عَسَى ولَعَلَّ، دَلاَلاَتُها واسْتِعْمَالاَتهُا فيْ القُرْآنِ الكَرِيْم

نتتبع في هذه الدراسة الاستقرائية دلالات “عسى ولعل” في القرآن الكريم، وما استفزني لأتوسع في البحث وأتحقق من دلالات هاتين الأداتين هو تكرار عبارة “عسى من الله واجبة” وهي في الحقيقة ليست كذلك، فاتخُّذت هذه العبارة قاعدةً عند جلّ المشتغلين باللغة والتفسير، وعندما تتبعت مواضع عسى في القرآن الكريم وجدت مشتركاً واحداً، ولم أجد فيما يقال بوجوب عسى في حق الله أبداً.

وفي هذه الدراسة سنبدأ بتتبع أقوال العلماء من أهل اللغة والتفسير في مفهومهم لاستخدام (عسى ولعل) ودلالاتها، ولكنا لن نغرق في الدخول في المسائل النحو والصرف بل سنركز على الدلالات اللغوية ووظيفة كل مفردة في السياق، وتأثير عسى على الجملة القرآنية وما هو الثابت فيه وما هو المتغير، وبالتالي فإني أعتقد أن هذا الفهم يعزز فهم السياق القرآني بصورة أفضل وأدق وبالتالي فإن قراءة تلك الآيات التي تحتوي على عسى ولعل بعد استيعاب هذا البحث قد يكون مختلفاً عما قبله.

وسنستقريء ضمن ما نستقرئ آيات القرآن واحدة تلو الأخرى لنرى هل تحمل المفردة نفس التأثير وهل ينتج بوجودها ذات الفهم الذي وصلنا إليه؟

حقيقة استخدامات أفعال المقاربة (عسى، لعل):

من خلال استقراء النص القرآني وتتبع معاني الآيات ومفاهيمها تبين لنا بأن القول بأن “عسى من الله واجبة” قول باطل ويتعارض مع مواضع استثناها القائلون استدراكاً ولكنه استدراك لا معنى له، فمفهوم (عسى ولعلَّ) يجب أن يتسق معناهما في كل مواضع استعمالها في كتاب الله حتى تُعرَّف تعريفاً سديداً.

فنقول في تعريف عسى وبالله التوفيق: هِيَ أدَاةُ إطْمَاعٍ ورَجَاءٍ مَشْرُوْطٌ.

تستعمل عسى في السّياق القرآني للوعد إذا تحققت شروط الوعد ولم تكن أبداً واجبة الوقوع وهذا ما سنراه في استقراء السياقات المختلفة لفعل “عسى”.

ونقول في تعريف “لعل” وبالله التوفيق: أدَاةُ تَعْلِيْلِ وُقُوعِ فِعْلٍ رَجَاءَ وُقُوْعِ فِعْلٍ آخَرْ.

وتختلف (عَسَى) عن (لعلّ) بأن الأولى مناطة بفعل من المخاطَبْ تأتي نتيجته من غير هذا المخَاطَب، بينما (لعلّ) قد تتعدى ذلك بذكر فعل من غير المخاطَبْ تقع نتيجته على المخَاطب.

والتحقق من دقة التعريف يمكن أن يتبين من خلال استقراء النص القرآني لنجد أن التعريف ينطبق في كافة مواضع استخدام المفردة في القرآن، وهنا أود أن أنوه بأن استعمال المفردة في سياقات أخرى في الشعر العربي أو النصوص الأدبية والتاريخية المختلفة أو تأثيرها وتأثرها النحوي والصرفي فهذا لا يدخل في نطاق هذه الدراسة.

نماذج من استقراء مقامات “عسى” في السياق القرآني

وردت عسى بصورتين في كتاب الله الصورة التامة المباشرة والصورة المستترة المقدرة، في الصورة التامة والتي سنبدأ بعرضها يظهر في القرآن الكريم ثلاث عناصر في الآية، الشرط، وعسى، وجواب الشرط، وهذه في معظم مواضع استعمال “عسى”.

وفي الصورة المستترة أو المقدرة، وهذه الصورة في مواضع معدودة في كتاب الله وجد فيها إما الشرط أو جواب الشرط وعسى، فنجد أننا نستدل على الشرط أو نستدل على جوابه من خلال السياق، وسنبدأ بالمقامات في صورتها التامة:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)  [النساء:19]

فاء التعقيب في قوله تعالى (فإن كرهتموهنَّ) فقد يجعل الله فيه خيراً كثيراً إذا تحقق الشرط الذي يسبق التعقيب وهو معاشرتهن بالمعروف، وألا ترثونهن رغماً عنهن وتمنعوا نكاحهن طمعاً ببعض ما آتيتموهن، فكان الخير مشروط بتحقق شروط قبل عسى فكانت عسى مناط تحقق ما بعدها بتحقق ما قبلها.

(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا)  [النساء:84]

أن قتالك في سبيل الله يا محمد وتحريضك للمؤمنين على القتال هو شرط لكف بأس الكافرين فأتت عسى أداة شرطٍ للإطماع بكف البأس والتأييد المشروط بتحقق الشروط السابقة لعسى.

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا 97 إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا 98 فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا 99 [النساء]

فأطمع بالعفو والمغفرة من العذاب من تحققت فيه الشروط السابقة لعسى وهي وقوع الاستضعاف، وانعدام الحيلة والاهتداء للسبيل الهجرة، فإطماع الله بالعفو يتحقق بتحقق الشروط.

(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)  [التوبة:18]

فالدخول في جمع المهتدين مشروط بعمارة المساجد وعبادة الله فيها وبتحقق الإيمان بالله واليوم الآخر وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وخشية الله وحدة دون سواه، فإن تحققت الشروط مجتمعة تحقق الوعد وانتفاء شيء منها ينقض هذا الرجاء ويبطل تحققه.

(وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)  [يوسف:21]

أمر العزيز امرأته بإكرام مثوى يوسف، فإكرام مثواه لغرض وهو أن يحصل منه النفع أو يتخذانه ولداً لهما، فكانت عسى فاصلة بين الشرط والرجاء ومفتاح تحقق كل رجاء بعد عسى هو تحقق ما قبلها من شروط، فينطبق تعريف عسى في هذا الموضع أيضاً.

(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)  [يوسف:83]

فالرجاء لدى يعقوب u هو أن يأتي الله بأبنائه جميعاً، والشرط هو الصبر الجميل والفاصلة هي أداة الشرط “عسى” ، فيقول يعقوب أنه سيعتصم بالصبر الجميل رجاء تحقق عودة أبنائه إليه، فتحقق تعريف عسى في هذا الموضع.

(عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)  [الإسراء:8]

فالرحمة مشروطة بعدم العودة لما كان منكم، فإن التزمتم باجتناب ما نهيتم عن العودة إليه فرجاء رحمة الله لكم متحقق، فكان تعريف عسى هنا متفق مع مقتضى الآية.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)  [الإسراء:79]      

وهنا أيضاً نجد أن عسى أتت فاصلة إطماع بتحقق رجاء مشروط بحصول فعل ، فبعث النبي e في مقامٍ محمود مرهون بتحقق تهجده بالقرآن نافلة لك يا محمد دون سواك، فيكون معنى عسى متحقق في هذا الموضع.

وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا 23 إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا 24 [الكهف]

فَتَحقُّق هدايةُ الله للرشد هو اصطحاب مشيئة الله دائماً وذكر الله عند النسيان، فإن تحقق الشرط حصل المطلوب وإن لم يتحقق لم يحصل المطلوب فكانت عسى في هذا الموضع متحققة في مفهومها الذي أوضحناه.

(وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)  [القصص:9]

 فنهت امرأة فرعون عن قتله وذلك حتى ينفعهم أو يتخذونه ولداً، فأتت عسى واصلة فعل النهي عن القتل باتخاذه ولداً والانتفاع به.

(فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)  [القصص:67]        

فالفلاح مشروط بتحقق التوبة والإيمان والعمل الصالح، فلا يتحقق الفلاح بدون تحقق لوازمه، فلا يمكن القول أن عسى من الله واجبة بل مشروطة.

رأينا فيما سبق من نماذج دلالة عسى في صورتها التامة المباشرة التي تشتمل فيها الآية على: عسى، الشرط وجوابه، أما فيما يلي فسنرى الصورة المقدرة المستترة فنقول وبالله التوفيق:

(عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)  [التحريم:5]

والآية متعلقة بما قبلها وهو المظاهرة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن حدثت المظاهرة فسيترتب عليها طلاقهن ، فإن وقع الطلاق فإن جواب الشرط الذي يتلو “عسى” هو أن يبدله الله أزواجاً خيراً منهن مؤمنات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً ، فطالما لم يتحقق فعل الشرط السابق لعسى فلم يتحقق جوابه ، فكانت تجسيداً لمفهوم عسى وهو التحقق المشروط.

وهنا تزكية عظيمة لنساء النبي فقد قُبض   e وهن في عصمته مما يدل على عدم وقوع ما نهين عنه فبقائهن رضي الله عنهن أمهاتٍ للمؤمنين دل على انطباق صفات ما توعدهن الله من نساء بديلات لهنّ إن هنَّ عصين الله ورسوله فثبت في حقهن أنهن (مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات).

وهذا الموضع أشكل على القائلين بأن (عسى من الله واجبه) فاستثنوه من قاعدتهم التي بينّا بطلانها.

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [البقرة:216]       

ونجد أن شروط القتال مستترة مقدرة، فالله تعالى يطمع المؤمنين في الخير الذي ينالهم من القتال إذا حققوه بشروطه فلا ينال الشهادة والأجر العظيم كل مقاتل بل إن شعيرة الجهاد والقتال تنال خيراتها ومقام صاحبها إذا قاتل الرجل مؤمناً بالله لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا تحقق الخير الذي وعد الله المقاتلين به، وهذا معلوم ولو لم يذكر فذكرت عسى، ونتيجة الشرط وأضمر الشرط نفسه.

وينطبق ذلك على كل ما نحب ونكره، فمدى تحقق الخير فيما نحب ونكره مشروط وليس متحقق على هوى المحب والكاره، فنجد أن مفهوم عسى متحقق هنا بالصورة التي قررناها.

(عَسَىٰ رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ)  [القلم:32]

فالنتيجة (جواب الشرط) هي أن يبدلهم الله خيراً منها، فوُجِد الرجاء ووُجِدت عسى واستتر الفعل وهو توبتهم لله وعودتهم عن الذنب وإيتاء الفقراء والمساكين مما يرزقهم الله وتضرعهم إليه بالقبول، فكانت عسى هنا في صورتها المستترة المقدرة.

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ 7 لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 8 إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 9 ]الممتحنة[

فالإطماع بحصول المودة بين المسلمين وبين من عادوا من أهل الكتاب مشروط بانتهائهم عن قتال المسلمين ولم يخرجونهم من ديارهم فإن انتفت تلك الموانع فالمودة ممكنة الحصول (ولكنها ليست واجبة).

(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)  [التوبة:102]

فتوبة الله عليهم ومغفرته لهم مشروطة برجحان العمل الصالح على العمل السيء وانتفاء كافة موانع المغفرة الأخرى وتأدية حقوق الناس بما يبقي في كتبهم ما يشفع لهم بالدخول في رحمة الله، وليس كل من خلط عملا صالحاً وآخر سيء داخل حتماً في المغفرة بلا شروط ولا انتفاء الموانع وبذلك ينتفي القول أن عسى من الله واجبة، ونلحظ هنا بأن فعل الشرط مضمرٌ إلا الاعتراف وهو جزء من التوبة، ونتيجة فعل الشرط ظاهرة وعسى مذكورة في كل الأحوال طبعاً.

استقراء بعض مقامات “لعلَّ” في السياق القرآني

 قلنا بأن تعريف “لعل” وبالله التوفيق: أدَاةُ تَعْلِيْلِ وُقُوعِ فِعْلٍ رَجَاءَ وُقُوْعِ فِعْلٍ آخَرْ.

وتختلف (عَسَى) عن (لعلّ) بأن الأولى مناطة بفعل من المخاطَبْ تأتي نتيجته من غير هذا المخَاطَب، بينما العكس في (لعلّ) فهو فعل من غير المخاطَبْ تقع نتيجته على المخَاطب، وسنبدأ في تتبع نماذج من مواضع (لعل) في كتاب الله:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)  [البقرة:21]           

أن وقوع التقوى علته حدوث العبادة، فكانت “لعلَّ” أداة لبيان نتيجة العبادة وهو تحقق التقوى.

(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:52]

فحصل العفو من الله تعالى وعلته تأدية الشكر لله من بني إسرائيل فكانت لعل أداة تعليل للعفو.

(وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)  [البقرة:53]         

علة إيتاء موسى الكتاب والفرقان هي تحقق الهداية ، فكانت لعلّ هنا أداة لتعليل وقوع الفعل.

(إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى)  [طه:10]

فكانت علة مُكْث أهله في محلهم هي الإتيان بقبس من النار أو الاهتداء إلى السبيل أو الى ما يطلب موسى من ويحتاج من العلم، وفي موضع آخر (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) ، فعلة المكث أن يأتيهم منها بخبر ، وعلة إحضار جذوة من النار هي ليصطلون منها ويدّفئون من شدة البرد.

عسى ولعل ، مفاهيمها السائدة لدى أهل التفسير و اللغة

سنبدأ في تقصي أقوال أهل العلم في “عسى” ودلالاتها واستخداماتها وبالأخص في السياق والقرآني فنقول، أن عسى أتت عند علماء اللغة على ثلاث صور إما أن تكون فعلا ماضيا ناقصا جامداً من أفعال الرجاء من غير الله أما من الله فهي واجبة، يرفع المبتدأ وينصب الخبر، وخبره جملة فعليّة فعلها مضارع يجوز اقترانه بـ «أن» وعدم اقترانه، والاقتران أكثر، نحو قول الشاعر

عسى الكرب الذي أمسيت فيه      يكون وراءه فرج قريب

أو أن تكون حرفا من الأحرف المشبّهة بالفعل، ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وذلك إذا اتصل بها ضمير نصب، نحو قول صخر الحصري :

فقلت عساها نار كأس وعلّها    تشكّى فآتي نحوها فأعودها

فعلاً ماضياً تامّا، وذلك إذا أسندت إلى المصدر المؤوّل من «أن» والفعل، نحو الآية: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)” سورة البقرة :216″.

جاء في تفسير الماوردي لقوله تعالى : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْءَامَنَ بِاللَّهِ):

“والثالث: إنما يرغب في عمارة بنائها من آمن بالله تعالى. )وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَأَقَامَ الْصَّلاَةَ وَءَاتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِن الْمُهْتَدِينَ(فيه وجهان: أحدهما: أنه قال ذلك لهم تحذيراً من فعل ما يخالف هدايتهم. والثاني: أن كل {عَسَى} من الله واجبة وإن كانت من غيره ترجياً, قاله ابن عباس والسدي.[1]

أقول تعليقاً على ما تقدم : وهنا يتضح في هذه الآية خلاف ما يقول الماوردي ، فعسى أداة شرط فعلها هو الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وجوابها حصول الهداية ، فكانت الهداية مشروطة بتحقق ما قبل عسى، وليست واجبة من الله مالم تتحقق شروطها.

 قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَتَأْتِي لِلْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ عَسَى عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ فَهُوَ مُوَحَّدٌ نحو: {عسى أن يكونوا خيرا منهم} {وعسى أن تكرهوا شيئا}، وَوُحِّدَ عَلَى عَسَى الْأَمْرُ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَلُّ عَسَى فِي الْقُرْآنِ فهي واجبة وقال الشافعي: يُقَالُ: عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ وَحَكَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ عَسَى فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ وَاجِبَةٌ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ:

{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} يَعْنِي بَنِي النَّضِيرِ فَمَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ بَلْ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِمُ الْعُقُوبَةَ وَفِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أن يبدله أزواجا خيرا منكن} ،وَلَازَمْنَهُ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَّمَ بَعْضُهُمُ الْقَاعِدَةَ وَأَبْطَلَ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَرْطٍ أَيْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ فَلَمَّا زَالَ الشَّرْطُ وَانْقَضَى الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ فَعَلَى هَذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ بَابِهَا الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ وكذلك قوله: {عسى ربه إن طلقكن} تَقْدِيرُهُ وَاجِبٌ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ أَيْ لَبَتَّ طَلَاقَكُنَّ وَلَمْ يَبُتَّ طَلَاقَهُنَّ فَلَا يَجِبُ التَّبْدِيلُ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ التحريم: {عسى ربه} إِطْمَاعٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْجَبَابِرَةِ مِنَ الْإِجَابَةِ بِـ “لَعَلَّ” وَعَسَى وَوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَوْقِعَ الْقَطْعِ وَالْبَتِّ وَالثَّانِي أَنْ تَجِيءَ تَعْلِيمًا لِلْعِبَادِ وُجُوبَ التَّرْجِيحِ بَيْنَ الخوف والرجاء  [2] .

وَفِي الْبُرْهَانِ: عَسَى وَلَعَلَّ مِنَ اللَّهِ وَاجَبَتَانِ وَإِنْ كَانَتَا رَجَاءً وَطَمَعًا فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ لِأَنَّ الْخَلْقَ هُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُ لَهُمُ الشُّكُوكُ وَالظُّنُونُ وَالْبَارِئُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَالْوَجْهُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُمْكِنَةَ لَمَّا كَانَ الْخَلْقُ يَشُكُّونَ فِيهَا وَلَا يَقْطَعُونَ عَلَى الْكَائِنِ مِنْهَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْكَائِنَ مِنْهَا عَلَى الصِّحَّةِ صَارَتْ لَهَا نِسْبَتَانِ: نِسْبَةٌ إِلَى اللَّهِ تُسَمَّى نِسْبَةَ قَطْعٍ وَيَقِينٍ وَنِسْبَةٌ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ تُسَمَّى نِسْبَةَ شَكٍّ وَظَنٍّ فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ لِذَلِكَ تَرِدُ تَارَةً بِلَفْظِ الْقَطْعِ بِحَسَبِ مَا هِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوَ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وَتَارَةً بِلَفْظِ الشَّكِّ بِحَسَبِ مَا هِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْخَلْقِ نَحْوَ: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} وَنَحْوَ: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ حَالَ إِرْسَالِهِمَا. مَا يُفْضِي إِلَيْهِ حَالُ فِرْعَوْنَ لَكِنْ وَرَدَ اللَّفْظُ بِصُورَةِ مَا يَخْتَلِجُ فِي نَفْسِ مُوسَى وَهَارُونَ مِنَ الرَّجَاءِ وَالطَّمَعِ. وَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ جَاءَ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ وَالْعَرَبُ قَدْ تُخْرِجُ الْكَلَامَ الْمُتَيَقَّنَ فِي صُورَةِ الْمَشْكُوكِ لِأَغْرَاضٍ. [3]

أقول تعليقاً على ما تقدم ، الموضع جملة شرطية كقوله تعالى :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)  [الأنفال:29]

وتحقق جواب عسى مرهون بتحقق شرطها ، كما سيأتي معنا ، فإن قال الله تعالى (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا) علمنا بأن الرحمة ليست متحققة مالم يتحقق الكف وعدم العدوان فإن عادوا بالذنب عاد الله عليهم بالعقوبة ، وبهذا النحو نجيب أيضاً على ما يلي.

، {عَسَى رَبُّكُمْ} إطماع من الله لعباده، وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بـ “عسى” و”لعل” ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت. والثاني: أن يجئ به تعليما للعباد وجوب الترجح بين الخوف والرجاء، والذي يدل على المعنى الأول وأنه في معنى البت: قراءة ابن أبي عبلة: (ويدخلكم) بالجزم، عطفا على محل (عسى أن يكفر)، كأنه قيل: توبوا يوجب لكم تكفير سيئاتكم ويدخلكم، {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ} نصب بـ {ويُدْخِلَكُمْ}، و {لا يُخْزِي}: تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر والفسوق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم، {نُورُهُمْ يَسْعَى} على الصراط.[4]

يقول ابن حبنكة الميداني “وعلى خلاف الأصل قد يُسْتعمل في التّمنّي: “هل” و”لَعَلَّ” و”عسَى” لغرض بلاغي، وهو إبرازُ المتَمَنَّى في صورة الممكن المطموع فيه، بغيةَ الإِشعار بكمال العناية به، والتلهُّفِ على الحصول عليه، أو تحقيقه.”[5].

ويقول الكفوي في بيان معنى عسى ولعل: “عَسى: هِيَ لمقاربة الْأَمر على سَبِيل الرَّجَاء والطمع، أَي لتوقع حُصُول مَا لم يحصل، سَوَاء يُرْجَى حُصُوله عَن قريب أَو بعيد مُدَّة مديدة، تَقول: (عَسى الله أَن يدخلني الْجنَّة) و (عَسى النَّبِي أَن يشفع لي) وَأما (عَسى زيد أَن يخرج) فَهُوَ بِمَعْنى لَعَلَّه يخرج، وَلَا دنو فِي (لَعَلَّ) اتِّفَاقًا ” [6]

الخلاصة:

أن عسى ولعل تتشابهان في أثرهما على الجملة واستعمالهما ، فعسى أداة شرط وجواب الشرط ، ولعل أداة تعليل لبيان علة قوع الفعل ، وأن قول ” أن عسى من الله واجبة” قول غير صحيح، فعسى مشروطة وليست واجبة الوقوع ، بل تقع في حال تحققت الشروط المشار إليها في الآية ، وهذه الدراسة لا تعنى باستعمالات لعل وعسى في اللغة بعمومها بل مختصة باستعمالها في السياق القرآني من جهة معناها ومفهومها وليس من جهة أثرها النحوي والصرفي.


[1] ص348 ج2- تفسير الماوردي النكت والعيون

[2] ص288 – كتاب البرهان في علوم القرآن – النوع السابع والأربعون في الكلام على المفردات والأدوات

[3] ص242 – كتاب الإتقان في علوم القرآن – النوع الأربعون في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر

[4] ص514 – فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب حاشية الطيبي على الكشاف – سورة التحريم

[5] ص252 – كتاب البلاغة العربية – الفصل الرابع الجملة الإنشائية وأقسامها

[6] ص635 – كتاب الكليات – فصل العين

11 تعليق

  1. اخي الكريم بداية المقال اعجبني وبدأت الفكرة تتبلور في رأسي واقتنع بكلامك ، فكنت انتظر فقط تورد الادلة حتى ارى تطابق فكرتك مع الايات هل هو صحيح واخذ بقولك ، الا انك بعد مقدمتك بدأت تذكر اقسام وابيات واقوال المخالفين فتشتت افكاري خصوصا انك اتيت بادلة للمخالفين كذكر قول الصحابي ابن عباس مما جعل فكرتك ، لم يعد لها قبول في العقل فتوقفت عن القراءة غصب عني.
    لذلك اخي الكريم لو تكرمت وارسلت لي قولك وادلتك دون ذكر المخالفين حتى استوعبها اكثر ،
    وان اردت الفائدة للمثلي من غيري ، لو اعدت كتابة المقال بذكر فكرتك او قولك ثم ذكرت عليه الادلة التي تقوي قولك في اول المقالة ومن ثم اذا اردت فاسرد قول من يخالفك والرد عليه.
    وجزاكم الله خيرا

    1. حياكم الله اخي ماجد
      صدقت ، ترتيب اجزاء الموضوع مربك وإدخال الأقوال قبل سوق الدلائل يشوش على القارئ لذلك فقد نقلت هذه الاستشهادات الى ما قبل الخلاصة ليتسنى للقارئ الاستغراق في تطبيقات التعريف على النص القرآني واستلام الفكرة كاملة ومن ثم لاحقاً يطلع على اقوال اهل التفسير واللغة.
      جزاكم الله خيراً

  2. مع كامل احترامي وتقديري للجهد المبذول
    إلا أني غير متفق معك
    فقد قتل العلماء والمفسرون بحث هذه المواضع ولم تأت بجديد
    بل أتيت ولكن من باب خالف
    عندما يقال أن عسي في حق الله واجبه
    أي أن الرحمة في حقه سبحانه لا تحتمل الوقوع من عدمه طالما تحقق فعل الشرط
    أما ما أوردته علي سبيل الإستتار
    فهناك في بعض الأمثلة مجرد تقديم وتأخير وليس إستتار
    علمنا الله وإياكم ما ينفعنا و نفعنا بما علمنا وزادنا علما
    وصل اللهم وسلم وزد وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين

  3. مقال جيد
    استطع الكاتب ان يبرز الفكرة والبيان النحوي وهذا استدلال جيد ويمكن الجمع بينه وبين اقوال المفسرين
    بمعني ان مقصود قول المفسرين ان الله قد وعد من يفعل ما يريد الله يحقق له الجزاء (وهذا واجب فى حق الله من باب كامل القدرة والفضل منه سبحانه وتعالي) وهذا المعني محقق لان الله لا يضيع اجر من احسن عمل
    جزاكم الله خيرا

    1. بارك الله فيكم ابا محمد
      نعم وعد من الله مقيد باكتمال الشرائط الأخرى ، والقول “عسى من الله واجبة” ليس قول الله بل قول الخلق ولا يجوز للخلق أن يوجبوا على الله مالم يوجبه صراحة على ذاته فليس لأحد عند الله حق واجب بل نحن معلقين بالمشيئة ، وهنا مثال على ذلك فلو كانت واجبة لما أتي بها أصلا ، لجزم الله الله تعالى بوقوع جواب عسى بدون الحاجة إليها ، فما وجدت الا للإطماع المشروع باكتمال شرائط التحقق ، وهذا ما نجده في كافة سياقات عسى في القرآن الكريم ، والله تعالى أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »