نَظَرِيَّةُ الذَّاكِرَةِ البَعِيْدَةِ وَوَظَائِفِ المُخِّ وَالدِّمَاغْ

بسم الله الرحمن الرحيم
نَظَرِيَّةُ الذَّاكِرَةِ البَعِيْدَةِ وَوَظَائِفِ المُخِّ وَالدِّمَاغْ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم   وبعد
مقدمة
قادني بحثي في مسألة الموت والوفاة والروح والنفس لفهم عميق ذا دلالة هامة للغاية لمعرفة كنه النفس وماهيتها مقارنة بالروح بالإضافة لفهم الفرق بين الموت والوفاة مستشهدا بالنص القرآني الكريم الذي تبين من خلاله فروق حساسة ومهمة ، وهذا المقال يشتمل على نتائج توصلت إليها تأسيساً على بحث الفرق بين الموت والوفاة والروح والنفس وباعتقادي أن قراءته واستيعابه هام لمواصلة فهم ما سأستعرضه في هذا المقام.
ولكني سأوجز الفكرة التي توصلت إليها بدون سوق الدلائل أو الحجة ، فأقول أننا توصلنا إلى عدة حقائق أوجزها في ست نقاط رئيسية :
أولا: أن النفس هي ذات الإنسان الحقيقية التي تتنقل من جرم لآخر وتتقمص بدن وتغادره لآخر، وأنها موجودة منذ خلق أبينا آدم .
ثانياً : أن النفس هي مناط الفعل والإدراك والإرادة وهي التي تحكم البدن الذي تسكن فيه إذا كان بدناً حياً وتوجهه لإتيان الأفعال العاقلة.
ثالثاً: أن الوفاة هي متعلقة بالنفس وتحصل عندما تفارق النفس الجسد بالنوم أو بالموت أو بالجنون أو الغيبوبة فيكون معنى الوفاة استيفاء ما مضى من أجر على ما سبق من عمل وإيفاء أجره لصاحبه وتوقف جريان القلم عن المتوفّى لحين يقظته إن كان نائما أو غائبا عن الوعي أو مجنوناً.
رابعاً : أن الروح طاقة يبثها الله في المخلوقات الحية ومنها الإنسان تسري في البدن فينمو ويحيا ويتحرك فإذا حق القول وحان أجل الحي نزع الله من جسده هذه الروح فيحصل الموت فالموت متعلق بالروح ووجودها في البدن ، فإن وقع الموت بليت الأعضاء وسكنت عن الحركة وخبت فيها مظاهر الحياة ووقع على ذلك البدن الفناء (كلُّ من عليها فان).
خامساً: أن الموت حقٌّ على كل حي صَغُرَ أم كَبُر ، ولكن الوفاة لا تطلق إلا على المكلفين من المخلوقات وهم الإنس والجن لتعلقها بالعمل والكسب الأخروي.
سادساً: أن وقوع الموت بمفارقة الروح للبدن يلزمه وقوع الوفاة والاستيفاء بمغادرة النفس وتوقف جريان القلم بالأعمال وهذا اللزوم قطعي ، ولكن وقوع الوفاة لا يلزم أن يقع معها الموت وشاهد ذلك النوم والغيبوبة والجنون ونحو ذلك من الحالات التي يتوقف فيها جريان القلم بالكسب (الوفاة) ولا تنزع الروح من البدن ولا يفقد الجسد وظائفه الحية.
وهذه المفاهيم الدقيقة والعميقة تقودنا للتفكر والبحث في دور العقل وماهيته والدماغ والذاكرة ، ومادة المخ ووظائفها وحدود سيطرتها وعلاقتها بالنفس طالما كانت بالصورة التي توصلنا إليها ، وبالتالي فقد تولدت فكرة هذا البحث كمادة مكملة لما سبق.

soul and self

العقل و الدماغ البشري
إن الدماغ البشري ظل لغزاً عصياً تحدث عنه الفلاسفة وعلماء الطبيعة والفيزياء والطب منذ قديم الزمان ابتداءً من أفلاطون وأرسطو فغاصت في مفاهيم الإدراك والتحكم والوعي والذكاء وعلاقة تلك الوظائف مع تلك المادة الهلامية بتلافيفها وجذوعها وموصلاتها المختلفة وخلاياها العصبية التي تبلغ مائة مليار خلية ، فمن البحوث والدراسات ما تمكن من الوصول لنتائج مُقاسة ورصد استجابات الدماغ الكهربائية واستطاع عدد من الفلاسفة إبراز نظريات مختلفة تحاول تلمس معالم هذا العقل والدماغ وآلية عمله وارتباطه مع ذات الإنسان.
وحتى اليوم لا يزال العقل والدماغ لغزاً عميقاً لم يتجاوز البشر فيه إلا لمعارف محدودة تتعلق بالتحكم اللاإرادي والإشارات الكهربائية في الدماغ ولكن لا تزال الذاكرة والذكاء وما يتعلق بردود الأفعال وميكانيكية الغضب والاستثارة وسواها ليست واضحة بما يكفي للعلماء المتخصصين بصورة شاملة ووافية.
وفي هذه الدراسة المؤسسة على مفهوم الروح والنفس والموت والوفاة كما أسلفنا سنتعرف على آلية عمل هذا الدماغ وعلاقته بالنفس والبدن ونطلع على صورة شاملة لعمليات التفكير وأهمها الذاكرة ، والفرق بين الفعل الإرادي واللاإرادي و أي الأعضاء متعلق بتلك الأفعال.
نظرية الذاكرة البعيدة
تقوم هذه النظرية على تقسم التفاعلات بين الدماغ والجسد البشري إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
أولا : التفاعل اللاإرادي : وهذا التفاعل يقوم على الفطرة حيث أن أجزاء البدن التي يتحكم بها الدماغ بدون تدخل البشر كحركة القلب والتمثيل الغذائي في الجسم وردود فعل أجزاء الجسم الحية وهذا التفاعل ينحصر في علاقة مباشرة بين الدماغ وبين تلك الأعضاء مباشرة ولا يتمكن الإنسان من إيقافها حتى لو تمكن من التأثير عليها بصورة أو بأخرى كأن يوقع أثراً نفسياً يخفض معدل نبضات القلب أو خفض الضغط ولكنه لا يستطيع إيقاف قلبه أو منع الخلايا من حمل الغذاء لأجزاء الجسم المختلفة ، وهذه العملية تحدث طالما سرت الحياة في الجسد سواء كان ابن آدم نائماً أو واعياً أو غائباً عن الوعي فتأثير ذلك لا يعدو رفع وتيرة التفاعلات أو إضعافها وفق نشاط الجسم وبالتالي فهي تفاعلات حتمية لاإرادية يتحكم فيها الدماغ.
ثانيا: التفاعل الإرادي : وهو لبُّ القضية ، وهو كل الأفعال التي يفضي إليها الإنسان بوعي تام وإدراك ونية ، وهذا التفاعل منفصل عن التفاعل اللاإرادي ، فالنفس هي التي تلقي الأمر لأعضاء البدن لإتيان الفعل أو تركه أو الفعل ورد الفعل وهي (النفس) التي تقع عليها التفاعلات العاطفية كالغضب والرضا والحزن والسعادة فتصدر الأمر إلى الدماغ ومنه إلى العضو البشري ليؤدي وظيفة كالضحك أو البكاء أو الغضب أو الأفعال المحسوسة بكافة أشكالها ، فإذا حصل النوم فإن النفس تغادر البدن فيتوقف جانب التفاعل الإرادي بالضرورة.
ثالثا: الذاكرة : إن النظرية تقوم على أن الذاكرة ضمن النفس البشرية وليست في الدماغ ، فكل ما يحدث وتراه العين وتسمعه الأذن ويتسلل للعقل ، وكل فعل ورد فعل يتم التعامل معه من خلال العقل وهو مدون ومسجل في ما يسمى بالذاكرة المرتبطة بالعقل الباطن وكلاهما ضمن النفس ، ذلك المخلوق الذي يشكل ذات ابن آدم الحقيقية التي تشرع في الفعل الإرادي وتفضي إليه وتسترجع ما كان منها من أفعال ، والدماغ مجرد عضو بسيط تنتقل الأحداث والاستجابات من خلاله إلى البعد الذي توجد فيه النفس ، ويستقبل الأوامر من النفس ويترجمها إلى نبضات كهربائية تتوجه للأعضاء المخلوقة لتأمرها بالفعل ورد الفعل.
وبالتالي فإن الذاكرة والعقل الباطن والعقل الواعي كلها من جنس خلق النفس وتسكن بها وتتحرك بأمرها ضمن إطار الجسد البشري .
وكل الأمراض العضوية أو الإصابات ما هي إلا حوادث تصيب العضو الوسيط (الدماغ) فيحدث فيتلف جزئيا أو كلياً مما يعجزه أحيانا عن القيام بدور الوسيط لانقطاع وسيطة الإشارة ، ومثال ذلك عند وقوع حادث يتلف الحبل الشوكي فإن المصاب يصبح مشلولا لتلف الوسيطة التي تنقل الإشارة للتحكم في العضو ولكن ذلك العضو لا يزال حياً يستقبل الغذاء وتتفاعل أجزاءه بصورة محدودة مع الفعل اللإرادي ولا تتفاعل نهائيا مع الفعل الإرادي. 
وكذلك نفهم كيف أن الإدراك يفقد عندما يصاب ابن آدم بحادث مروري يصيبه بغيبوبة طويلة فإن التلف الذي يحدث في هذا الوسيط الحساس لا يمكِّن النفس من التواصل مع البدن وإحداث التفاعل المعتاد ، ولعل كثير ممن التقى مثل أولئك الناس يلمس تفاعل بدرجة معينة وتشعر بأن المريض يفهم ما تقول ويداخله الفرح والحزن ولكنه عاجز عن التعبير لأن التلف الذي أصاب الوسيط بين النفس والجسد عطل تلك الإمكانية.
العقل
إن النفس البشرية تتقمص البدن فتتحكم بأعضائه وتصدر الأوامر بالأفعال ولذلك فهي المعنية بحفظ سجل عملياتها ، ومن الجدير بالذكر أن ابن آدم قد تكون وفاته في حادث بشع قد يتمزق فيه دماغه أو يحترق جسده بالكامل ، فإن كانت الذاكرة جزء من ذلك الجسد المادي فهذا يعني أنه لن يتذكر سيئاته وسقطاته وأخطاءه ولن يتذكر إجابة سؤال الملكين وكل حياته البرزخية ستكون خالية من أي ذكريات أو عقائد.
 وعندما نلخص النتيجة نقول أن جهاز التحكم المركزي المتوسط هو الدماغ يتلقى الأوامر الإرادية من النفس ويرسلها على الأعضاء ويتلقى ردود الفعل من الأعضاء ويرسلها للنفس ويتلقى الإجابة ، بينما يقوم الدماغ ذاتياً بالتحكم بالحركات اللاإرادية ذاتياً
 الشواهد القرآنية والنبوية
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ } [الأعراف:172]
وهذا شاهد قرآني رئيسي نستنبط منه أن عملية استنطاق الأنفس واستشهادها وإشهادها دلَّ على توافر الإدراك والوعي التام والذاكرة والتفاعل بكامل أهليتهم البشرية وبالتالي فإن هذا الشاهد القرآني كافٍ على الدلالة المباشرة لوجود العقل والمنطق والذاكرة والإرادة والوعي بدون توافر الجسد البشري والدماغ المادي بخلاياه وأنسجته وسوائله.
وبالتالي فكل تلك العناصر التي يظن البشر اليوم أنها مناط التفكير والذاكرة والعقل ليست في الحقيقة موجودة قبل خلق الجسم البشري وولادته ونموه فيكون لدينا ثابت مستقر الثبوت على أن الذاكرة متوافرة وموجودة قبل الخلق.
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } [الأحزاب:72]
والآية الكريمة تقص علينا مرحلة الخلق الأول التي أشفقت فيها السموات والأرض والجبال من الإدراك والوعي وميزة الاختيار وأبين من ذلك واختاروا الطاعة الفطرية طوعاً لا يحتاجون معها لإكراه أنفسها لإتيان الطاعة وتكره أنفسها لتجنب المعصية ، بينما حمل الإنسان الطاعة بالإكراه (أي إكراه ذاته على الإتيان والترك)  ، وأرى من الجدير هنا مراجعة مقالة ( في ظلال الساجدين) التي بينَّا فيها معنى الطوع والكره في السجود وبالتالي الطوع والكره عند خلق السموات والارض والجبال ومفهوم الأمانة التي تميز بها بني آدم .
أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ” إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا
فهذا دليل على أن الذاكرة مضمنة في نفس الإنسان وهي التي تُسأل ، فالعبد عندما تنزع روحه من بدنه ويقبر جسده تؤخذ نفسه وتسأل لأنها هي التي كسبت وتحكمت في الجسد فأتت الخير وتركت الشر أو العكس ، فلا ضير في تلف البدن أو حرقه أو تمزقه لأن سؤال الميت وحياة البرزخ إنما تقع على النفس وبالتالي فلا بد أن الذاكرة والعقل والإدراك والوعي ليست متعلقة بذلك البدن وإلا لاستحال ذلك في حينه لتلف تلك الأعضاء وتحللها ونزع الروح منها.
قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ “وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ” .
فنستنتج ان النفس تنتقل لبعد آخر غير “البعد الدنيوي” له طيف معين وحالة فيزيائية خاصة ليست ضمن نطاق البعد الذي نعيش فيه وبالتالي فأدوات “البعد الدنيوي” ولنسميه “البعد البرزخي” وينتقل العبد لهذا البعد فيتمكن من رؤية مالا يرى في البعد الدنيوي ويسمع مالا يسمع في البعد الدنيوي فيقول تعالى:
{ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق:22]
فيصبح بموته قادر على رؤية مالا يراه فتبدأ تتراءى له الكائنات في البعد البرزخي حال البدء في النزع الأخير ويلحظ ذلك من حوله لمشاهدته للعديد من الأشياء التي لا يراها من يحيط به لأنه في طور الخروج من بعد والدخول لبعد جديد وبالتالي فمادة الجسم الدنيوية لم يعد لها حاجة ولا دور فالألم والنعيم في أصلهما لا يشعر به البدن بل النفس هي التي تستلذ وتتنعم أو تتألم وتتعذب ، وهنا يعد هذا المفهوم رد على ذوي الفهم القاصر الذين يحتجون بتحلل الجثث وتفتت العظام وبقاء هذا الجثمان لا يظهر للناظر إلا ترمم وتعفن لا نعيم ولا عذاب والحقيقة أنه عاجز عن رؤية البعد الذي تتواجد فيه النفس.
وبالتالي نتساءل كيف يفهم العبد سبب عذابه أو نعيمه في حال البرزخ ما لم يكن لديه ذاكرة تحمل كل أفعاله خيرها وشرها ؟ فلا بد إذن أن الذاكرة مرتبطة بالنفس وليس الجسد.
وبالمناسبة فالروح طاقة مقدسة من أمر الله ومن لدن عزيز حكيم يبثها في أجساد المخلوقات فيجب أن يفهم أن العذاب لا يقع على الروح بل على النفس وأقول ذلك لما لاحظته من خلط في مفهوم النفس والروح فتجد البعض يصف العذاب بأنه يقع على الروح والحقيقة أنه يقع على النفس كما أسلفنا فالله يقول (نَفَخْتُ فِيْهِ مِنْ رُوْحِيْ) فكيف يقع عذاب على روح من الله ؟ .
 وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) سورة آل عمران
 فالفرحة والاستبشار بالمجاهدين المؤمنين الأحياء الذين لم يستشهدوا كل تلك المشاعر تلت الموت وسبقت البعث أي أنها وقعت بعد القتل والاستشهاد مباشرة ، ولولا أن الذاكرة والعقل والمنطق والإدراك متوافرة لما تمكن الشهداء من الشعور بتلك المشاعر العالية التأثير.
والسنة النبوية تحمل الكثير من الدلائل والشواهد على حالة العبد بعد الموت ولكن نكتفي بما سبق لكون الأدلة التي سقناها تحمل مفهوم الشعور والذاكرة والإدراك قبل الخلق ، وتحمل ذات المفهوم بعد الوفاة والموت ، وبالتالي تتحقق عدة ثوابت ونواتج لتلك الأدلة ومفاهيمها نجملها في النقاط التالية
ملخص نتائج الدراسة
أولا: أن الذاكرة والإدراك والشعور عناصر عقلية مرتبطة بالنفس وليست متعلقة بالدماغ والمخ وبالتالي فليس لها اصل مادي ملموس ضمن البعد الدنيوي.
ثانيا: أن الدماغ والجهاز العصبي ليس جهازاً مركزيا لتلك العناصر العقلية ولكنه وسيط قادر على نقلها من بعد النفس إلى بعد الجسد.
ثالثاً: أن تعلق النفس بتلك العناصر العقلية سبق خلق الجسد ويتلو حالة الموت والوفاة.
رابعا: أن كافة الأفعال الإرادية هي أفعال تنتجها النفس ويترجمها الدماغ لينقلها للبدن .
خامساً: أن كافة الأفعال اللاإرادية تدور ضمن دائرة داخلية بين الدماغ وأعضاء الجسم المحسوسة وتحكم النفس فيها محدود وغير متاح (كوظيفة القلب والرئتين والأعضاء الحيوية المتحركة لا إراديا).
سادساً : أن إصابة الوسيط (الدماغ) بالإصابات المادية التي تعجزه عن الاستمرار في القيام بوظيفته بتمرير وترجمة البيانات بين النفس وبين أجزاء البدن لا يعني فقدان ما سبق تلك الإصابة من معلومات وبيانات وذكريات لكونها ليست مخزنة ومحفوظة في هذا الدماغ.
صورة توضيحية

اطوار

ذاكرة الأعضاء
إن النفس بما تشتمل عليه من أقسام (العقل ، الوعي ، الإدراك ، الإرادة) تختزن كافة ذكريات ومشاهدات وأفعال المخلوق ، ولكن لعلنا ذكرنا بأن هناك دائرة قصيرة للأفعال اللاإرادية تكمن في الدماغ ولكنها ليست هي الذاكرة الرئيسية التي تختزن البيانات وتسترجعها وتتحكم بها ضمن المشيئة والإرادة بل تشتمل على ذاكرة صغيرة تسهم في عمل الأعضاء لا إرادياً ، وقد توصل العلم الحديث لوجود صورة من صور الذاكرة البسيطة لكل عضو من أعضاء الجسد ، ولم يقتصر الإدعاء على أن الذاكرة موجودة في الدماغ بل تبين بأن كل عضو له ذاكرته الخاصة وهذا مؤيد في كتاب الله إذ يقول تعالى :
{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النور:24]
فكل عضو يحمل ذاكرة للأعمال التي اجترحها ولكن ذاكرة العبد الرئيسية تشمل كل تلك الذكريات ، ومن هنا أتت الشهادة ، فالعضو ينطق بما أمرته النفس أن يرتكب من الآثام وكل عضو يشهد وفق ذاكرته فيتفق ما بذاكرة العضو مع ذاكرة العبد المتصلة بالنفس.
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) [فصلت]
فالنفس تخاطب البدن بأعضائه المختلفة معاتباً إياها لشهادتها بما تحمله من سوء ظن في حق الله بأنه لا يعلم عما يفعل الظالمون ، فتبين بأن تلك الذواكر المختلفة المرتبطة بالأعضاء تحمل معلومات متفرقة كتلك التي تحملها النفس إجمالا.
{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يس:65]
فذاكرة الأعضاء تستخدم للشهادة على أصحابها وهنا دلالة على أن الجسد المبعوث يشتمل على كافة الخلايا المتجددة التي سبق وأن خلقها الله لهذا الجسد وهذه ليست شهادة مجازية بل شهادة حقيقية من كل عضو فيتفق ما بذاكرة كل عضو مع ذاكرة النفس الكلية الممتدة طيلة حياة العبد.
والله أعلى و أعلم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

24 تعليق

  1. اعجبت بهذا التدبر وجزاك الله خيرا. مع العلم أنني فضلت لو أنك أخذت كل الدلائل من القرآن الكريم فقط لأنه أبلغ وأدق.

    1. حياك الله أخي عبدالمؤمن
      جزاك الله خيرا
      حقيقة اني افضل ذلك دائما ولكني اتحرز من عسف الآيات او الاستدلال بها بدون ان تستقر لدي قناعة ثابتة بدلالتها المباشرة مع وجود ما يؤيد هذه الدلالة في مواضع أخرى ، لذلك فحتى الآن على الأقل لم اجد الا ما تضمنه المقال واذا تبين ما يدعم فكرة المقال فسأضيفه في تحديثات المقال ونسأله تعالى أن يوفقنا واياكم ويفتح علينا وعليكم الحق بفضله ويجنبنا القول على الله بغير علم انه هو الفتاح العليم

  2. جزاك الله خير الجزاء أخي الفاضل عدنان
    طرح جميل و ربط دقيق للمعاني ، و تمييز موفق بين مفهوم العقل و ما تعلق به من عمليات و ارتباطه بالنفس و بين الدماغ عضو في الجسم يعتبر واسطة بدنية
    أخي الفاضل عدنان : هل يمكن التعبير عن العقل بالطاقة الادراكية الصادرة عن النفس للوسيط البدني الدماغ؟؟؟؟هذه الطاقة التي ميز الله بها الانسان عن سائر المخلوقات و هي مناط التكليف
    فلوكان العقل مرتبط بالدماغ أو هو نفسه لما صح قولنا عن بقية المخلوقات أنها ليس لها عقل لأن الحيوانات بها الدماغ . لا يمكن اخراجها من دائرة التكليف إذا ما نظرنا للعقل أن الدماغ. فالارتباط العقل بالنفس ( الذاكرة والإدراك والشعور ) هو المعنى الأصح و الأقرب
    بارك الله فيك و في جهودك
    لقد غبت عن تصفح مدونتك و ما تزخر بها من علم مرتبط بكتاب الله و سنة نبيه ، لطالما تعلمت منها .و لكن ظروف العمل الامتحانات و تصحيحها و ملأ كشوفات النقاط حال بيني و بين ذلك . و لكن لي عودة لما فاتني من مواضيع للاطلاع عليها بإذن الله تعالى.

    1. حياك الله اختنا أم أحمد وجزيتي بخير مما دعوتي
      ما تفضلتي به دقيق فالنفس موجودة في بعد آخر بكل ما يتعلق بها ما ادوات ادراكية ومنها العقل الذي يعتبر نواة الادراك في النفس وجوهره فمنه تنطلق الاشارات للدماغ ليحولها من البعد النفسي للبعد البدني البشري (الدماغ) والعكس فيتلقى التفاعلات المحيطة ويرسلها للنفس ثم العقل ليكون رد الفعل وتحفظ العملية في الذاكرة الحقيقية ضمن النفس.
      والحقيقة هذا مبحث واسع جدا وإذا أسسنا له بهذا المفهوم فأعتقد أن الكثير من اوجه الغموض ستنجلي فيما يتعلق بالرؤى والأحلام وما يسمى الاسقاط النجمي والغيبوبة وماهيتها ومن أهم الاستنتاجات التي خرجت بها شخصيا أن التبرع بأعضاء المتوفى دماغيا يجب إعادة النظر فيه فلا يعلم على وجه الدقة مدى وعي الشخص من عدمه وهل يحل لنا القول بأن الشخص توفي ولن يكون نزع العضو منه قتلا؟؟.
      لي صديق سقطت ابنته من علو فاصيب رأسها بإصابات بالغة دخلت على اثرها غيبوبة فقرر الاطباء انها متوفاه دماغيا وقد زرتها في المستشفى فأخبرني ابويها بأن معلمتها زارتها وهمست في اذنها قبل نزع الاجهزة عنها بيوم وعندما سمعت صوت معلمتها ارتفع النبض من 60 بالمائة الى 92 بالمائة مما يدلل على وجود قناة توصل الفعل للنفس برغم تلف تلك الوسيطة فالله اعلم لعل تلك الفتاة التي لا نرى تفاعلها كانت تدرك ما يحدث حولها ثم ازيلت الاجهزة وقتلت الفتاة بصورة او بأخرى.
      فالامر جد مهم ويحتاج لمزيد من البحث وسوف ينتج العديد من الوسائل العلاجية والعلمية المختلفة في هذا المجال والله اعلم

  3. حياااكم الله أخي الفاضل عدنان
    أثرت فضولي بذكرك لموضوع نقل الأعضاء المريض المتوفى دماغيا.
    الشخص المتوفى دماغيا و انطلاقا من التفريق بين النفس و الروح و الوفاة و الموت لا يعتبر ميتا و إنما الحياة لا زالت قائمة في بدنه و نفسه لم تتأثر بما تضرر به العضو . مادام الضرر واقع على العضو هل يعتبر التبرع بأعضاء المتوفى تعدي على حقه في الحياة أو حتى قتله و لو بالخطأ دون علم.
    وكيف يكون تأثير هذا النقل في رأيك على الشخص الذي يتم نقل الأعضاء إليه؟ أم أنه على يتأثر لأن العمليات العقلية المنبثقة من النفس ليس للعضو تأثير فيها و إنما هو وسيط لأداء هذه الوظائف؟؟؟؟

  4. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    حياااكم الله أخي الفاضل عدنان
    أتمنى أن تكون في تمام الصحة و العافية، لطالما عدت للموضوع منتظرة ردك على سؤالي
    يبدوا أنك منشغل و نحن في انتظار جديد طرحك

  5. الحمدلله وحده وبعد
    اعتذر اختنا الفاضلة فيبدو فعلا أني نسيت الرد على تعليقكم وأقول والله الأعلى والأعلم بأنه بناء على المفهوم الذي توصلنا إليه فإن المتوفى دماغيا لا يعد شرعا ميتا بل لازالت روحه في جسده وبالتالي فإن نزع الأجهزة عنه او نقل اعضاءه افضاء إلى قتله لتحوله بذلك النزع من حال الحياة للموت .
    والحقيقة أن حال هذا المتوفى مجهول فيما يتعلق بوعيه الداخلي فقد وقفت على حالات بينت الاجهزة تغيرات كبيرة عندما يسمع المتوفى نداءا او حديثا فأن نرى جمود جسده وعدم استجابته للدواعي الخارجية لا يدل على أن وعيه غاب بالكلية فكم من متوفى بقي سنوات عديدة وفجأة بلا تدخل طبي يصحو من غيبوبته ولا نفتئت على علماء الأمة وكبارها ولكنها قراءة لقضية شائكة لعل الله يفتح على اهل العلم فيها بما يرضي الله ويوافق شرعه والله اعلم

  6. بسم الله الرحمن الرحيم : الي الاخ كاتب المقال اقول له ان اتقي الله في عقول الناس واعلم ان الله محاسبك علي كل كلمة تكتبها والحديث النبوي الذي يتحدث عن اجر المجتهد اذا اخطئ او اصاب فلا ينطبق عليك لانه يخص العلماء ولا اظنك منهم لان ما تكتبه لا علاقة له بالعلم اصلا فان ارت ان تعلم ذلك فاعر ض ما تقول علي العلماء التخصصون وستري وتسمع الجواب ولا اريد ان اتجني عليك بارك الله فيك ولكن تحقق قبل ان تكتب فان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذوا دينكم كما قال عليه الصلاة والسلام.

  7. بسم الله الرحمن الرحيم :الاخ كاتب المقال حفظك الله ارجوا ان تتقي الله في عقول الناس فما تكتبه لا علاقة له بالعلم واعلم ان الله محاسبك يو م القيامة .

    1. جزاك الله خير ونصحكم مقبول ، ولكني تمنيت لو أوضحت لي ماذا خالفت من المعلوم من الدين بالضرورة ؟
      وماهي الجريمة التي ارتكبتها فيما كتبت ؟ وصدقني بأن ما اكتب لو أنه باطل فسيجد الف رد فأنني بواحد منها وسأكون مع الحق دوما باذن الله.

  8. جميل أخي الكريم جزاك الله خيرا عما أوردت من الأبحاث التي كنت أبحث عنها مرارا وتكرارا وأنا أحب التأمل في تلك الأشياء وقد أجبت عن كثير من الأسئلة التي كانت تدور في عقلي وأرجو التكرم علينا بإرسال المزيد بخصوص البحث أعلاه لأني ابحث عن إجابة لهذا السؤال وهو أين يوجد العقل وما يقع في نفسي من تدبرات للأيات أن مكان العقل والفقه هو القلب ولكن كلامك في نظرية الذاكرة البعيدة أعجبني جدا واريد ردا كافيا ووافيا لهذا السؤال بالربط مع المقالة أعلاه وشكرا لكم وتشرفت بمعرفة مدونتك وجزاك الله خيرا

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      حياكم الله اخي محمود
      هذا البحث أسس لبحث آخر مهم جدا يشرح الفرق بين القلب والعقل والفؤاد وأين كل منها وماهية علاقتها ببعضها البعض , وهل القلب هو هذه العضلة الفانية ام شيء آخر وكيف تعمى القلوب وكيف تمرض وكيف تغلف ، والحقيقة أن بحث الروح والنفس والموت والوفاة من جهة ، وبحث نظرية الذاكرة البعيدة ووظائف المخ والدماغ من جهة أخرى ألقت ضوءا كاشفا مكنني بفضل الله من الانتقال لمعرفة مفاهيم أخرى كالقلب والفؤاد والعقل ، فلما عرضت ما توصلت إليه على القرآن الكريم وجدت تكاملا واتساقا بين المفاهيم والايات وبين نتائج البحوث مما يؤكد صحة ما توصلنا إليه بتوفيق الله.
      والوصول لهذه المفاهيم لها دور كبير عند كل مسلم في التعرف على كنه ذاته وأحوال نفسه ويستطيع بالتالي التعرف على بواعث سلوكه ومشاعره وتصنيفها ليتعرف بدقة على الحق والباطل وستجد البحث هنا بإذن الله فور اكتماله .
      ولا نعدم الخيرين امثالكم دوما لردنا عن الباطل وسوء الفهم والمساهمة في النصح والدلالة بالحجة والشواهد وسأكون للحق مذعنا اينما وجدته ، والله الهادي الى سواء السبيل.
      ولك تحياتي

    1. حياك الله اخي محمد
      ما أشهد الله خلقه من التوحيد كان أكثر ثباتا من مجرد معلومة تدخل الذاكرة ، لأن الذاكرة معرضة للنسيان والفقدان ، ولكن الله تعالى جعل توحيده من الفطرة ومن أصل خلق النفس ذاتها ، فالنفس جبلت على التوجه لخالق واحد هو الله تعالى (كل مولود يولد على الفطرة) ثم بعد اتيانها للدنيا تتأثر بما يلقى إليها (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ).
      فالذاكرة التي نقصدها هي التي تحفظ اعمال العبد في الدنيا وتختزنها فإذا أراد ابن آدم استرجاعها تمكن من ذلك ، أي هي مخزن المعلومات الفائتة حال الوعي الدنيوي.
      في حين أن الإيمان فطرة ، ومثل ذلك فطرة المخلوقات الأخرى التي تخزن في الحمض النووي وتتوارثها جيلا بعد جيل ، فآكلات اللحوم جبلت على ما تأكل واتفقت خلقتها مع فطرتها وكذلك بقية المخلوقات.

      1. اختلف معك اخي الكريم فتوحيد الله يأتي بالعقل وبالدلائل على وجوده ولذلك ارسل الله الرسل وختم الرسائل بالقرآن ..
        اما بالنسبة للذاكرة فأظن ان الذاكرة التي نملكها حاليا مختلفة عن الذاكرة التي كانت لدينا قبل ان نأتي للحياة الدنيا وربنا ان النفس او الذات الحقيقية للإنسان لها حدود في مجال الحياة الدنيا مختلف عن حدود قدراتها الحقيقية .. واظن ايضا ان يوم القيامة ربما لا يكون الحساب بالتذكر بل هو كله بما سجله الملكين وبما ينبأنا الله به يوم القيامة وبما تشهد به علينا اعضاءنا … والله اعلم ..
        وادعوا الله ان يهدينا للصواب وللعلم الذي ينفعنا وجزاك الله خير.

        1. اهلا بكم مجددا أخي
          نعم اخي محمد العقل يحمل الدلالة على وجود الله ، وفيه مستودع الفطرة ، ولي بحث آخر بعنوان الفرق بين القلب والعقل والفؤاد يتسق مع هذا المفهوم ، ويثبت ما تفضلت به تأسيسا على الفهم الناتج عن البحث في ماهية العقل والقلب والفؤاد.
          أما الكتاب الذي يعطى لكل مكلف والذي يستنسخ الله فعل المكلف ويريه إياه فهو مجرد تذكير بما كان منه فهو لن ينكر ما يقرأ ببساطة لأنه تذكر ما كان منه بعد قراءة الكتاب فيهيء الله له أن يستعيد استذكار ما وقع منه ، وإذا أنكر وجحد بجرمه ختم الله على فمه وجعل أعضاءه تشهد بما كان منه ، وبالتالي ففي اعتقادي أن المرء لا يتذكر ويسترجع ما كان منه فحسب بل يراه رأي العين حتى تقوم عليه الحجة ويقر بذنبه ولا يدخله شك بأنه حصل خطأ أو أسند إليه من الآثام مالم يأتِ ولم يرتكب.
          والله تعالى اعلى وأعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مشاركة

مقالات اخرى

ذو القرنين الذي أتاه الله من كل شيء سبباً (1)

كتبه : زائر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذكر ذي القرنين في سورة الكهف كجواب على أسئلة اليهود الثلاث التي أمروا كفار قريش أن يسٱلوها النبي كتحدي له وتعجيز فسألوه عن : الروح وعن فتية ذهبوا في الدهر الاول

المزيد »

دَعْوى مَشْرُوْعِيّة مُتْعَةُ النِّسَاء

  في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 [النساء] القائلون بوقوع

المزيد »