما يدل على اطلاعهم على شيء من الغيب وهذا معلوم فملك الموت يعلم من سيقبض من الأحياء ولكن حدود علمه لا تتجاوز ذلك الى معرفة مصائرهم مثلا ،
      – أن ما قالته الملائكة استحال حقيقة وبقوا مأمورون بالاستغفار لمن في الارض ويسبحون بحمد ربهم ومن في الارض يفسدون فيها ويسفكون الدماء.

      4- مسألة التقديس شديدة الوضوح ، فلم نؤمر بتقديس الله ، فنحن نسبح الله ونستفغره ونحمده ولكن لا يوجد صيغة ذكر بالتقديس فنقول نقدس الله ، فالتقديس يعني التطهير والله أصل الطهارة بل اسمه (القدوس) الذي يطهر خلقه ويقدسهم والملائكة كما قلنا في المقالة يدعون بالقُدُس جمع قُداس أي المطهر وجبريل روح القدس وصفة القداسة اضفاها الله على وادي طوى ، وعلى الملائكة وعلى ارض فلسطين وهي مقدسة أي وقع عليها التقديس أي التطهير.
      فلا يصح أن نقول نقدسك يارب ، ولكنا نقدس لك باستغفارنا لانفسنا وللمؤمنين ، ولو كان التقديس يقع على الله (حاشا لله ان يطهره خلقه) فيقال نقدسك ، وأما القول أن التقديس أعم من التسبيح فكيف يكون ذلك وكيف وصلتم لهذه النتيجة ان التقديس اعم من التسبيح ؟ وإن كان التقديس يقع على الله فكما اسلفنا لماذا لم يقل نقدسك؟ ، وما دام التقديس اعم من التسبيح فمن الذي قدس الارض المقدسة ومن الذي قدس الملائكة وطهرهم ؟ ، فإن حظ الوادي المقدس والارض المقدسة اعلى شأنا (والعياذ بالله) وما دام يجوز في حقها التقديس وهو أعم فيجوز في حقها التسبيح ايضا.

      اسعدك الله وجعل عامنا هذا خير علينا و عليك وعلى من تحب وأن يغفر لنا ولكم ما سلف إنه هو الغفور الرحيم.

  6. الأخوان الأجلاء عدنان وعبد الرحمن لقد أمتعتمونا بمناقشتكم الراقية فبارك الله فيكما وزادكم علماً وإيماناً. وأستأذنكما بالدخول معكما في هذا النقاش الجميل برأيي المتواضع وهو:
    النقطة الأولى: قول الملائكة: (نسبح بحمدك ونقدس لك)
    أعتقد إن هذا القول له صلة مباشرة بمعنى الخلافة الذي أوردتموه. وأود أولاً توضيح أن الخلافة للرجل ولهذا كانت له القوامة وسوف أؤكد هذا القول لاحقاً. فمعنى الخلافة كما تفضلتم به هو عبادة الله التي خلق الله الانس والجن من أجلها والقيام بشئون الدعوة بالاضافة إلى التصرف في كل ما في الأرض بالنيابة عن الله كالآتي: لقد أنشأ الله الكون ليكون مأوى للخلق وزوده بكل ما يحتاجه الخلق ثم خلق أصل البشر وهو أبانا آدم ثم هدى. تأتي بعد ذلك مهمة الخليفة بصورة مصغرة جداً وهي انشاء الأسرة بانشاء المأوى أي السكن وتجهيزه بأي طريقة ثم الاتيان بالزوجة وتزويدها بنعم الله التي استخلفه الله بالتصرف فيها كزراعتها والأكل من خيراتها. كما استخلفه الله لوعظها إن خالفت أمراً من أوامر الله. فإذا كانت أساس الخلافة هي عبادة الله والقيام بالدعوة فإن الملائكة يرون أنهم أصلاً يقومون بذلك وهو تبيح الله بحمده وتقديسه أي توحيده طاعةً.
    والدليل على أن الخلافة للرجل هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع الصحابة السجود له بحجة أن السجود لله وحده خالق الخلق وخالق الكون ومدبر أمره والمتصرف فيه. ولو أنه آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمر المرأة أن تسجد للرجل. فوجهالشبه هوأن الرجلهو الذي أنشأ المأوى وهو الذي أتى بالزوجة وأنجب الأولاد فكون الأسرة المصغرة لتكوين الكونوهوالذييمدهابنعم الله ولله المثل الأعلى.
    النقطة الثانية:بداية الخلق
    إن معرفة بداية الخلقله وزنه في العلم بأبعاد قصة أبينا آدم وإبليس والملائكة. والبداية هي :
    أن الله عندما كان وحده ولم يكن معه شيء وعرشه على الماء أحب أن يخلق خلقاً من أجل أن يعرفونه ويعبدونه بناءً على الحديث القدسي: قال الله تعالى:{كنت كنزاً مخفياً، فأحببت أن أُعْرَف، فخلقت الخلق، فتعرفت إليهم، فبي عرفوني} وبناءً على الآية:{وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 56 الذاريات
    ولما كان الخلق يحتاج لمأوى ونظام ومنهج وغيره صارت الفكرة مشروعاً متكاملاً. فبداية تنفيذ المشروع هو التخطيط له الذي استغرق خمسين ألف سنة. ويمكن استنباط تخطيط الإله عن طريق حقيقة أن الله مكمل ومنزه عن النقص والعيب وبالتالي لم ولن يشوب تخطيطه نقص ولا خطأ مما يشير إلى إنه تخطيط لا رجعة فيه ولا تصحيح لشيء منه كما يحدث في تخطيط البشر من ناحية. وعن طريق ما أخبرتنا به آيات القرآن من ناحية كقوله تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 17 البقرة
    الذي يوضح أن كل ما خطط له الله قبل خلق السماوات والأرض هو مقضي لا محالة. إذاً كل ما كان موجوداً من قبل وما هو
    موجود في حياتنا الآن قد كان تخطيطاً تم تنفيذه بقول الله له كن فكان. وكذلك كل ما سيكون موجوداً إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. وبما أننا بصدد توضيح نظرية خلق الإنسان في السماء بالرغم من إنه خلق ليعمر الأرض فسوف لن نتطرق للمخلوقات الأخرى كالسماوات والأرض.وسيتم التركيز على خلق الخلائق وما ترتب عليه.
    لقد خطط الله لخلق ثلاثة أنواع مختلفة من الخلائق: نوع من نور وهم الملائكة. ونوع من تراب وهم الإنس ونوع من النار وهم الجن فعلم الله مسبقاً بطبيعة كل نوع من أنواع الخلائق الثلاثة. حيث علم أن الذين سيخلقون من النور هم الذين سيكونون أكثر المخلوقات إيماناً به وطاعة له لأن خاصية نوره واحدة يأتي منها كل خير ولهذا سماهم الملائكة. والاسم الملك هو اسم غير مشتق لأنه مجموع أسماء صفات متعددة هي: العابدون والطاهرون والطائعون وأولي الأجنحة و…الخ ولهذا خطط الله أن يكونوا في خدمة عرشه ومملكته. كما علم الله أن الإنس بالرغم من أنهم أمة واحدة سيختلفون لأن التربة التي سيخلقون منها مكونة من أنواع مختلفة أي أن خواصها مختلفة. فمن أنواع التربة ما هو خصب أي سينتج خيراً عندما تنزل عليه المياه. ومن التربة الخصبة نفسها ما ينزل عليها الماء ولكن يخرج نباتها نكداً لفساد نوعها. ومن أنواع التربة ما هو حجري فهنالك من سيكون له قلب قاسي كالحجارة تجاه عبادته بالرغم من أن من الحجارة ما يشقق فيخرج منه الماء. وذلك مستنبط من الحديث الآتي: عن أبي موسى الأشعري: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:{ إن الله تعالى خلق آدم من قبضةٍ قَبَضَهَا من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قَدْرِ الأرض منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر وبين ذلك والسَّهْل والحَزْنُ والخبيث والطيب. وبالتالي كان الله يعلم أن من بين الإنس من سيؤمن ويعبد الله حق عبادته بمجرد أن يعلم بوجوده. ومنهم من سيكفر ولا يؤمن بالله مهما وصلت إليه المعلومات عنه. وكذلك علمه بطبيعة الجن الذين سيختلفون أيضاً باختلاف طبيعة النار التي سيخلقون منها. فمن النار ما هو مفيد أي الهاديء كالتي تستخدم في الطهي وتستخدم في الصناعات ومنها ما يأتي منه الشر أي يتطاير منه الشرر فيحرق ما حوله بمجرد أن تهب عليه قليل من الرياح. وبناءً على ذلك سيكون هنالك فريقان من الجن: فريق صالح وفريق طالح
    وبناءً على هذا العلم المسبق خطط الله لخلق أصل الجن الطالح في السماء وجعله من الملائكة كماخطط لخلق أبينا آدم في السماء بالرغم من أنهما قد خلقا ليعمران الأرض ويعبدون الله فيها. والسبب هو تعليم الإنس كيفية عداوة الجن لهم وتأثيرهم على عبادة الله. فلما كان إبليس يعتبرمن الملائكة لأن صفاته كانت كصفات الملائكة تماماً لم يكن هنالك تفاوت بينه وبين الملائكة . ولم يكن لمادة الخلق(النورأو النار) أثرفي عبادة الله وطاعته لعدم وجود فرق بينهم،
    ولكن عندما أخبرالله الملائكة بخلقه لآدم من طين وبخلافته في الأرض، هنا اعتقدت الملائكة أن خلافة الأرض هي تكريم وتشريف ولم يعلموا بأنها تكليف فقط. فرأوا أنهم أحق بالخلافة لماذا؟ لأن الملائكة تعلم أن جميع الحيوانات المخلوقة من طين تفترس بعضها البعض وتسفك الدماء وليس لها عقل يجعلها تطيع الله وتخدمه كما يفعلون. ولهذا كانوا مستغربين فجال في خاطرهم عظم توكيل الخلافة لمخلوق من تراب ليس في مقدوره العلم بالأشياء كباقي الحيوانات تماماً. فكتموا ذلك في أنفسهم . وعندما علَّم الله آدم الأسماء ولم يعلم بها الملائكة قال لهم الله: { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}33 البقرة
    إذاً لم يكن هنالك بشر قبل أبينا آدم وإنما كان علم الملائكة مقتصرعلى علمهم بطبيعة كل ما خلقه الله على الأرض من تراب.
    النقطة الثالثة: المستفاد من القصة
    إن الرياح التي هبت على إبليس هي رياح الغيرة وبالتالي أوضح الله لنا أن التفاوت هو الذي يجعل نارالغيرة تشتعل. فإبليس لم يفرقه شيء من الملائكة من قبل غيرالغيرة ولكن طبيعة خلقه كانت كانت السبب في غيرته الشديدة مما جعله يخرج عن طبيعته الملائكية ويظهربطبيعته الشيطانية.
    إن الله وحده المكمل ولهذا يمكن أن تسأل الملائكة ذلك السؤال وإلا تكون لها صفة الكمال المطلق.ونسبة لصفات الملائكة وطبيعة خلقهم تراجعواسريعاً عن ذلك وسجدوا لأبينا آدم.
    لقد ابتغت الملائكة مكانة أبينا آدم وابتغى أبونا آدم مكانة الملائكة فكان درساً لبني آدم ألا يبتغون ما عند غيرهم لأن الله قد بارك لكل مخلوق فيما قسمه له وأن ما قسمه لغيره فهو فتنة أي امتحان.
    لقد حذر الله الناس بأن ابليساً سيؤجج نار الغيرة بينهم ويجعلهم يجحدون نعم الله وقسمته لهم ويلهثون لنيل غيرها معصية لله لينتزع عنهم اباس تقواهم كما فعل مع أبويهم
    هنالك أكثرمن مإئة درس في هذه القصة .
    اللهم اغفرلنا وتوب علينا إن أخطأنا أو نسينا إنك التواب الرحيم

  7. إن التقديس هو تنزيهه الله من الشرك توحيده التوحيد الخالص بالطاعة المطلقة.وعندما أخبرالله الملائكة بخلق آدم وتوليته الخلافة لم تكن الملائكة تستغفرلأحد بل كانت مسبحة وذاكرة لله وحده. ولهذانجد أن التقديس بمعنى التطهيرلا مجال له في هذا الموضع إذا وضعنا في الاعتبار صحة المعاني التي تطرقت لها يا أخ عدنان. عليه أعتقد أن عبارة نقدس لك تعني نقدسك ونطيعك ولكنها
    جاءت كذلك لتحفظ الوزن حتى لا تتأثرحلاوة التلاوة. وكمثال لذلك الآية: إياك نعبد وإياك نستعين. التي من الممكن أن تأتي ب
    نعبد إياك ونستعين بك أو نعبدك ونستعين بك ولكن كل هذه التعبيرات لا تساير وزن الآيات التي سبقتها والله أعلم

  8. كلامك غير صائب ولا دليل عليه. راجع كتاب التحرير والتنوير لابن عاشور:

    ” وفِعْلُ قَدَّسَ يَتَعَدّى بِنَفْسِهِ، فالإتْيانُ بِاللّامِ مَعَ مَفْعُولِهِ في الآيَةِ لِإفادَةِ تَأْكِيدِ حُصُولِ الفِعْلِ نَحْوُ شَكَرْتُ لَكَ ونَصَحْتُ لَكَ، وفي الحَدِيثِ عِنْدَ ذِكْرِ الَّذِي وجَدَ كَلْبا يَلْهَثُ مِنَ العَطَشِ فَأخَذَ خُفَّهُ فَأدْلاهُ في الرَّكِيَّةِ فَسَقاهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ أيْ شَكَرَهُ – مُبالَغَةً في الشُّكْرِ – لِئَلّا يُتَوَهَّمَ ضَعْفُ ذَلِكَ الشُّكْرِ مِن أنَّهُ عَنْ عَمَلِ حَسَنَةٍ مَعَ دابَّةٍ فَدَفَعَ هَذا الإيهامَ بِالتَّأْكِيدِ بِاللّامِ، وهَذا مِن أفْصَحِ الكَلامِ، فَلا تَذْهَبْ مَعَ الَّذِينَ جَعَلُوا قَوْلَهُ (لَكَ) مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ حامِدِينَ، أوْ هو مُتَعَلِّقٌ بِـ (نُسَبِّحُ) واللّامُ بِمَعْنى لِأجْلِكَ عَلى مَعْنى حَذْفِ مَفْعُولِ (نُسَبِّحُ) أيْ نُسَبِّحُ أنْفُسَنا أيْ نُنَزِّهُها عَنِ النَّقائِصِ لِأجْلِكَ أيْ لِطاعَتِكَ، فَذَلِكَ عُدُولٌ عَنْ فَصِيحِ الكَلامِ، ولَكَ أنْ تَجْعَلَ اللّامَ لامَ التَّبْيِينِ الَّتِي سَنَتَعَرَّضُ لَها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢] فَمَعْنى ﴿ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ﴾ نَحْنُ نُعَظِّمُكَ ونُنَزِّهُكَ، والأوَّلُ بِالقَوْلِ والعَمَلِ والثّانِي بِاعْتِقادِ صِفاتِ الكَمالِ المُناسِبَةِ لِلذّاتِ العَلِيَّةِ، فَلا يُتَوَهَّمُ التَّكْرارُ بَيْنَ نُسَبِّحُ ونُقَدِّسُ.”

    1. إن القول بأن التقديس يقع على الله يوحي بأنه يطهر الله بعد انتفاءها عنه تعالى الله عن ذلك ، فالتقديس والتطهير مما يقع على المخلوقات ولا يحق في جناب الخالق جل وعلا فهو القدوس وليس المقدس ، هو القدوس الذي يطهر ويقع منه هذا الفعل ولا يصح أن يقع عليه ، هذه بديهة لا تحتاج لدليل من اقوال اهل العلم ، ولك أن تحتفظ بقناعاتك بارك الله فيك وهذا حقك بلا شك وفقك الله وهدانا واياك للحق انه على كل شيء قدير.

  9. اخبر المولى عز وجل الملاءكة أنه جاعل في الأرض “خليفة” والخليفة تعني من يخلف غيره حين يغيب وقد قرأت لن شيخ الاسلام بن تيمية قال بعدم جواز أن يقال ( خليفة الله )
    وهذا فيه إشارة قوية إلى أن خلق آدم كخليفة خلفا لمن سبقه !! والخليفة لابد أن يحمل ويشترك مع المخلوف نفس الصفات أو أغلبها .فهل كانوا الجن أو مخلوقات أخرى وتبقى بعض روايات الاسراءيليات لايمكن الاعتماد عليها وقد ذكرت وجود مخلوقات تسمى ب ( الحن، البن …) والملاءكة الساقطة ولكننا كمسلمين نريد اجابات قاطعة من مصادرنا المعروفة والمنزهة عن التحريف والتزوير .

    1. الخليفة تدل على المفرد ، وتدل على الجمع فيقال خليفة اي جماعة من الناس أو ذريةً يخلف بعضها بعضا ، يقول تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وخلائف الأرض أتت في اربعة مواضع من القرآن الكريم.
      ولنا ماعرفنا الله في كتابه اما سواه فتخرصات لا نعرف لها اصلا ولا نجزم بكذبها او صدقها

    2. أما تحريم قوله خليفة الله فتعارض صريح القرآن في مواضع إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ، فإن كانت بمعنى خليفة الله اي يقوم مقام الله والعياذ بالله فلا شك في بطلانه ، اما يستخلفه بأن يسخر له الارض ويأمره بالشرائع ويخضع له الخلق فلا بأس ان يقال خليفة الله إذ ان الله كلفه بإقامة شرعه في الناس وفي الارض عموما

  10. القول بأن الملائكة قالوا ما قالوا مدفوعين بما حصل لخلق قبل بني آدم يقال انهم الجان وان ابليس نجا من ذلك طفلا.
    اقول هذا كلام لا دليل عليه لا من نقل ولا سياق الآية ، وإذا علمنا ان الملائكة خارج قانون الزمن الذي نخضع له في السماء الدنيا فهم يرون ويعلمون مآلات من مآلات هؤلاء البشر ولا يعلمون الغيب المطلق ، فحق لهم التعجب من مآلات وجرائم هؤلاء البشر في الدنيا وامرهم بالاستغفار لمن في الارض.

  11. النتیجه من خلال تفسیرکم یعنی تصح القول القدس او القداسةُ لله صح؟؟لئن الله جل و علا هو مصدر القداسه صح؟؟و کما قال شیخ ابن عثیمین رحمه الله القداسه ذو النزاهه

  12. سلام عليكم هل من خلال قرائتكم يصح القول القُدسُ لله او القداسةُ لله؟ و حسب قرائتي ان القداسة من صفات لله صح؟

  13. السلام علیکم و رحمه الله یا شیخ النتیجه من قرائتک ان القدُس او القداسه عندما تکون مصدرها الله جل وعلا یعنی القدُس او القداسه من صفاته سبحانه وتعالی صح؟ لئن موقع ابن ثیمین وضح القدوس ذو القداسه والنزاهه
    و اشکرکم جزیل الشکر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »