مِيْرَاثُ بَنِيْ إسْرَائِيْل

بسم الله الرحمن الرحيم
” ميراث بني إسرائيل “
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
مـقـدمـــة
في هذا اليوم المبارك يوم عيد الفطر المبارك غرة شهر شوال لثلاث وثلاثين عاما خلت من القرن الرابع عشر الهجري استحضرت متابعاً ميراث بني إسرائيل الذين كان ربنا جلت ذاته في كتابه يخبرنا عن بني إسرائيل في مواضع عديدة من كتاب الله وبما أننا للتو ختمنا شهرنا الكريم ومرت بنا تلك الآيات تركت في قلوبنا شئ من التساؤلات وبالأخص حول ميراث بني إسرائيل وقد بحثت فيما قيل من السلف الصالح ومفسرينا رحمهم الله فوجدت اضطرابا بيّنا في تفسير ميراث بني إسرائيل بعد الخروج من مصر وفي تقديري أن الأمر يجب أن يُُُبحث بصورة تُمكّن من الوصول لحلّ اللبس الذي يستقر في نفوس من يتدبر تلك الآيات ويحاول فهمها وأظن أن الله جلت قدرته تفضَلَ عليّ بفهمها على الوجه الصحيح الغير مناقض لما سواه والمتفق مع الثابت التاريخي ومن خلال هذا المقال أرجو أن أتمكن من عرض فكرتي بالصورة البيِّنة حيث بدأتُ بتوضيح أقوال مفسرينا رحمهم الله في تلك الآيات ومن ثم عرفت الوراثة لغويا وتتبعت الآيات لمعرفة المعاني التي يشير إليها ربنا جلت قدرته ومن خلال الاستقراء والبحث والتمحيص وقعت على اقوال اعداء هذا الدين ينتقصون من كتاب الله وينسبون اليه الخطأ في ايراد الحقائق التاريخية فوجدت ان البحث في هذا الامر الزم واهم ولا اعدم الخيرين من أهل العلم يصوبوني ويردوني إن أخطأت فما نحن إلا باحثين عن الحق نتعبد الله جل وعلا بتدبر كتابه وفهم معانيه مستعينين به جلت قدرته ولا يخيب من استعان به وتوكل عليه وصرف عمله لله وحده.
أوجه الالتباس في فهم القارئ
لا يخفى على من لديه علم بقصة كليم الله موسى مع قومه (بني إسرائيل) الذين استوطنوا في مصر منذ احضر يوسف عليه السلام أبويه وإخوته الذين تناسلوا وعاشوا في مصر في عزة وسعة حتى مات يوسف عليه السلام وانقلب الفراعنة المصريون على بني إسرائيل فوقعوا فيهم تقتيلا لأطفالهم واستحياءً لنسائهم ويقتلون رجالهم ويسومونهم سوء العذاب { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [القصص:4] تقول قصتهم أن العرافين اخبروا الفرعون الظالم أن نسل بني إسرائيل يلد لهم ولد يقوّض ملك فرعون فتكون نهاية ملك فرعون على يديه فطفق قتلا لذكرانهم واستعبادا لرجالهم وإبقاءً على نسائهم للخدمة والأعمال الدنيئة ، ثم أن الله هيأ عبده وكليمه موسى وعرفنا ما حصل حتى وصل هو وأخوهُ إلى فرعون ولبث فيهم ردحا من الزمن حتى أمره الله بالخروج فتبعهم فرعون { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } [طه:78] إذ ارشد الله عبده موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فعبر القوم يتقدمهم موسى بين الفرقين حتى نجوا واجتازوه وانطبق البحر فأغرق فرعون وجنوده وهنا يلتبس الفهم على البعض على عدة أوجه :
 الوجه الأول :
وهنا يأتي وجه الالتباس الأول إذ يقول الحق جلت قدرته :
 أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إسرائيل (59) (الشعراء).
فكيف يكون بني إسرائيل قد أورثوا جنات قوم فرعون وكنوزهم وديار إقامتهم وهم بما عرف تاريخيا لم يعودوا إلى مصر لأنهم أفضوا بعد العبور إلى سلسلة من الأحداث المتباعدة زمنيا ؟
قال فيها (ابن جرير) رحمه الله (وأورثناها ) يقول: وأورثنا تلك الجنات التي أخرجناهم منها والعيون والكنوز والمقام الكريم عنهم بهلاكهم بني إسرائيل) أ. هـ
أقول : ولم يفصل رحمه الله كيف أورثوها وهم غادروها ولم يعودوا إليها ؟
وقال الإمام القرطبي رحمه الله (قوله تعالى: « كذلك وأورثناها بني إسرائيل » يريد أن جميع ما ذكره الله تعالى من الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم أورثه الله بني إسرائيل. قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. وقيل: أراد بالوراثة هنا ما استعاروه من حلي آل فرعون بأمر الله تعالى. قلت: وكلا الأمرين حصل لهم. والحمد لله.
وقال رحمه الله : وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون: « فاتبعوهم مشرقين » بالتشديد وألف الوصل؛ أي نحو المشرق؛ مأخوذ من قولهم: شرق وغرب إذا سار نحو المشرق والمغرب. ومعنى الكلام قدرنا أن يرثها بنو إسرائيل فاتبع قوم فرعون بني إسرائيل مشرقين فهلكوا، وورث بنو إسرائيل بلادهم. أ.هـ
أقول: وهنا يقر رحمه الله بخلاف المعروف بأنهم عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه وأما ما حملوا من أوزار قوم فرعون فإنها إذا انطبقت على الكنوز فلا تنطبق على الجنات والعيون والمقام الكريم حتى يقال أنها ما استعاروه من قوم فرعون.
وكتاب الله يخبرنا بأن بني إسرائيل ما إن جاوزوا البحر حتى مروا على الوثنيين قال تعالى : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائيل الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ{138} إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{139} قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ{140}(سورة الأعراف).
ثم يخبرنا ربنا جل وعلا أنهم بعد ذلك تركهم كليم الله في عهدة أخيه وذهب الى ميقات ربه فاتخذوا العجل الها من دون الله متبعين ما اضلهم بها لسامري فيقول جل وعلا : (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) (سورة البقرة)
الوجه الثاني :
ويأتي وجه الالتباس الثاني فيما اخبرنا ربنا جل وعلا عن طبيعة ميراث بني إسرائيل فيقول جلت قدرته : فأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26 ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28).(الدخان)
قال ابن كثير رحمه الله (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إسرائيل [ الشعراء:59 ] وقال في موضع آخر : وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إسرائيل بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [ الأعراف:137 ] . وقال هاهنا: ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) وهم بنو إسرائيل، كما تقدم. أ.هـ
وقال الطبري رحمه الله (وقوله ( وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقَاماتهم وما كانوا فيه من النعمة عنهم قوما آخرين بعد مهلكهم, وقيل: عُنِي بالقوم الآخرين بنو إسرائيل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يعني بني إسرائيل.) أ.هـ
قال البغوي رحمه الله ( كَذَلِكَ ) قال الكلبي: كذلك أفعل بمن عصاني, ( وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يعني بني إسرائيل. أ.هـ

الوجه الثالث
:
آية ثالثة تتحدث عن نفس الحدث ولكنها تعرضه بطريقة تصرف الانتباه إلى أمر جديد وهي في قوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إسرائيل بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ } [الأعراف:137].
قال القرطبي رحمه الله : قوله تعالى: « وأورثنا القوم » يريد بني إسرائيل. « الذين كانوا يستضعفون » أي يستذلون بالخدمة. « مشارق الأرض ومغاربها » زعم الكسائي والفراء أن الأصل « في مشارق الأرض ومغاربها » ثم حذف « في » فنصب. والظاهر أنهم ورثوا أرض القبط. فهما نصب على المفعول الصريح؛ يقال: ورثت المال وأورثته المال؛ فلما تعدى الفعل بالهمزة نصب مفعولين. والأرض هي أرض الشأم ومصر. ومشارقها ومغاربها جهات الشرق والغرب بها؛ فالأرض مخصوصة، عن الحسن وقتادة وغيرهما. وقيل: أراد جميع الأرض؛ لأن بن بني إسرائيل داود وسليمان وقد ملكا الأرض. « التي باركنا فيها » أي بإخراج الزروع والثمار والأنهار. « وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل » هي قوله: « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين » [ القصص: 5 ] . « بما صبروا » أي بصبرهم على أذى فرعون، وعلى أمر الله بعد أن آمنوا بموسى. « ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون » يقال: عرش يعرش إذا بنى. قال ابن عباس ومجاهد: أي ما كانوا يبنون من القصور وغيرها. وقال الحسن: هو تعريش الكرم. وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم « يعرشون » بضم الراء. قال الكسائي: هي لغة تميم. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة « يعرِّشون » بتشديد الراء وضم الياء.
قال الطبري رحمه الله : قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأورثنا القوم الذين كان فرعون وقومه يستضعفونهم, فيذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم, ويستخدمونهم تسخيرًا واستعبادًا من بني إسرائيل مشارق الأرض الشأم, وذلك ما يلي الشرق منها « ومغاربها التي باركنا فيها » , يقول: التي جعلنا فيها الخير ثابتًا دائمًا لأهلها.
وإنما قال جل ثناؤه: ( وأورثنا ) ، لأنه أورث ذلك بني إسرائيل بمهلك من كان فيها من العمالقة.
وبمثل الذي قلنا في قوله: ( مشارق الأرض ومغاربها ) ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن إسرائيل , عن فرات القزاز, عن الحسن في قوله: ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) ، قال: الشأم.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل, عن فرات القزاز قال: سمعت الحسن يقول, فذكر نحوه.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن فرات القزاز, عن الحسن، الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ، قال: الشأم.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) ، هي أرض الشأم.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قوله: ( مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) ، قال: التي بارك فيها، الشأم.
وكان بعض أهل العربية يزعم « أن مشارق الأرض ومغاربَها نصب على المحلّ, بمعني: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون في مشارق في الأرض ومغاربها وأن قوله: وأورثنا إنما وقع على قوله: ( التي باركنا فيها ) . »
وذلك قول لا معنى له, لأن بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم أيام فرعون غير فرعون وقومه, ولم يكن له سلطان إلا بمصر , فغير جائز والأمر كذلك أن يقال: الذين يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها.
فإن قال قائل: فإن معناه: في مشارق أرض مصر ومغاربها فإن ذلك بعيد من المفهوم في الخطاب، مع خروجه عن أقوال أهل التأويل والعلماء بالتفسير.
 والسؤال هنا / كيف يكون بني إسرائيل قد ورثوا شيئا ذا قيمة طالما دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ؟ وكيف يرثون الشام في حين ان أوجه الاستشكالات الأولى فسرت أنها مصر ؟؟
ملخص الاستشكالات
تتلخص إشكالات الفهم في هذه الأوجه من القصة القرآنية في الآتي:
أولا : ذكر ربنا تبارك اسمه أن بني إسرائيل ورثوا الأرض من بعد فرعون وقومه والمعروف والثابت تاريخيا أنهم لم يعودوا البتة إلى أرض مصر منذ ذلك اليوم فكيف يتفق هذا التعبير مع الحقيقة التاريخية ؟ بل والسياق القرآني الذي استفاض في الحديث عما تلا خروج بني إسرائيل من مصر ولم يحدثنا عن أي نشاط لهم في مصر بعد عبور البحر بالإضافة أن وراثة الأرض ينبغي أن تكون حال تدمير آل فرعون وإلا ستئول إلى غير بني إسرائيل ولو حصلوا عليها بعد ذلك لم يصح أن تكون وراثة للأرض من عدوهم.
ثانيا : سياق الآيات في سورة الدخان وبالخصوص الآية (28) في قوله تعالى (كذلك وأورثناها قوما آخرين) فكأنك حين تقرأ سياق الآيات تخلص إلا وجود ثلاث جماعات في القصة (قوم فرعون ، قوم موسى ، القوم الآخرين) فإذا كان المقصود بقوله تعالى (قوما آخرين) أنهم بني إسرائيل فلماذا أشار لهم بهذا التعبير ولم يسمهم كما في سورة الشعراء ؟.
ثالثا: كيف تكون وراثة بني إسرائيل لأرض فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ويبنون في حين أن الله جل وعلا دمَّر ما بنوه وما كانوا يعرشون فكيف تكون وراثة ارض خراب تعد امتيازا إلهيا لبني إسرائيل إذا فرضنا أنهم عادوا إلى مصر ؟
وهذه الاستشكالات توقف عندها كثير من العلماء الكرام فلم أقع على ما يشفي في هذا الأمر لأن جل من بحث فيه توقف عند ما اقرّه مفسرينا ولذا فإنني رأيت أن الاستقراء والتقصي بعد الاعتماد على الله جل جلاله لن يحرمنا من الوصول لما يشفي في هذا الأمر فكان هذا البحث وسأبدأ فيما يلي  أطرح ما وصلت له بإذن الله وبعد توفيقه جلت قدرته.
الفهم السليم للوراثة في تنزيل العزيز الحكيم
أولا : لكي نصل لفهم سليم يجلو الحيرة وتوصلنا لمراد الله جل جلاله يجب أن نعطي الأمر حقه من التدبر والتفكير والاستقراء مستعينين بالله ونقوم بالبحث عن مدلول مفردة الوراثة في كتاب الله وعندها سنفاجأ بسهولة الأمر واتساقه وهذا ما أفضل به الله علي في ظني حتى الآن فاطمئنيت لما سأورده وزال اللبس عندي .
الوراثة والإرث والميراث في اللغة:
إن أهم ما ظهر لي في هذا البحث هو أن معاني الوراثة في اللغة لم تستصحب في فهم هذه الآيات فالوراثة والميراث والإرث والتوريث مفردات تملك معنى مزدوجا وليست ذات معنى واحد ، فالمعنى الأول لتلك المفردة حسب المعاجم هو :
أولا : و ر ث : وَرِثَ أباه و وَرَثَ الشيء من أبيه يَرِثُه بكسر الراء فيهما وِرْثاً و وِرْثَةً و وِرَاثَةً بكسر الواو في الثلاثة و إِرْثا بكسر الهمزة و أَوْرَثَه أبوه الشيء و وَرَّثَهُ إياه و وَرَّثَ فلان فلانا تَوْرِيثاً أدخله في ماله على ورثته.
وتشمل كل ميراث مادي أو معنوي ينتقل من جيل لجيل أو من مورث لوارث ومنه التراث وغالبا ما تكون علاقة دم أو علاقة تبعية روحية أو عرقية بين المورث والوارث .
شواهدها في كتاب الله
  • آيات المواريث في كتاب الله في سورة البقرة وسورة النساء
  • قوله تعالى ({ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [الأعراف:169]
  • وقوله تعالى : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } [فاطر:32] فهم جيل آل إليهم فهم الكتاب ودراسته وحفظه وتعهده من آبائهم فقد يقصد هنا إرثا ماديا ككتاب من جلد أو حجر أو ورق وكذلك إرثا علميا مقدسا تسلموه ممن سبقهم بتشابههم في أصولهم وأعراقهم وتطابقهم في العقيدة والدين فهذا هو القصد بالوراثة في التعبير الرباني.
  • قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ } [غافر:53] فالله جلت قدرته آتى عبده موسى عليه السلام الهدى ثم توارث الكتاب من بعده بني إسرائيل ليقيمون حدوده ويعملون بما فيه عهدة من الله عندهم جيلا تلو جيل.
  • قوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ } [الشورى:14]
  • قوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إسرائيل بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ } [الأعراف:137].
وهنا الوراثة المادية حيث أورث الله بني إسرائيل ملك الشام وفلسطين والتي عرف أن الأرض المباركة هي بيت المقدس وارض الشأم وهذا ثابت أنهم بعد أن طهرهم الله من ذنوبهم وكبائرهم جعل منهم ملوكاً ومكن لهم دولة قوية رأسها أنبيائهم في فلسطين وما حولها ، (بينما) دمر ارض فرعون وقومه فلم تكن وراثتهم لها بعودتهم إليها فقد دمرت وخربت (بنص كتاب الله) بل بانتصارهم على فرعون وزوال ملكه ونجاتهم من الفناء كما سيأتي في العرض التالي.
ثانيا : و ر ث : أُوْرِثَ في قلبهِ نفاقاً ، وَرِثَ النصر ، وَرِثَ عِلْمَاً وفِقْهَاً ، شَعْبٌ يَرِثُ عَظَمَةَ أَجْدَادِهِ وَمَجْدَهُمْ: أَيْ تَصِيرُ عَظَمَتُهُمْ وَ مَجْدُهُمْ إِلَيْهِ .
وتَشْمَلُ كُلَّ إرْثٍ مَعْنَويٍّ يَؤْوُلُ فِيْهِ الأَمْرُ مِنَ أُمَّةٍ لِأُمَّةْ وَمِنْ فَرِيْقٍ لِفَرِيْقْ، وَالنَّصْرُ فِيْ الصِّرَاعِ هو وِرَاثَةٌ لِلْأًمْرِ كُلٍّه وَهَذِهِ الِورَاثَةُ بَيْنَ مُتَصَارِعَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ أحَدُهُمَا مُؤَيّداً مِنَ اللهِ تَعَالى وَالآخَرْ يَرْكَنُ لِقُوّتِه وَكُفْرِهِ وَجَبَرُوْتِهِ وَلَيْسَتْ كَسَابِقَتِهَا بَيْنَ أَقْرِبَاءَ دَمٍ وَعَقِيْدَةْ.
شواهدها من كتاب الله
  • قال تعالى : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [الزمر:74]
فكيف يرثون الأرض ويتبوأون الجنة ؟ أقول هذا مثال عظيم وواضح بشدة متناهية على معنى الوراثة الذي ذكرناه وبرغم أن المفسرين قد اجمع أكثرهم على أن المقصود (ارض الجنة) وهذا برأيي غير صحيح فالمذكور أنهم آل إليهم الأمر وانتصروا في صراعهم مع قوى الكفر على الارض حيث كان الصراع ولم يكونوا يطلبون الأرض كميراث بل كان طلبهم الجنة وصراعهم لأجلها في الأرض فانتصروا في ميدان صراعهم وآل إليهم ما هو أعظم من الأرض فتدخل فيه الأرض حتماً ومفردة الارض ذكرت في كتاب الله  ٢٨٩ مرة لم يُسَجّل أو يعرف أنها استخدمت للدلالة على ارض الجنة بل استخدمت حصرا للدلالة على المتبادر للذهن منها وهي الأرض المعروفة ، ونحن نعلم بلا شك أن الأرض بعد دخول الناس للجنة والنار أصبحت مكانا موحشا لا تجد فيه عوجا ولا أمتا فليست بمغنم في ذاتها ولكن في معنى الانتصار كانت الوراثة مثل ما حدث لبني إسرائيل التي دمر الله ما كان بني إسرائيل يعرشون ويبنون فلم تعد مغنما ولكن الوراثة بالنصر على عدوهم وإلا فالأرض المذكورة كناية عن الصراع بين الحق والباطل والخير والشر وسيلحق بذلك تفصيل أوسع فيما يلي.
  • قال تعالى: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } [القصص:58]
وهذه هنا شاهد رائع على وراثة النصر ، نصر الله على أعدائه ففي الوقت الذين بارزوا الله بالكفر وفجروا فيما منحهم الله من النعم وعادوا أولياءه حفاظاً على ملكهم و قراهم وأملاكهم لم يكن مطلب أولياء الله إلا الحرية في عبادة الله ولم يكن مطلبهم ملك أو سلطة فدمر الله ملكهم الذي استخدموه في قتال المؤمنين واستتب الأمر للمؤمنين سواء سكنوا واحتلوا ارض الكافرين أم لا لأنه ليس هدفا لهم ولا مطلبا يسعون له فوراثتهم للأمر وانتصارهم فيه انتصار لله جل وعلا الذي أرسل قوته فدمرهم ومحى ملكهم وسلطانهم وبقيت قراهم خاوية موحشة لا مكسب في وراثتها بل الوراثة الحق ما تيسر من نصر وسؤدد بتأييد الله وقوته ووراثة الله للأرض ليس تملكها بعد أهلها فهي له جلت ذاته من قبل ومن بعد بل النصر على من ناصبه العداء.
  • قال تعالى : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } [القصص:5]
والوراثة هنا هي المنّة الإلهية على المستضعفين بتغيير حالهم من الاستضعاف إلى التمكين ومن الاضطهاد إلى القوة ومن الهزيمة إلى النصر فلم يكن مطلب موسى وقومه نزاع فرعون على ملكه ، ولم يكونوا يريدون قصورهم وكنوزهم وما كانوا يعرشون ، بل كان مطلبهم عبادة الله وحده والخروج من مصر بسلام فجنَّد فرعون مُلْكَهُ ودولته لينكِّل بهم حتى كان العون الرباني حيث أغرقه فأفقده مُلْكَهِ وحياته وحياة جيشه ولو أنه تركهم يغادرون أرض مصر ثم بعد حين فقد ملكه لما عُدَّ سقوط مُلْكَهِ وراثة لبني إسرائيل ولكن حين استخدم سلطانه وقوته وماله وملكه لسحق واضطهاد المؤمنين الذين لا يشكلون عليه وعلى مُلْكَهِ خطراً فأفقده الله كل وسيلة استخدمها لذلك (سلطانه وقوته وماله وملكه) فكانت معركة انتصر فيها الضعفاء فورثوا الأمر وآل إليهم دون سواهم .
  • قال تعالى : { وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ } [الحجر:23]
ووراثة الله أن يؤول كل شيء إليه سبحانه فهي الوراثة الحقيقية والبقاء الحقيقي وما سواه وراثة مادية لا قيمة لها والوراثة اقوى واسمى من النصر ، فالنصر هزيمة العدو وضعفه من بعد قوة مع بقاءه ولكن الوراثة محو العدو من الارض وتدمير مساكنه ومبانيه وزينته وزرعه فهنا وراثة الامر كله فالله جلت قدرته يقول { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } [القصص:58
فالآية الكريمة تثبت مفهوم الوراثة لأرض خراب لم تسكن بعد اصحابها الا قليلا كما كانت الأرض اورثت للمؤمنين وهم في الجنة وهي خراب فارغة من اهلها وكما اورثت ارض قوم فرعون لبني اسرائيل برغم أنهم لم يسكنوها وان الارض التي نشأ ملكهم عليها كانت ارض الشام (المباركة) والوراثة في هذه الحالة لا تلزم السكنى والتملك ، فهذه الأمثلة كافية لتبيان المفهوم الآخر للوراثة الذي نتحدث عنه في هذا الموضوع ولو تتبعت الوراثة بهذا الوجه لوجدت العدو سحق ومحق ومحي تماما من الارض ولم يهزم فحسب وبقيت ارضه خاوية منه اما بهلاكهم كاقوام كثيرة عذبها الله ومنهم قوم فرعون أو بجلائهم كيهود المدينة الذين قال الله فيهم { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [الأحزاب:27] وهذا ما حدث في الجنة حيث ورث أهل الجنة الأرض أي آل لهم الأمر بسحق عدوهم وتخليده في جهنم وفوزهم بالجنة وليس امتلاك وسكنى الأرض فقد اصبحت خرابا بعد الحشر بل بتحول الأمر للمؤمنين وخذلان اعدائهم وهزيمتهم.
إن الوراثة ليست انتقال المُلْكِ على إطلاقه بل الانتصار وراثة لأن تحول المنعة والقوة والسلطة جالبٌ للثروة والميراث وزوالها زوال للميراث وفناء الملك اتى في طريق طلب العبادة ، ومن صور الوراثة المعنوية وراثة العلم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (العلماء ورثة الأنبياء ) فهم ورثوا العلم .ولو حاولنا أن نبني تعريف جامع للوراثة (بين البشر)على ضوء ما تقدم لجاز لنا القول :
الوراثة تحول حال الوارث بعد حصول المنفعة من  المورث بما يؤول إليه من الضعف الى القوة أو من الهوان إلى العزة أو من الفقر الى الغنى أو من الجهل إلى العلم
الخلاصة
وجدت أخيرا أن مصدر القصور في الفهم يكمن في الخلط بين (الوراثة المعنوية) بالنصر والتمكين بهزيمة فرعون وإغراقه وجيشه من جهة ونجاة بني إسرائيل إلى ارض آمنه من جهة أخرى ، أقول الخلط بين ذلك وبين وراثة الأرض المباركة (الوراثة المادية) بمعناها الآخر وتملكها وحكمها وإنشاء حضارتهم بها.فوراثة الغَلَبة في الصّراع بين بني إسرائيل وعدوهم تم بحرمان الملك من ملكه ونوال المستضعف حريته وإرادته ، ففرعون كان يرى في نوالهم لحريتهم وتوحيدهم لله خطرا عليه وعلى ملكه فسّخر ملكه لابادتهم ، وفي هذه  الحالة إن تحقق للضعيف مطلبه وفقد القوي ملكه وقوته أصبح ما بيد الضعيف أقوى ما بيد الفرعون من الملك فإنه يصير بذلك وارثا له ولقوته ولملكه منتصرا عليه لأنه طالما حشد ملكه كسلاح يحارب بها أولياء الله ففقد ملكه وفقد سلطانه ونَجّى اللهُ عبادهُ ونبيهُ عليهِ الصّلاةُ والسّلام.
وهذا النصريجعل من بقي من عدوهم يقر بقدرة ضعفاء الماضي واسياد الحاضر أن يمتلكوا أي قوة تبنى لمعاداتهم فكأن الأرض أصبحت ملكا لهم تبعا لملكية الله لها حيث خولهم نعمته وأيدهم بعظيم قدرته.
اللهم إن أصبت فمنك وحدك لا شريك لك ، وإن أسأت وأخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفرك لا اله إلا أنت وأتوب إليك وصلى اللهم صلاة دائمة نامية لا انقطاع لها على عبدك ورسولك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

4 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا أخى و من عليك بنعمه … و لى اجتهاد فى هذا ايضا سكان مصر من جعل أهلها شيعا قارون من قوم موسى الذين هم بنى اسرائيل .. هامان و فرعون و أصحاب الارض الاصليين الذين هم المصريين حيث ان يوسف أتى بأخوته من البدو فهم من خارج مصر .. فأورثناها الاخريين اجتهد و الله أعلم بتؤيل كتابه أنهم المصريين أو على تقدي أخر انهم شيعه أخرى من الموجودين فى مصر … ثم ميراث بن اسرائيل لمصر أعتقد أنه فى العلو الثانى لبنى أسرائيل بعد أن جاء بهم الله لفيفا الى فلسطين … و كذلك مع الوضع الحالى من الحكم الجبري و مظاهره فى تشيع المصريين الى طبقات و علو بعضهم على بعض و استشعاف طوائف منهم فهو من صنع فرعون أى من طريقه حكم فرعون السائريين على نهجه فى الحكم فمن سيماهم ايضا البناء بالطين اى البناء الضعيف و هذا واضح ف معظم المبانى المقامه و تفسد بمرور فتره قصيره من الزمن … هذا اجتهاد ان كان صواب فمن الله و ان كان خطأ فمن نفسى و الله أعلى و أعلم

  2. ;كلام مفيد, لكن يصطدم بالضمير ها في قوله سبحانه أورثناها … حيث يعود الضمير في الآية الأولى ها على الكنوز وهذ خاص ببني إسرائيل, أما الضمير في الآية الثانية ها على الزروع فهو خاص قوما آخرين.
    والظاهر أن الخطاء في الفهم نشأ من مقدمة مغلوطة ألا وهي خروج كل بني إسرائيل من مصر مع موسى عليه السلام, وهذا فيما أظن لا دليل عليه, قال تعالى: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئيهم أن يفتنهم. فالذين آمنو قلة, وقارون كان من قوم موسى ومن المنتفعين من النظام الفرعوني, ولا شك أن هناك أمثلة له في مصر من ناحية الانتفاع والرضى بسكنى مصر, كمأ أن هناك العديد ممن يخدمون في القصور الفرعونية من بني اسرائيل, ولا شك أنهم ينعمون برغد العيش, مقارنة بغيرهم, وأخت موسى عليه السلام عندما قالت هل أدلكم على أهل بيت يكفولونه لكم كانت تتكلم من داخل القصر…. الشاهد أن غير المؤمنين بموسى عليه السلام والمنتفعين بالحكم الفرعوني من المرجح بقاؤهم في مصر, وليس هناك دليل فيما يظهر يؤكد خروج الجميع, لذا من المرجح أن الباقين هم من ورثوا القصور والكنوز, أما من ورث الزروع فهم الذين يعملون في المزارع وه غير بني إسرائيل.
    كانت هذه الآية دوما تستوقفني, حتى سمعت من تكلم بهذا المعني, فأعجبني .

    1. السلام عليكم ورحمة الله
      اخي الكريم شكراً لتعقيبكم
      اتفق معك بأن الذين آمنوا مع موسى عليه السلام قلة وأن من بني اسرائيل من المنتفعين لم يغادروا مصر ، ولكن هل المكافاة ووراثة الأرض تكون للكافرين منهم أم للمؤمنين ؟؟ ، فالقول بأن البقية من بني اسرائيل هم من ورثوا الأرض يعني أن المؤمنين القلة الذين أطاعوا موسى وخرجوا معه وخاطروا بأنفسهم لم ينالهم من الوراثة شيء وهذا يتناقض مع مقتضى السرد القرآني والنتيجة من الايمان والاتباع .
      إن الله ليس بينه وبين أحد من الناس نسب ولا صلة ، بل أن الصلة هي الايمان والاتباع ، فالفرعوني المؤمن خير من الاسرائيلي الكافر ، وهنا نؤكد على أن الوراثة التي وردت غير متعلقة بوراثة المال والكنوز بل بالوراثة المعنوية وهي تحول الامر وهزيمة العدو ونصر المؤمنين وهي اقوى واجدر من المال والكنوز .
      ولكن لا شك أن ما تركوه من كنوز ومقام كريم اصبح في حوزة قوم آخرين لم يذكر لنا القرآن من هم :
      (كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ) هذا على صعيد الكنوز والمال والقصور ، ولكن على صعيد وراثة القضية وحيازة النصر فبني اسرائيل الذي جاوز الله بهم البحر هم الوارثين المنتصرين والله تعالى أعلى وأعلم,

      1. كلام الأخ عدنان له وجهة قوية من النظر، وقد يقال إن الكلام عام عن جنس الدنيا ومتاعها ومواردها، وهنا يكون المقصود بالآية أن الله جل وعلا ورث بني إسرائيل هذا الجنس بعمومه، وليس بالتحديد ما وجد منه في أرض مصر.
        أما قضية أن بعض بني إسرائيل مكثوا بين قوم فرعون، فهولاء لن يبقوا في الغالب، وفيما تعهده أعراف المجتمع البشري، إلا وهم من ضمن من يستخدمهم فرعون وقومه في خدمة ما يقومون به من نشاط بشري، ولا شك أن حشد الجيوش بتلك الصورة الفرعونية سيتطلب الكثير من العمال والخدم المساعدين، وسيكون أغلب هؤلاء من بني إسرائيل الذين بقوا تحت أيدي الفراعنة وتحت سلطانهم، هذا إن سلمنا ببقاء عدد منهم.
        وعلى هذا تكون وراثة الأرض لهم، وهذا خلاف مقتضى العدل والعقل.
        وتبقى الحقيقة التاريخية وما تشهد به نصوص القرآن والسنة، لتقول إن بني إسرائيل المعنيين بالخطاب هم الذين غادروا مع موسى عليه السلام، وأن هؤلاء لم يعودوا لمصر وإنما تاهوا في الصحراء بعد عبورهم لمدة أربعين سنة، ثم أذن الله لهم بافتتاح الأرض المباركة.
        والله أعلم وأحكم، نسأله الدلالة على الصواب ونور الأبصار والبصائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »