الحِجَازْ بَيْنَ القُرآنِ والإعْجَاز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحِجَازْ بَيْنَ القُرآنِ والإعْجَاز
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فقد لفت انتباهي أثناء متابعتي لأبحاث الأخ الدكتور زياد السلوادي في كتابه عجائب القرآن الكريم تجنبه لاستعمال مفردة الإعجاز التي تترافق مع المجالات المختلفة كالإعجاز العددي والإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي إلى آخر ما هنالك من التعبيرات والمصطلحات التي تنسب الإعجاز للقرآن الكريم.
وبالفعل عندما راجعت المفردة وجدتها بالفعل لا تناسب القرآن الكريم وينبغي انتقاء التعبير المذكور في القرآن الكريم ويجب أن يحجز هذا المصطلح من الترافق مع القرآن الكريم ويستبدل بتعبير أفضل وانسب وذلك للأسباب التالية:
أولاً : لم يرد في كتاب الله نسبة الإعجاز إلى القرآن نصاً ولم ينسب أيضاً الإعجاز إلى ما أيد به جل جلاله رسله من آيات بينات ، وإن كان قد تحدى فقد تحدى من يأت بآية من مثله على أقل تقدير.
ثانياً : كتاب الله لم ينزل ليعجز البشر بل ليهديهم إلى سواء السبيل ولينير طريق المؤمنين عندما يتدبروا آياته فيجدونها تتفتق في كل عصر عن معان وفرائد وعجائب تدعو لتجديد الإيمان وتعميق الثقة بمنزل الكتاب العزيز.
ثالثاً : أن تعبير العجز والإعجاز يعود عادة لضعف وحقارة قدرة العاجز وقصورها ، بينما كان الأولى بيان تفوق النص القرآني بدلاً من نسبة العجز لمن يقرأه ويتدبره ، ونسبة العجز ووصم قارئ القرآن به لا يترافق مع الهدف الذي أنزل هذا الكتاب لأجله وهو الهداية وليس إعجاز الخلق.
رابعاً: لم تعقم اللغة العربية عن الإتيان بالتعبير المناسب وهي التي كانت المصدر الغني والثري الذي شكل المكون المقدس للنص القرآني.
وبالتالي فقد وجدت أن استعمال هذه المفردة ينم عن فقدان الإحساس والتذوق للغة العربية التي لا شك أن فهم دقائقها هو عماد فهم التنزيل وبقدر توغل الباحث في اللغة ودرء الترادف في ذهنه لما استطاع أن يقبل هذا التعبير.
خامساً : أن الخالق الحكيم جلت قدرته عندما أرسل الأنبياء بالآيات البينات لم يكن ذلك في سبيل إعجاز الخلق أو تحديهم بأن يأتوا بمثلها ولكن لكي يبين لهم قدرته عندما كان الناس قد اعتادوا على رؤية آلهتهم فكيف يؤمنون بإله لا يرونه ؟ فأراد الله أن يثبت لهم بأن الرؤية ليست مناط الإيمان بل أن اليقين اقوى من الرؤية في إدراك وجود الخالق فأيد الأنبياء بالآيات التي آمن بها المؤمنون وجحدها وأنكرها الجاحدون فكانت حجة البلاغ على المَبلَّغيِن.
فالعجز في القرآن الكريم غالباً ما أتى في سبيل تحقير الله لقدرة الإنسان أمام قدرة الله جل وعلا وأنه موجَّهٌ للكافرين حصراً دون سواهم إذ أن المؤمنين عارفين به جلت قدرته وعالمين باستحالة تفوقهم أو تمكنهم من الاختفاء عندما يريد الله بهم شراً.
ولكن أنسب تعبير يمكن استعماله يجب أن يكون قرآنياً فحق أن تسمى الفرائد والبينات العلمية التي تظهر وتتكشف للباحثين في المجالات العلمية والعددية والطبية وغيرها بالعجائب ، فنقول العجائب العددية في القرآن ، العجائب التشريعية في القرآن ، العجائب الطبية في القرآن وهكذا نسبة لما وصف الجن به هذا الكتاب العظيم في سورة الجن { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } [الجن:1] فكان القرآن الكريم مثار عجب وذهول الجن فأتوا بالتعبير الملائم والمناسب وهو عجائب القرآن الكريم التي أقترح أن تكون بديلا لمصطلح (إعجاز القرآن الكريم)
والله الهادي إلى سواء السبيل
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »