مَرَاتِبُ الدِّيْن ، مَفَاهِيْمُهَا فِيْ ضَوْءِ القُرْآنِ الكَريْم وَ السُّنّة المُطهَّرة (10)

مَرَاتِبُ الدِّيْن ، مَفَاهِيْمُهَا فِيْ ضَوْءِ القُرْآنِ الكَريْم وَ السُّنّة المُطهَّرة (10)

الشواهد القرآنية والآثار النبوية

سنتتبع الدلائل والشواهد القرآنية والآثار النبوية لنتمكن من التحقق من انطباق مفهوم “أبواب الدين” بدلا من “مراتب الدين” وهل يتماهى النص القرآني و يتطابق مع هذا المفهوم ؟؟ وهل يتعارض مع مفهوم مراتب الدين ؟

إن استعراض الشواهد القرآنية سيحقق مفهوم أبواب الدين وينقض مفهوم مراتب الدين الذي ينقضه العقل قبل النقل ولنرى ذلك من خلال الآيات التالية:

 

القاعدة الأولى : الفرائض موجهة للمؤمنين فقط.

 أن الإيمان دائما ما يسبق العمل فالعمل هو الإسلام وهو يلي الإيمان وليس العكس فلذلك نجد دوماً (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فلا عمل صالح دون إيمان يسبقه ، وسنجد فيما يلي أن الأوامر والنواهي دائما ما يسبقها نداء (ياء) للتنبيه ثم (آمنوا) لتحديد المخاطبين فهي مختصة بهم دون سواهم ، وهذا يحمل دلالة ورداً بينا على من يقول بتراتب الدين وأن الإسلام ادنى مرتبة ، فالأعمال في كتاب الله والفرائض وجهت للمؤمنين ولم توجه بقوله يا أيها الذين أسلموا ، لأن الإسلام قد يكون لله وقد يكون لسواه ، والإسلام هو العمل فإن أصبح لله فهو ناتجُ إيمان كما أسلفنا ، ولو كان الإسلام دائرة أكبر وداخليها مقبولين عند الله لشملهم النداء فقال “يا أيها المسلمينيا ايها الذين اسلموا” حتى يتحقق شمول كافة الداخلين في الدين (الدائرة الكبرى) بالنداء بالأمر الرباني:

 {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [البقرة:14]

إن المنافقين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وادعائهم الإيمان عند المؤمنين ، وهم يؤدون العبادات (الإسلام) لمخادعة المؤمنين و إيهامهم بأنهم مثلهم ، ولو سلمنا بمراتب الدين فهم مسلمون لله – وهذا باطل- فهم مستسلمين للنبي وللمؤمنين ، مظهرين لشعائر الإسلام واركانه ولكن لم يتحقق اسلامهم لله لأن الإسلام لله يعقب إيمانا به تعالى.

 {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة:25]

وهذه واحدة من خمسين آية اشتملت على جملة (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ليتعزز مفهوم أسبقية الإيمان وأنه مدار الهداية وأن الإسلام (بما يشمله من أعمال الجوارح) ما هو إلا نتيجة لرسوخ الإيمان في النفس وينقض مفهوم مراتب الدين وأن الإيمان مرتبة تالية للإسلام.

 {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:103]

فالإيمان لابد أن يكون مبتدأ الدخول في الدين وأن يتبعه تحقيق له وهو العمل (العبادة) ، والتقوى هو فعل الشرائع والأوامر وتجنب المحرمات والبعد عن كل فعل منهي عنه ، فقرر الله أن الإيمان اسبق من التقوى ، فمن يسلم ويأتي الفرائض فهو لا يأتيها تقوى لله بل تقوى لغيره.

 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153]

وهنا يثبت الله لهم الإيمان (اليقين القلبي) ويطالبهم بعد ذلك بالإسلام (العبادات العملية) لأن جواز باب الإيمان يعقبه إتيان العبادات وانعكاس ذلك التوالي يعني النفاق.

 {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } [البقرة:165]

وهذا مقام المشاهدة في الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه) فتكون عبادتك محبة له ضمن إيمانك به فإن لم يستقر هذا الحب في النفس كان ذلك إشارة على غياب الإيمان غياباً مؤقتاً أو غياباً كلياً.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [البقرة:172]

فالعبادة لا تحتسب إلا لمن ثبت في قلبه الإيمان فكان نداء الله لمن ثبت الإيمان في قلوبهم.

 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة:178]

فالمكتوب من الشرائع يؤتى من المسلمين طاعة وعبادة ومحبة وتسليماً بأمر الله وهذا هو الإسلام وهو أن تسلم وجهك وجوارحك لله ولحكمه والقصاص حكم من أحكامه تعالى ، والخطاب موجه للمؤمنين لأنهم هم وحدهم المعنيون بتنفيذ الحكم استسلاماً وحباً وطاعة لله ، وتأدية الدية عند العفو يجب أن تترافق مع الإحسان وهو جماع الفعل القلبي والعملي الذي رضي بحكم الله وقضائه.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183]

فالخطاب هنا عند فرض شرائع الإسلام للمؤمنين ذلك أن الإيمان باب الإسلام فلا شرائع ولا إسلام لمن لم يؤمن بعد ،فكان تشريع الصيام (كركن من أركان الإسلام) وفرضه بخطاب موجه وأمر تنبيه كأنه يقول أن الإيمان شرط قبول هذه العبادة ، وأتت الصفة بصيغة الماضي (آمنوا) و ليست بصيغة سواها في دلالة واضحة على شرط الإيمان للإفضاء إلى الأعمال المشروعة.

 القاعدة الثانية : الإحسان صفة لازمة:

إن المتتبع للإحسان في القرآن الكريم يجد تلازماً بين صفات الإيمان والإسلام والإحسان بما يؤيد ويؤكد بأن صورة الإحسان المغروسة في الأنفس على أنها حالة فوقية نادرة لا يصلها إلا فئة قليلة من الخلق هو مبدأ غير سديد لأنه يخرج السواد الأعظم من أهل الملة من قطار المنافسة ، ولعلنا نتتبع مواضع ذكر المحسنين والإحسان في القرآن الكريم ونرى مدى ارتباطها بالإيمان والإسلام.

من الجدير بالانتباه له أن ذكر العمل ، والعبادات والشعائر هو مرادف لذكر الاسلام ، وذكر القلب ولفظ الجلالة وصفات الله العلي العظيم مرادف للإيمان فإن اجتمعت من الإحسان فقد تحققت المعادلة المطلوبة :

يقول الحق تبارك وتعالى :

{ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة:195]         

فاجتمع العمل (الإنفاق) واسم من يُنْفَقُ في سبيله (الله) وأُ تبِعَ ذلك بالأمر بالإحسان ، فكان أمر بالإنفاق بإيمان بعلم الله وكريم جزاءه على ذلك ، ونهى عن إهلاك النفس بما يشمل إتلاف المال فيما يضر  يقول تعالى { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا } [البلد:6] وإهلاك المال صرفه فيما فيه ضرر للنفس ، والمال يد وقوة ، والتعبير بالإلقاء بقوله (ولا تلقوا بأيديكم) ولا تسارعوا بأموالكم التي هي قوتكم لتعود عليكم بالهلاك في الآخرة ، وفي البخاري عن ابن عباس وجماعة من التابعين في معنى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } لا تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العَيْلة وإن لم إلاَّ يكز سهم أو مشقص فأْتتِ به .، وهنا فإن الإحسان يشير للإنفاق سراً كأسمى قيمة من قيم الإنفاق لأنه يكون منقطعاً من الرياء متصلاً بحقيقة الإيمان بالله .

وهنا نقول إن الإحسان ليس من عفو العمل الذي يعد متمماً غير لازم بل هو من لوازم الدين التي لا ينفع العمل بدونه.

يقول الحق سبحانه وتعالى:

{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} (85) المائدة

فاشتملت الآية على اعترافهم وإيمانهم (ربنا آمنا) و دموعهم صدقت حقيقة إيمانهم فوصفهم الله بالمحسنين لأنهم استكملوا أصول الدين فآمنوا بقلوبهم وانتقلوا من إيمان برسالة سابقة إلى إيمان برسالة لاحقة فعلم ما في قلوبهم فكان ثواب الإحسان هو جنات النعيم.

يقول الحق سبحانه وتعالى :

{ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [المائدة:93]

فلما اغتم المؤمنين عند نزول تحريم الخمر لما كان منهم من معاقرة لها قبل تحريمها فطمأنهم ربهم بأنهم غير مؤاخذين بما كان منهم إن (اتقوا) أي التزموا بما استجد عليهم من تحريمٍ لشرب الخمر فكان وصفهم (الذين آمنوا) أثبت لهم الإيمان ، ثم أعقب ذلك بشرط التقوى أي اتيان الأوامر واجتناب النواهي (العبادة) وتساوي (الإسلام) لأنها أعمال جوارح وربط الإيمان بالعمل وتوجه باسمه الجمعي وهو (الإحسان) والله يحب المحسنين فأي درجة دونه تجلب محبة الله ؟.

يقول جل شأنه :

{ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة:91]

يعذر الله المؤمنين عن بعض العبادات عند تركها لعذر ولم ينفِ عنهم الإحسان لعلمه جل وعلا أن عدم اتيانهم لهذه العبادة كالنفقة لم يكن في ظل غياب الإيمان بل لانتفاء الاستطاعة ، بشرط النصح لله ورسوله (الإخلاص) لأنه عمل قلبي صرف لا يعذر احد بتركه ، قال سفيان الثوري ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة – رضي الله عنه – قال : قال الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن الناصح لله ؟ قال : الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران – أو : بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة – بدأ بالذي للآخرة ثم تفرغ للذي للدنيا .

وقد نفى جل في علاه أن يكون السبيل أي المؤاخذة واللوم على المحسنين فلم يمنعهم مانع عن الإيمان ولكن منعهم عذر قاهر عن العمل فكانوا في عداد المحسنين الذين لا تثريب عليهم ، فلزم أن يكون السبيل على غير المحسنين وهم المنافقون ، فيقول تعالى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [التوبة:93] فكان نقيض المحسنين هم المنافقين ، فكان الدين سبيلان لا ثالث لهما إما إحسانٌ يجسد العمل باعتقاد وإيمان ، وإما نفاق لا جدال فيه فكان ذلك مصداق لهذا التفصيل والتأصيل.

يقول تعالى :

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت:69]

وهنا نلحظ اجتماع الإيمان والعمل ونسبة المذكوريَن في الآية للمحسنين ، وأخَصُّ معنى للجهاد هنا هو جهادُ النفس فهو أداة تحقق الإحسان ، فالعامل عندما يكون عمله بدافع قلبي فهو لا شك يحقق ذلك العمل بمجاهدة النفس الأمارة بالسوء ويطرد وساوس الشيطان ليقوم بالفرائض وهذا مناط الإحسان (العمل المدفوع بتحقق الإيمان).

يقول تعالى:

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ } [آل عمران:172]

استجابوا لله والرسول = آمنوا ، أحسنوا واتقوا = العمل المنبعث من استقرار الإيمان والاستجابة لله والرسول.

نزلت في أهل أحد الذين ساروا مع رسول الله رغم ما أصابهم من جراح وما وصل مسامعهم من إرجاف ، ولا شك أن كل تلك مواضع اختبار لصدق الإيمان وتماسك المسلم المحسن ولزومه للحق برغم الجرح والقرح والخيبة.

يقول الله تعالى :

{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل:30]

وهنا يتحدث الله عن أهل الجنة وسؤالهم فثبت لهم الإيمان ، ثم بين بأن الحسنة للذين أحسنوا وهنا يجدر بنا أن نتلقف فائدة جليلة ، هي أن مناط النجاة هو ثقل ميزان الحسنات على ميزان السيئات ، ولا تتأتى الحسنات إلى ممن أحسن فكان من المحسنين ، فإن قلنا عمن أسلم بلا استقرار للإيمان أنه يجني الحسنات فكيف تكون حسنات بلا إحسان ؟؟.

يقول ابن كثير رحمه الله :

“ثم أخبروا عما وعد الله [ به ] عباده فيما أنزله على رسله فقالوا : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ) كما قال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) [ النحل : 97 ] أي : من أحسن عمله في الدنيا أحسن الله إليه في الدنيا والآخرة .” انتهى كلامه

ونلحظ في قوله تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ) فكان العمل يسبقه الإيمان حتى يكتب في ميزان العبد حسنة ، وبالتالي فهذا هو الإحسان الذي ينتج الحسنات (إيمان ينتج عملاً).

يقول ابن جرير رحمه الله :

“وقوله ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) يقول تعالى ذكره: للذين آمنوا بالله في هذه الدنيا ورسوله ، وأطاعوه فيها ، ودعوا عباد الله إلى الإيمان والعمل بما أمر الله به ،حسنة ، يقول: كرامة من الله ( وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ) يقول: ولدار الآخرة خير لَهُمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيا، وكرامة الله التي أعدّها لهم فيها أعظم من كرامته التي عجلها لهم في الدنيا( وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) يقول: ولنعم دار الذين خافوا الله في الدنيا فاتقوا عقابه بأداء فرائضه وتجنب معاصيه دار الآخرة.”

قال ربنا جل وعلا :

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10]

لابن عاشور رحمه الله كلام نفيس في هذه الآية منه قوله :

“والمراد بالذين أحسنوا : الذين اتقوا الله وهم المؤمنون الموصوفون بما تقدم من قوله : { أمن هو قانت } [ الزمر : 9 ] الآية ، لأن تلك الخصال تدل على الإِحسان المفسر بقول النبي صلى الله عليه وسلم “ أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكنْ تراه فإنه يراك ” ، فعدل عن التعبير بضمير الخطاب بأن يقال : لكم في الدنيا حسنة ، إلى الإِتيان باسم الموصول الظاهر وهو { الذين أحسنوا } ليشمل المخاطبين وغيرهم ممن ثبتت له هذه الصلة . وذلك في معنى : اتقوا ربكم لتكونوا محسنين فإن للذين أحسنوا حسنة عظيمة فكونوا منهم . وتقديم المسند في { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ } للاهتمام بالمحسَن إليهم وأنهم أحرياء بالإِحسان .” انتهى كلامه

وتؤكد هذه الآية الكريمة ما سبق بأن الحسنات التي تثقل ميزان العبد فترجح بالسيئات لا تكون إلا من المحسنين ، فلو قلنا بأن الإحسان درجة لا يبلغها إلا الخلص فإن لازم ذلك أن ما سواهم لا يحملون في ميزان أعمالهم حسنة واحدة وهذا باطل ومحال إلا إن كانوا منافقين ممن توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار.

قال الله تعالى :

{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } [النجم:31]

فالسيئات تقابل المسيئين والحسنات تقابل المحسنين ، والجزاء يدور حول هاتين الفعلتين ، فكانت الحسنات لا تتولد وتدون إلا من المحسنين.

ومن رحمة الله أنه يجزي المسيئين على قدر إسائتهم ولكنه يجزي المحسنين بأحسن الذي كانوا يعملون فيدون السيئات سيئة واحدة ويضاعف الحسنات عشراً.

 

القاعدة الثالثة : صفات أهل النفاق في التنزيل الحكيم :

إذا تتبعنا مواضع ذكر النفاق والمنافقين في كتاب الله لعلمنا أن كل معالم النفاق والمنافقين في كتاب الله تصف بدقة أهل المرتبة الأولى من مراتب الدين – بالمفهوم السائد- وهم المسلمون الذين خلت قلوبهم من الإيمان ، والذي يعدهم أهل الملة قومٌ قد اتوا بالمطلوب منهم أو بشيء منه:

يقول ربنا جلت قدرته :

{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران:167]

فقد نافقوا بأن أتوا الإسلام وعباداته العملية فأظهروا للمؤمنين خلاف ما يبطنون ، والقول باللسان من أعمال الجوارح فلم تكن تطابق مافي قلوبهم ، ولو عاملناهم بقاعدة مراتب الدين لكانوا داخل مرتبة الإسلام الشرعية التي أمر الله بها وتم التأصيل لها ، بينما هم في حقيقة الأمر منافقون يراؤون الناس ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، ولكنهم مسلمون مستسلمون لسلطة الشريعة عصمت أعمالهم دمائهم عن الناس ولكنها لا تعصمهم من أمر الله والعصمة من عذاب الله وأمره هي مناط الدين فإن انتفت فقد انتفى عنهم الدين فيدخلون في الوعيد وهم في مآل الأمر إلى الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم.

يقول ربنا جلت قدرته :

{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا } [النساء:142]

إن الدخول في الإسلام قبل استقرار الإيمان هو عين النفاق لأن حقيقة العمل حينئذٍ لا يعدو كونه رياءً ، والمنافقين يقومون إلى الصلاة متباطئين في إتيانها متململين من أدائها ذلك أنهم لا يأتونها إلا ليرى المؤمنون فعلهم فيعدونهم منهم ويظنون أن كل ذلك مخادعة لله وللمؤمنين ، ووجه خداع الله لهم أنه عصم أموالهم ودمائهم من المؤمنين بما اتوا من العبادات الظاهرة (الإسلام) فظنوا أنهم قد تحقق لهم خداع الله والمؤمنين بتظاهرهم هذا ، ولم يدركوا بأن الله تعالى يعد لهم في الآخرة عذاباً اليماً.

فكما استبقوا حياتهم بكذبهم على أهل الإيمان فقد أبقى الله على حياتهم واقر فعلهم فصار نفاقهم طيلة بقائهم سالمين صاررصيداً عليهم يدون في أعمال السوء التي يحاسبون عليها يوم القيامة.

 

ويقول الحق جل وعلا :

{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [التوبة:67]

يبين الله تعالى كيف أن المنافقين والمنافقات يتواطئون في عقائدهم فيتآمرون بالسوء وينهون عن الخير ويمنعون الصدقات و يبخلون بأموالهم ، فهم يبطون البغض للمؤمنين ولا يحملون في قلوبهم إيماناً لذلك فهم يبغضون أهل الإيمان فعلم الله ما في قلوبهم وهم يظنون أنهم آمنون من مكره وعبر عن ذلك بالنسيان والنسيان هنا قد يكون الترك ، فهم تركوا الله ورغبوا عنه فتركهم الله وحفظ لهم دمائهم بظاهر عملهم حتى يحين الوقت الذي يلاقون سوء ما كانوا يفعلون.

يقول تعالى :

 {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } (11) العنكبوت

ومن الناس من يقول آمنا بالله ، فكان قولاً باللسان لم يواطئ اعتقاداً بالجنان ، فإن أوذي لإيمانه استعظم ما ناله من الأذى فجعله أقصى ما يحذر وكأن هذا الأذى هو عذاب الله الذي يستحق أن يحذر المرء منه ، وإنْ نصر الله المؤمنين ادعوا بأنهم من مسببات هذا النصر وأنهم مع المؤمنين في موقفهم وعقيدتهم والله تعالى يعلم مافي قلوبهم من بغض للإيمان وأهله.

 

قال تعالى :

{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب:73]

فالعذاب للمنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ، والتوبة للمؤمنين والمؤمنات وليس للمسلمين والمسلمات ، ذلك أن المنافقين مسلمين خلت قلوبهم من الإيمان أو اختلط إيمانهم بريبة وهم الذين في قلوبهم مرض ، فاختص الله تعالى المؤمنين والمؤمنات فقط بالنجاة من العذاب.

القاعدة الرابعة : الأثر النبوي ينفي التراتب ويعرف النفاق:

لقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم بجلاء أن الدين بلا إيمان لا يعتد به ، وعرفه في مواضع عديدة بأنه نفاق وهو صلى الله عليه وسلم يشير إلى مفهوم مراتب الدين الذي نعتمده في فكرنا الحالي كمعرف للدين وأصله :

الحديث الأول : حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي خُدُورِهِنَّ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَخْلُصِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوَرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ اتَّبَعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنِ اتَّبَعَ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ» .

وَفِيهِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَبُرَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ

فالنبي صلى الله عليه وسلم يرد في هذا الحديث على القائلين بمراتب الدين ، فيقرر لأصحابه ويعرفهم بأن الإسلام قبل الإيمان هو عين النفاق فقال (من آمن بلسانه) أي أتى ركن الشهادتين من اركان الإسلام قبل أن يتمكن الإيمان من قلبه ، ثم نهاهم عما يعد من صفاتهم (المنافقين) وهي الغيبة ، وتتبع عورات المسلمين لأن من يفعل ذلك لا يقيم وزناً لمشاهدة الله له واطلاعه على غيبته فيظن أنه آمن لخلو قلبه من الإيمان بالله أصلاً.

وهذا الأمر النبوي يشمل عصمة المنافقين من أن يتتبع المؤمنون عوراتهم فهم في عداد المستسلمين لهم ماللمؤمنين وعليهم ما عليهم ، وهذا ما نقوله بأن المنافقين لا يشق عما في نفوسهم شاق ولا يجوز تتبع عوراتهم فأمرهم إلى الله ، ومحِلُّ خيانتهم في قلوبهم ولا سبيل لتقريرها إلى لله جل وعلا.

الحديث الثاني : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»

فقرر صلى الله عليه وسلم بأن الكذب واخلاف الوعد وخيانة الأمانة دليل النفاق حتى ولو أتى صاحبهن أركان الإسلام ، ذلك أن إتيان تلك الأفعال دليل على خلو القلب من الإيمان وإلا لم يكن جرؤَ على ذلك لو كان موقن بوجود الله وأنه يراه ، وفي ذات الوقت فإنه يتجنب أن يعرف الناس خيانته ولا يستتر من الله فكيف يكون مؤمناً حينئذٍ ؟.

ولو تدبرنا الحديث لوجدنا بأن نقيض تلك الصفات تعد من شعب الإيمان ، فالصدق ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة من شعب الإيمان فكان نقيضها من شعب النفاق.

الحديث الثالث : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنً عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو ذَبْحَةَ، عَنْ طَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ حَرْمَلَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ” الإِيمَانُ هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِسَانِهِ، وَالنِّفَاقُ هَاهُنَا، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَلا نَذْكُرُ اللَّهَ إِلا قَلِيلا.

فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَدَّدَ ذَلِكَ حَرْمَلَةُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرَفِ لِسَانِ حَرْمَلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ لِسَانًا صَادِقًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا وَارْزُقْهُ حُبِّي، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّنِي، وَصَيِّرْ أَمْرَهُ إِلَى خَيْرٍ.

فَقَالَ لَهُ حَرْمَلَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِخْوَانًا مُنَافِقِينَ، كُنْتُ فِيهِمْ رَأْسًا، أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ جَاءَنَا كَمَا جِئْتَنَا اسْتَغْفَرْنَا لَهُ كَمَا اسْتَغْفَرْنَا لَكَ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِ، وَلا نَخْرِقُ عَلَى أَحَدٍ سِتْرًا

فقرر حرملة بأنه منافق لأنه مؤمن بلسانه منافق بقلبه ، لم يستقر في صدره إيمان وأتى النبي صلى الله عليه وسلم تائباً ، فدعا له صلى الله عليه وسلم وأبى ان يعلمه ببقية المنافقين لأن اسلامهم يعصم دمائهم وإيمانهم خاص بأنفسهم لا يُشَقُّ عما في صدورهم وأمرهم إلى الله.

والطامة في من نافق وهو يظن أن ذلك هو أصل الإسلام ويتعلم مراتب الدين وهي عين النفاق ويظن أن هذا هو الإسلام فمن يتحمل ما هو فيه ؟؟ ، فدل ذلك على أننا على خطر عظيم ما لم تصحح هذه المفاهيم الفاسدة ويعلم الناس حقيقة دينهم والفرق بين الإيمان والنفاق على الوجه الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم.

الحديث الرابع : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَاسِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسَ بْنِ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ»

والمراد اجتماع الحياء مع العيّ – انعقاد اللسان وصعوبة النطق – من الإيمان ، أما قوة البيان وفصاحة اللسان في البذاءة من القول فهي من النفاق ، فالبيان منفرداً موهبة ثمينة فإذا اجتمعت مع البذاءة كانت صبغة سوء ونفاق  ، والعيّ وانعقاد اللسان صفة سيئة فإن اجتمعت من الحياء كانت مصطبغة بصبغة الإيمان.

واعتياد المنافقين على الكذب والخداع وسوء القول يهوي بمقامهم إذا اجتمع مع البيان لما يؤثر ذلك في الناس ويجلب الاتباع والمريدين لذلك المنافق.

 الحديث الخامس : حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَهُ الأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ»

فالمؤمن بالله يجد في الصلاة راحة (ارحنا بها يا بلال) فيجد نفسه مدفوعا يسابق الوقت حتى يصل للمسجد قبل انقضاء الأذان فيسكن بالصلاة والذكر ، أما المنافق فتراه كالطير في القفص يسعى للنفاذ من المسجد حتى مع ارتفاع الأذان ، فمن وجد في نفسه هذه الخصلة فليعلم بأنه من النفاق أقرب كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الصفات والارشادات يخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم لا لنحكم على الخلق بل لكي نعرف بها أنفسنا وموقعنا من الإيمان وقربنا من النفاق ليعلم كلا منا حاله.

 

الحديث السادس : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ، ذَكَّرَنَا تَعْجِيلَ الصَّلاةِ أَوْ ذَكَرَهَا، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِينَ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ، وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، أَوْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا، لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلا قَلِيلا»

 

إن المؤمن يهتم للقيام بالصلاة في وقتها لعلمه بمشاهدة الله تعالى له ومحاسبته وقدرته وشديد عقابه ، فإن خلا القلب من تلك التقريرات وامتلأ بالنفاق كان الأمر عنده هيناً وأهمل رؤية الله له ومراقبته لتمكن النفاق والمرض من قلبه.

 

الحديث السابع : قال النبي صلى الله عليه وسلم “ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ، لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمْ ، وَمَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ ، وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ ، فَهُوَ أَمَارَةُ الْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنِ ، وَأَمَارَةُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا تَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ ، وَلا تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ ، إِنْ عَمِلَ خَيْرًا لَمْ يَرْجُ مِنَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْخَيْرِ ثَوَابًا ، وَإِنْ عَمِلَ شَرًّا لَمْ يُحِلَّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الشَّرِ عُقُوبَةً ، وَأَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَكَفَّلَ بِأَرْزَاقِكُمْ ، وَكُلٌّ سَيَتَبَيَّنُ لَهُ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ عَامِلا ، اسْتَعِينُوا اللَّهَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ ، فَإِنَّهُ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ سورة الرعد آية 39

 

عندما جمع صلى الله عليه وسلم المنافقين والمؤمنين في سياق واحد ميز الله أهل الإيمان بقوله “المسلم المؤمن” لأن المنافق مسلمٌ غير مؤمن ، وهذا معلوم فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبين الفرق بين ما أمر الله به وبين حال المنافقين.

وهنا يتأكد لنا بان ما يسمى “مرتبة الإسلام” ليس إلا مرتبة نفاق بلا ريب ، فكل ما يسبق دائرة الإيمان لا يعتد به ولا يعد من أتاه من أهل الإيمان.

 

القاعدة الخامسة : أثر استقرار الإيمان وانتفاؤه:

إن القائلين بمراتب الدين وبأن الإسلام أولها لا يدركون بأنهم يخرجون الإيمان من المعادلة في المرتبة الأولى ذلك أنهم رفعوه عن الإسلام وجعلوه في مرتبة تالية عالية عن سابقتها ، ولو أنهم أدركوا ذلك لعلموا حجم الخلل الذي يقررونه ، فغياب الإيمان لا يخرج المرء من دائرة الإسلام حتماً فحسب بل إنه يحبط ما سبق له من عمل حين كان في قلبه إيمان ، ولعلنا نستعرض بعض الشواهد القرآنية على ذلك :

قال تعالى :

{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [المائدة:5]

فلم أتي هنا بقوله (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) ؟ وكل ما تضمنته الآية هو من أعمال الجوارح وليس من أعمال القلوب ، ويعد من الإسلام وليس – حسب مراتب الدين- من الإيمان ؟ ، ذلك أن إتيان شيء من تلك المحرمات هو كفر بالإيمان ساعة إتيان ذلك الفعل (قال مقاتل : بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن ، وقيل : من يكفر بالإيمان أي : يستحل الحرام ويحرم الحلال فقد حبط عمله ، وهو في الآخرة من الخاسرين قال ابن عباس : خسر الثواب .)

فنعلم من ذلك بأن العمل لا يقبل ما لم ينتج من إيمان يدفع لإتيانه ، واحباط العمل يشير لفساد ما سبق من عمل صالح بإيمان مستقر قبل ذلك بقوله “حبط عمله” ما لم يتب إلى الله قبل أن يحق عليه القول.

قال تعالى :

{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [النحل:106]   

هنا يبرز دليل آخر على ما نقول ، فالعبرة ليست بالعبادة فهي إنما تكون علامة استقرار الإيمان وقد يشترك فيها المنافق والمؤمن ، إنما العبرة بالإسلام الناشئ عن استقرار الإيمان ، فاستثنى المكره من الردة ذلك أن العمدة على ما في القلب وأن تعذر إتيان العبادات قهراً فلا مؤاخذة على من كفر وترك الإسلام قهراً ولا يزال الإيمان مستقر في قلبه ، كحال الضعفاء الذين لا يجدون مالاً يدفعونه للمجاهدين ولا يستطيعون المشاركة في الجهاد فأثبت الله لهؤلاء الإيمان حتى وإن نقص من إسلامهم شيء لأن العمل القلبي هو العامل المؤثر على تعيين الناجين من سواهم.

وقال جل شأنه :

{ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } [الحجرات:7]

فأهل الإيمان يتشوقون لأداء العبادات ولا يحتاجون من ينبههم لأدائها في أوقاتها لأن قلوبهم أحياها الإيمان فأضحت العبادات العملية تحصيل حاصل ، فالحق أن لا تجر الناس للطاعات جراً ولكن تعمل على زراعة الإيمان في قلوبهم وبه تأتي الطاعات العملية وهذا مالم نشهده في مناهجنا وتربيتنا الدينية في المدارس والمعاهد ، ودعاتنا يتفننون في شرح كيفية الصلاة -والعبادات عامة – على الوجه الموافق لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والقلوب جافة من الإيمان لم تجد من ينذرها بأن الإيمان الذي لا يدفعك للطاعات دفعا ويجعلك تتجه للعبادات بمفردك متشوقاً لأدائها فلست من الإسلام لله في شيء ، نجد أن المنهج الدعوى في عمومه يسعى لجمع الناس في المساجد والالتزام بظاهر الدين من ملبس ونحو ذلك ، في حين أن تلك الشكليات وأنواع العبادات إنما يفترض بها أن تظهر على جوارحنا عندما يستقر الإيمان في قلوبنا.

وقال الحق تعالى:

{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } [البقرة:143]

فقوله تعالى “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ” يشير لصلوات المؤمنين قبل تغيير القبلة بأنها لن تضيع وستدون في حساب أعمالهم فأسمى العبادات العملية “إيماناً” لأن هذا هو أصلها فهي أعمال اسلام نتجت عن استقرار إيمان ، ولو كان الأمر مراتب دين كما تقرر في مصنفات العلماء لكان قوله تعالى ” ليضيع إسلامكم” ولكن حقيقة الأمر أن ما أتاه المرء إسلاماً مجرداً من الإيمان فهو مما يحبط من العمل لأنه ليس موجها لله تعالى.

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »